خطر يهدد الأمن القومي العربي:
عواصم / وكالات
شهد التعاون العسكري بين الكيان الصهيوني والدول الإفريقية تطورًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، لاسيما مع دول القرن الإفريقي، فأصبح الكيان من أكثر الدول المصدرة للمعدات العسكرية خلال الأعوام القليلة الماضية، مستغلا الحروب والنزاعات في هذه المنطقة، فضلًا عن تنامي وصعود التنظيمات الإرهابية مثل بوكو حرام وحركة الشباب.
وتعول بعض الدول الإفريقية على الكيان الصهيونية في شراء الأسلحة، بمحاولة لتقوية نفوذهم في هذه المنطقة التي تعد لها استراتيجية مهمة جدًا، وعلى الرغم من أن أغلب الصفقات العسكرية تعد سرية، إلا أنه من حين لآخر تظهر تقارير في صحافة العدو الإسرائيلية تكشف عن بعضها.
ارتفعت صفقات السلاح الإسرائيلية مع الدول الإفريقية بشكل كبير خلال الأعوام القليلة الماضية، فمنذ عام 2009 كانت تقدر صادرات الأسلحة من الكيان الصهيوني إلى إفريقيا بنحو 77 مليون دولار، في حين وصلت صفقات السلاح في عام 2011م إلى 127 مليون دولار، وبلغت عام 2014م إلى مستوى غير مسبوق حيث أكدت صحيفة «صحيفة تايمز أوف إسرائيل» أن صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى الدول الإفريقية ارتفعت بنسبة 40% مقارنة بعام 2013م، وذلك وفقًا لبيانات وزارة الدفاع الإسرائيلية، وقدرت الصفقات بنحو 318 مليون دولار في إفريقيا، مقارنة بصفقات قدرها 223 مليون دولار وقعتها إسرائيل عام 2013م، والتي كانت مرتفعة طوال الوقت في السابق.
يوسي بن هاتان، رئيس دائرة التسويق في وزارة الدفاع الإسرائيلية، سبق وأن أعلن أن شركات الصناعات العسكرية الإسرائيلية وقعت عقودا تتجاوز قيمتها عشرات مليارات الدولارات خلال العقدين الماضيين، وصلت إلى أكثر من دولة في إفريقيا، حيث باعت إسرائيل السلاح لكل من كينيا وجنوب إفريقيا وجنوب السودان وزائير واثيوبيا واريتريا وغانا وأوغندا وسيراليون والمغرب.
وأكدت الدكتورة أماني الطويل المتخصصة في الشؤون الإفريقية أن أهداف السياسة الصهيونية في بناء علاقات عسكرية مع الدول الإفريقية، جاء على خلفية تقويض أسس ودعائم الأمن القومي العربي وخاصة المصري، وعددت الطويل العديد من العناصر الرئيسية والاعتبارات التي كانت ضمن الأهداف الصهيونية من تلك العلاقة.
وبحسب اللواء سعد الششتاوي، أكد أن من الأهداف الأساسية للسياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه إفريقيا هو تحقيق السيطرة والهيمنة الإفريقية من خلال تأمين متطلبات النمو الاقتصادي والتنمية الإقليمية وكذلك تحقيق التفوق العسكري والتوسع الإقليمي، لبناء قاعدة استراتيجية في إفريقيا.
ووفقًا للششتاوي، اعتمد الكيان الصهيوني على الدول الإفريقية التي تقع في حوض نهر النيل، والتي تعد من أهم أساسيات الأمن القومي العربي، المستهدف الأساسي من قبل الاستراتيجية الإسرائيلية، ويتضح ذلك من خلال تركيز الكيان الصهيوني على دول إفريقية معينة مثل إثيوبيا.
الكونغو
كما ازدهر التعاون في المجال العسكري بين الكونغو وإسرائيل في تسعينات القرن الماضي، وسعى الكيان الصهيوني منذ نشأته إلى التقرب من الكونغو الديمقراطية وربطها بعلاقاتها السياسية، وتتولى بعثاته تدريب الجيش الكونغولي، ويحصل ضباطه على دورات عسكرية تأهيلية في إسرائيل.
ونشرت تقارير في وقت سابق أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قام في عام 2001م بتدريب وحدات من الحرس الرئاسي الكونغولي وتسليحه، ووصل إلى إسرائيل ما بين 30 و40 ضابطاً كونغوليًا لتلقي دورات أكاديمية في مكافحة الإرهاب.
إريتريا
ورغم دعم العدو الإسرائيلي الكبير لإثيوبيا في حربها ضد إريتريا قبل الاستقلال، إلا أن ذلك لم يمنع الكيان الصهيوني من استقطاب إريتريا مرة أخرى إلى التعاون مع إسرائيل، فبعد الاستقلال عام 1993م، دعمت إسرائيل أسياسي أفورقي، الرئيس الإريتري حين ذاك، وتحولت إريتريا من ذلك الوقت إلى أقوى حليف استراتيجي لإسرائيل، حيث يعمل بها 650 ضابطًا إسرائيليًّا في تدريب قواتها، كما حصلت على حق استخدام جزيرة «دهلك» لأغراض عسكرية.
