عذراً جار الله عمر !!

لا أنكر أني كنت أول من انتقد المناضل الكبير الشهيد المغدور / جار الله عمر ، عندما بدأ الحوار مع حزب الإصلاح بعد أشهر فقط أنتابتني دهشة وأحسست بسعادة غامرة عندما حضر المرحوم إلى أحد المقايل ومعه قيادي إصلاحي محسوب على الجناح المتطرف طالما تبنى العداء المطلق للحزب الاشتراكي والبعث والناصريين ولجار الله عمر على وجه الخصوص، إذ سمعته في خطبة يحرض على المرحوم ويبيح دمه بدعوى أنه ارتد عن الإسلام واعتنق الإلحاد، في ذلك اللقاء وجدت أمامي رجلاً آخر يتحدث عن المرحوم بإكبار وإجلال ، التحول  أبهجني وبعث الأمل في نفسي تفاءلت بالمستقبل الصورة لامست الرغبة الصادقة عندي والأفكار التي طالما ناقشتها مع المرحوم والدكتور الشهيد محمد عبدالملك حول أهمية إذابة الجليد بين القوى السياسية ودفعها إلى تجاوز الخلافات والتمترس في خندق الوطن بعيداً عن التحشيد العشوائي الذي يثير النعرات أو يراهن على العضلات وبريق المال أو توظيف الدين لخدمة رغبات ومصالح ذاتية بأسلوب تعسفي يحاكي البعد الإيدلوجي المنغلق، بعد أكثر من لقاء اقتنعت بالفكرة إلى أن حل ذلك اليوم المشؤوم الذي أخترقت رصاصات الغدر جسم الشهيد جار الله عمر النحيل، ونالت من قامته الباسقة، أيقنت أننا لا نزال نراوح في نفس المكان أسلوب الاغتيال ، والزمان والمكان وخلفية الجاني بدد بداخلي الأفكار الجميلة وعرفت أن ذلك الإصلاحي قال ما قال من باب التقية . ما يحز في نفسي أيها المناضل الجسور أن عدداً من رفاقك في ذكرى رحيلك الثالثة عشرة خانوا العهد وتنكروا للمبادئ السامية خضعوا لإرادة العدو التاريخي الذي طالما حذرت من مراميه الخبيثة .
للأسف الرفاق باعوا كل شيء بثمن بخس ، وارتضوا بأن يكونوا  مظلة تبرر وتشرعن العدوان الهمجي السافر الذي يستهدف اليمن الأرض والإنسان .
كل شيء يُدمر، والسيادة تنتهك والكرامة تهان والأطفال والنساء والشيوخ يقتلون بين لحظة وأخرى والرفاق يصفقون ويتحدثون عن البوليتار والحريات ومكاسب الطبقة العاملة في فنادق الرياض وفي الساحة المجاورة للسكن يتم الجلد وإعدام أصحاب الرأي. من المفارقات العجيبة أن الشخص الذي انتقد حوارك مع الإصلاح بشكل دائم ظهر اسمه في كشوفات اللجنة الوطنية التي تضم عملاء ومرتزقة السعودية لازلت أذكر ردك الحاسم عليه في أحد الأيام ، اطلت الحكمة ومعاني المواطنة الصادقة من ثنايا وجهك وأنت تقول “الإصلاح حزب يمني” ، البديل أن نتركه يرتمي أكثر في أحضان السعودية يترجم خططها الإجرامية إلى واقع عملي.
عذراً أيها الشهيد هؤلاء أفرطوا في السفه وباعوا الوطن بثمن بخس ورهنوا أنفسهم للباطل .
عذراً يا من آمنت بالوطن وحملت لواء الدعوة إلى بناء الدولة اليمنية الحديثة وحملت مشروع التنوير في زمن مبكر مع رفيق دربك المفكر وداعية الحقوق والحريات الشهيد الدكتور/ محمد عبدالملك المتوكل رحمة الله عليه ، فلقد شرب من ذات الكأس من قبل نفس القوى الظالمة .. عندما وسعت تحالفها مع قوى التسلط والهيمنة والقوى التقليدية المتكئة على المال المدنس وتسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى إجهاض أحلام اليمنيين من العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة … الخوف من العدوى وانتقال الفكرة دفعها إلى زراعة التطرف والإرهاب وتجنيد المرتزقة والعملاء وشذاذ الآفاق من التكفيريين في شكل أحزاب أو جماعات أو أشخاص للإمعان في التآمر .
وفي المقدمة تصفية حملة الفكر ومشاعل النور وكل من يدعو إلى السيادة والاستقلال ابتداء من المرحوم / إبراهيم الحمدي وبعده الكثيرون من شرفاء هذا الوطن .
مع ذلك أطمئن أيها الشهيد الخالد في ذاكرة كل مواطن يمني شريف ستظل رأية الحق خفاقة وسيسقط العملاء ويندحر الأعداء على يد الميامين من أبناء هذا الوطن فنم قرير العين في عداد الشهداء الأحياء عند ربهم .. آمين يا رب العالمين ..

قد يعجبك ايضا