دوائر السياسة ومصلحتنا

عامر الفائق

حلقات السياسة عبارة عن دوائر زمبركية مخروطية الشكل .. دوائر صغرى ثم أكبر من أولاها ثم أكبر وأكبر حتى نهاية الزمبرك يؤثر في ويتأثر بالدوائر الأخرى .. ونهايته تعني أعظم دولة من دول النظام الدولي وهي الولايات المتحدة الأمريكية..
وما يجري في منطقتنا العربية من أحداث وسياسات ومواقف وحروب وغيرها ليست إلا امتدادا لدوائر تلك السياسة الكبرى للولايات المتحدة في العالم وغيرها من دول عظمى ..
إن المشروعين المطروحين للعالم العربي هما مشروعا إيران وتركيا أي المشروع التركي والمشروع الايراني ومن يتفحص فيهما قليلا يستنتج أن هذين المشروعين الاقليميين ليسا بمعزل عن سياسات دول العالم..
فمشروع مصاحبة السياسة الامريكية يترجمه المشروع التركي, أما مشروع معاداة سياسة الولايات المتحدة فيترجمه المشروع الإيراني ..
إن مصاحبة المشروع التركي يطالب مصاحبة السياسات الأمريكية في المنطقة والعالم .. وما يخبئ وراء هذا المشروع هو إرادة تقسيم المقسم من دول المنطقة إلى دويلات وأقاليم .. ويأتي هذا المشروع لمراعاة الولايات المتحدة لمتطلبات النظام الدولي الجديد للعشرين سنة القادمة وبمطالبات بعض الدول العظمى من دول الاتحاد الأوروبي والدول الصاعدة مثل روسيا والصين والهند بالمشاركة في الهيمنة على العالم وأخذ نصيبها من القوة والنفوذ ..
أما المشروع الإيراني وهو المشروع الرافع شعار المعاداة لسياسات أمريكا , يرفض موضوع التقسيم لكنه مع الأسف يحافظ على ترتيب الدول الحالي ودوائر السياسة للنظام الدولي القديم كما هو الآن أي أنه وبرغم معاداته لهيمنة الولايات المتحدة وتربعها على عرش النظام الدولي إلا أنه يحافظ على بقائها بالقمة أعلى دوائر السياسة المتدرجة ..
وبالرغم من ذلك فالتقسيم للاقلمة والديولة يقسم (الحاصل) من دول إلى هيمنات بين الدول العظمى (أكثرمن خمس دول) ويقسمها أي دوائر الزمبرك إلى دوائر صغرى تخضع لهيمنة هذه الدول بالمشاركة مع الولايات المتحدة..
لكن المحافظة على عدم التقسيم ومعاداة سياسات امريكا يصب في مصلحة الولايات المتحدة ويحافظ عليها أعلى هرم (الزمبرك) المقلوب..
يمكنني القول من مصلحة امريكا معاداتها بلا مصلحة معها ,, لكن مصلحتنا تقول نحن العرب والمسلمين أن نعاديها بمصلحة عدم التقسيم وكي نأخذ من سياسة النظام الدولي مايحقق ذلك في المشروع الايراني في المنطقة ..
أما المشروع التركي والذي تروج له المملكة العربية السعودية فهو مشروع الأقلمة لكن السعودية تحال ذر الرماد على عيون الامريكان وتعمل وفق الحكمة الأمريكية والتي تقول : إذا اردت أن تلغي قانوناً سيئا فعليك بتطبيقه بقوة .. ولأن المملكة موضوعة خريطتها الجيوبولتكية أمام هذه الخطة الأمريكية للتقسيم للأقاليم لكن السعودية الأن تقوم بشأن هذه الفكرة – فكرة الأقلمة – بضرب اليمن بعدوانها وتحاصرنا كي تقول للامريكان إن فكرة التقسيم في المشروع التركي الأمريكي لم ينجح في اليمن وبالتالي فإنه لايصلح للمملكة..
لكن السعودية والتي بدأت تفقد ثقتها بالولايات المتحدة هربت إلى حرب اليمن لتسقط مايخطط لها على اليمن واليمنيين لتنجو هي منه .. وتقول للغرب إنها مع المشروع لكن ليست أول المقسمين: أو تقول لن نقسم السعودية لكننا موافقين على جوانب المشروع التركي غير الجيوبولتيكية..
لكن الواقع يقول بأنه يجب على المملكة أن تخاف مواقف العالم حول سلوكها لأننا الآن أصبح بإمكاننا ملاحظة تغير موازين القوى وسقوطها في مستنقع اليمن .. وهذا مابدأ الترويج له في الإعلام الغربي الآن وذلك لم يعد خافياً على أحد .. كما عليها أن توقف العدوان على اليمن ومصاحبة المشروع الإيراني الروسي في المنطقة والذي يقوم على احترام سيادة البلدان وعدم التدخل في استقلال الشعوب وذلك سيكون من مصلحتها ..
أما إذا استمرت السعودية في سياسة أخذ القليل من كل اتجاه أو مشروع فإنها ستتفاجئ بأن اليمنيين قد انتصروا !!! وسيفاجئ ال سعود إلا وهم في بلاد المنفى يتجرعون الخزي والعار والهزيمة .

قد يعجبك ايضا