المتاجرة بالأوطان ليست معارضة !!
معروف درين
طبعاً الاختلاف سُنة كونية من سنن الحياة وهي مسألة مسلمٌ بها ولا خلاف عليها، وهنا أتذكر مقولة شهيرة لأحد فلاسفة ومفكري فرنسا الذي يقول: “إذا تطابق اثنان في الفكر والرأي فلا داعي لأحدهما كونهما عبارة عن أصل وصورة” ولولا الاختلاف الذي جُبلنا عليه لكانت مهنتنا واحدة وأذواقنا واحدة وملابسنا لوناً واحداً وكذلك لغتنا وثقافتنا واحدة، والاختلاف رحمة كما قيل وخصوصاً اختلاف العلماء..
فليس عيباً أن نختلف أو أن نعارض سياسة معينة وتوجهاً معيناً سواءً كان هذا التوجه من قبل أفراد أو أحزاب سياسية أو مؤسسات، فلكل منا الحق في الحرية في الرأي والتعبير واختيار ما يناسبه ورفض ومعارضة ما لا يتناسب معه ومع أفكاره ومعتقداته، ونتيجةً لهذا الحق وهذه الحرية رأينا صنوفاً من المعارضات والاختلافات في شتى دول العالم وعلى وجه التحديد المعارضات السياسية حيث نجد أن جل حكومات العالم الديمقراطي لها معارضة تشكل حكومات ظل تُنافس بها الحكومات القائمة في تقديم الحلول للمشاكل والأزمات وليس العكس وتعمل على تقييم مسار الحكومات في بلدانها لما فيه مصلحة الوطن ككل!!
نعم ليس عيباً ولا جرماً أن نعارض ونختلف الاختلاف الذي لا يفسدُ للود قضية ولا يتعارض مع الثوابت والمقدسات المتفق عليها، فليس من المعارضة الدخول في العقيدة والدين وليس من المعارضة تغليب المصالح الشخصية الضيقة على المصلحة العامة والانتقام من الوطن وأهله بحجة الانتقام من الخصوم السياسيين والتشفي بهم دون أن يدركوا أن ذلك ليس من المعارضة في شيء بقدر ما هو خيانة وجرم يرتكب بحق الوطن ومكتسباته.
وهنا أحب أن أتوقف عند من يدعون أنهم معارضة سياسية في اليمن ولا يروق لهم حكم المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله وتصرفاتهم، لا ضير أن يعارضوا وينتقدوا الأحزاب الأخرى التي في السلطة كما هو حال بلدان العالم ومعارضتها لأنهم بشر وليسوا ملائكة ولهم أخطاء لا شك في ذلك، فالمشكلة تكمن في معارضة من نوع آخر، فأي معارضة في العالم تجد الوطن يتعرض للعدوان والدمار وتقوم إلى جانب العدوان وتسانده على أبناء جلدتها، ألم يكن أجدر بهذه المعارضة أن تقف مع الوطن وتستنكر بل وتقاوم العدوان وأدواته كون الوطن فوق المعارضة وفوق الخصومات والمناكفات فهو يتعرض لخطر داهم ومؤامرات محدقة؟!
فللأسف الشديد كنا نحسب أن الأحزاب ذات البعد الديني والقومي هي الأكثر تمسكا بالوطن ومصالحه فكثير ما تتغنى برامجهم السياسية بذلك غير أن العدوان السعودي على اليمن في الـ26من مارس 2015م كشف زيف هذه البرامج وزيف معارضتهم وحبهم للوطن، فقد رأينا قيادة هذه الأحزاب تبارك هذا العدوان وتهتف باسم قادته المجرمين وكأنهم حرروا القدس العربي ولم يعتدوا على بلادنا ويقتلوا أطفالنا ونساءنا ويشردوهم ويدمروا كل مكتسبات الوطن وبنيته التحتية، فهل تدرك وتعي هذه القيادات القابعة في فنادق الرياض أن ذلك ليس معارضة بل متاجرة بالأوطان وخيانات عظيمة وجرائم وحشية وتأمر على اليمن ومشاركة في العدوان سنحاسبهم عليها, وسيلفظهم الشعب وأبناؤه الذي جازوه سوء الجزاء؟!
وما هكذا تورد الإبل يا معارضة آخر زمن!!
*كاتب يمني