وفى فبراير 1996م وقع الكيان الصهيوني على اتفاقية أمنية لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، ووضع إستراتيجية موحّدة في البحر الأحمر، وطبقَا لصحيفة «صانداي تايمز» فإن الاحتلال الإسرائيلي يتحكم في قواعد عسكرية بإريتريا، يستخدمها للتنصت ولتزويد غواصاته باحتياجاتها اللازمة المتعلقة بالوقود والاحتياجات العسكرية.
جنوب إفريقيا
تداولت الصحف الإسرائيلية تقارير أمنية في الفترة الأخيرة، كشفت النقاب عن أن نظام الأبرتهايد في جنوب إفريقيا كان أكبر الزبائن وأهمها للصناعات الأمنية الإسرائيلية، ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة هآرتس الصهيونية فإنه في الوقت الذي فُرضت على جنوب إفريقيا عقوبات اقتصادية، ورفضت الدول الغربية تزويدها بأسلحة متطورة، لم يتردد الكيان الصهيوني في التعاون مع جوهانسبرج.
ونتج عن هذا التعاون صفقة عسكرية تعد الأكبر في ذلك الوقت، حيث تم التوقيع عليها في العام 1988م، وقام الكيان الصهيوني ببيع نحو 60 طائرة من طراز كفير التي لم يكن يستخدمها سلاح الاحتلال في ذلك الوقت، وبعد إدخال عملية تطوير أساسية فيها بدأ جيش جنوب إفريقيا في استخدامها، وبلغت قيمة الصفقة إلى 1.7 مليار دولار.
جنوب السودان
وفي نفس الإطار شهدت العلاقات الإسرائيلية السودانية، خاصة فيما يتعلق بالتعاون العسكري تطورًا ملحوظًا، ففي الشهور الأخيرة سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشر كتاب يسلط الضوء على دور الموساد في دعم كافة الحركات المسلحة في جنوب السودان، بالإضافة إلى جيش جنوب السودان عسكريًا، وقد سمحت الرقابة العسكرية في تل أبيب مؤخرا بصدور كتاب جديد يحمل اسم «مهمة الموساد في جنوب السودان»، يكشف عن تفاصيل تدخل جهاز الاستخبارات والعمليات الخاصة الموساد، في عملية تقسيم السودان وبناء القوة العسكرية والاقتصادية للانفصاليين الجنوبيين منذ ستينيات القرن الماضي وحتى انفصال جنوب السودان رسميا في يوليو 2011 م الذي يعد حسب الكتاب إنجازا إسرائيليا ونجاحا خاصا للموساد.
وفي الوقت نفسه كشفت صحيفة «هآرتس» الصهيونية العام الماضي عن أن وفدا رسميا من جنوب السودان، برئاسة وزير المواصلات، كان قد زار معرض الأسلحة الإسرائيلي في تل أبيب، كما زار وفد آخر قبل نصف سنة، معرض أسلحة آخر، مخصص للدفاعات المدنية، وأقيم بمبادرة وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية.
إثيوبيا
ترى إسرائيل أديس أبابا محطة إستراتجية هامة في محيط دول القرن الإفريقي، فحاولت تل أبيب منذ نشأتها أن تضع موطئ قدم لها في هذا البلد الإفريقي ليكون لها نفوذ فيه، خاصة وأن أديس أبابا من دول منابع حوض النيل ذات البعد والعمق الاستراتيجي.
وفي أواخر العام الماضي ظهر تعاون ملحوط بين إسرائيل وإثيوبيا في المجال العسكري، إذا زار وفد مكون من 50 ضابطاً ومتخصصاً إسرائيلياً إثيوبيا من أجل بعض الأهداف المتعلقة بتدريب الجيش الإثيوبي.
وبالرجوع للتاريخ بدأ التعاون في 1966م، فأصبح لإسرائيل وفدا عسكريا يتواجد بشكل دائم في إثيوبيا، يتكون من 100 ضابط وقائد عسكري إسرائيليا، وقامت تل أبيب بتدريب وتأهيل القوات الخاصة للجيش الإثيوبي، خاصة في صراعها مع قوات الحركة الوطنية الإريترية، في عام 1974م اندلعت حدة القتال بين إثيوبيا والحركة الوطنية الإريترية، فعادت إثيوبيا مجددا لطلب الدعم من إسرائيل، فتم إبرام صفقة سرية بين إثيوبيا وتل أبيب، عام 1977م يتم بمقتضاها أن تسمح إثيوبيا بتهجير اليهود لديها إلى إسرائيل مقابل صفقة سلاح إسرائيلية ضخمة، ووصل 200 يهودي إثيوبي بالفعل إلى إسرائيل خلال الفترة الأخيرة.
نقلا عن موقع البديل المصري
Prev Post