وأنا في مصر

نبض

منذ أشهر وأنا أعيش في مصر، مصر التي طالما أبهرتني ورضعت حبها منذ نعومة أظافري ، مصر الأستاز حمادة الذي علمني الأبجدية ومن تلاه من أساتزة حرثوا أم رأسي وبذروا فيه علما وثقافة ونصايح وخفة دم، مصر التي عوضتني عن حنان والدتي الجبلية القاسية بأمينة رزق وكريمة مختار .
مصر الثقافة والأدب التي أروتني وكونت ذاتي بمؤلفات عظمائها الخالدين من البارودي وصولا إلى يوسف إدريس.
مصر التي شغفتني بفنونها وجمالها وسحرها فغرقت في نيلها  تحت وقع النغم الخالد أم كلثوم والغنج الفاتن ميرفت أمين وقهقهات الريحاني وعادل إمام .
مصر العروبة التي أصغت سمعا لخطابات زعمائها فشعرت أنني عربي وأن من حقي أن أرفع رأسي أمام العالم وأضع أصبعي في عين أم أمريكا وإسرائيل.
مصر التي تسلطنت وتسرطنت خياشيمي برائحة الحبر الصادر من صحافتها روز اليوسف وصباح الخير والأهرام وآخر ساعة والمصور والأخبار والجمهورية وإصدارات دار الهلال والشياطين ?? .
مصر التي في خاطري وأذهلتني وفعلت بي فعالها العجيبة ، أجدني اليوم على أرضها كطفل عاد لحضن أمه التي اشتاق لها قبل أن يراها وهام بها عشقا لأسباب غير اعتيادية.
وجدتني محكوما بالقول الشهير “ياغريب خليك أديب” ، وقول آخر غير بعيد مفاده أنك أحمق بجدارة إذا زرعت في أرض لا تملكها أو راعيت أولادا لم تنجبهم .
كنت واقفاً في طابور طويل في “المجمع” حيث الشبابيك الزجاجية قذفت في وجهي شروط الإقامة في مصر لغير الخليجيين ! تذكرت منير وأغنية شبابيك ، وكيف خنقني سائق التاكسي بأغنية “هاتي بوسه يابت” والسؤال الخطير عن الفرق بين “اليمني” و”الحوسي” !

قد يعجبك ايضا