السكان يطلبون حلولاً..

350 محطة تعبئة غاز.. يتربص خطرها بأحياء العاصمة صنعاء
تحقيق – وائل الشيباني
محطة تعبئة غاز في حي سكني مكتظ ماذا سيحدث لو انفجرت؟ هذا هو السؤال الذي يدور في أذهان الكثيرين ممن شاهد تلك المحطات بجوار المنازل السكنية .. استفهام يحفه الخوف الشديد من إمكانية حدوث كارثة، خاصة وأن صواريخ العدوان لا تميز بين حي سكني وبين موقع عسكري، وبهذا تحولت محطات الغاز في تلك الأحياء من خدمة إلى مشكلة في نظر كل من يعيش أو يعمل بقربها وما يزيد الطين بلة هو معرفة أن غالبية تلك المحطات لا تتوفر فيها أدنى معايير السلامة ويضاعف من تلك المخاطر وجود نحو 11 ألف أسطوانة غاز شهرياً تحتاج للصيانة ويتم تداولها دونما رقابة..
انتشرت في الآونة الأخيرة محطات تعبئة الغاز المنزلي والسيارات بشكل لافت ومخيف مما أثار موجة من الاستياء لدى المواطنين الذين يعيشون أو يعملون بالقرب منها بسبب بسبب خوفهم الشديد من تعرضهم للأذى إذا ما قدر الله وانفجرت، خاصة وأنها تفتقد لأدنى معايير للسلامة، والبعض منها يقع بالقرب من أماكن احتمالية تعرضها للقصف والتي هي مسألة واردة.
الحاج عبده الحرازي لم يخف استياءه الشديد من إنشاء محطة لتعبئة الغاز بالقرب من بينه وعلق على ذلك بالقول: “احنا بندعي ليل نهار أن الله يخارجنا من قصف الطيران حق المعتدين لايوصل صاروخ للحارة أو للبيت يقتل كل الأسرة وما درينا إلا وهذا طابع والديه فعل لنا محطة لو قرحت لا تطايرنا أشد من قارح الصاروخ ما عاد درينا من عدونا الطايرات والقصف الذي لا يفرق بين مدرسة وبيت أو هذا صاحب المحطة”..
بهذه الكلمات وبصوت مرتفع كان الحاج الحرازي يتحدث معي بعد أن سألته عن رأيه في وجود هذه المحطة أمام منزله.
وطالب الحرازي أصحاب تلك المحطات بتغيير مواقعها بعيداً عن المنازل لأن بقاءها يعني خطراً داهماً يهدد الجميع.
من المؤكد استغلال أصحاب تلك المحطات للظروف الراهنة التي تمر بها البلد.. وهذا مايبدو واضحاً في تنامي إعدادها وبشكل مخالف للنظم المعمول بها خصوصاً إجراءات السلامة.
وهذا ما يبدو جلياً أثناء النظر في طريقة بنائها مما قد يعرض حياة السكان للخطر فهي كالقنبلة الموقوتة التي قد تنفجر في أي وقت وتدمر كل شيء حولها.
ياسر الشدادي محاسب مالي في إحدى الشركات يقول: هذه المشكلة كبيرة ولها أخطار عظيمة في حال عدم تداركها واتخاذ الإجراءات اللازمة والضرورية لحلها.
ولم يختلف معه كثيراً في الرأي عماد الشرعبي “اسم مستعار” صاحب بقالة تقع بالقرب من محطة تعبئة الغاز حين قال: أشعر بالخطر من هذه المحطة التي تقع بالقرب مني وحين يقع القصف بالقرب من منطقة نقم أخاف أن تصل إحدى الشظايا إلى هذه المحطة المفتوحة في الهواء الطلق والتي قد تنفجر فتؤذينا جميعاً وحينها لا ينفع الندم ويتمنى من الجهات المختصة أن تمنع انتشار تلك المحطات أو أن تلزمها بإجراءات للسلامة فحياة المواطنين ليست لعبة بيد هؤلاء الذين لا يفكرون سوى بالربح المادي فقط.
“الحامي هو الله”
توجه معد التحقيق بالسؤال لأحد أصحاب المحطات المتواجدة في حي نقم بالقرب من منازل المواطنين وسألته بشكل مختصر: إذا انفجرت المحطة في أي وقت ماذا سيحدث للمنازل التي أمامك والمحلات التجارية والمارة؟ فرد علي بعد أن ظهرت في وجهه علامات الاستياء: “أنت أيش دخلك ربي هو الحامي وعيحرسنا من عنده”، وأضاف: طائرات العدوان تقصف في كل مكان وتقتل براحتها سيروا امنعوها بعدين تعالوا حاسبونا.
وهذه الإجابة نفسها تقريباً قالها صاحب محطة أخرى لتعبئة الغاز المنزلي لا تبعد عن الأولى سوى مائة متر أو أكثر قليلاً بعد أن سألته نفس السؤال فرد على قائلاً: قبل السؤال عن ماذا ستفعله المحطة إذا ما انفجرت اسأل نفسك ما فعلنا نحن حتى نموت بدون أي ذنب بسبب القصف الذي استهدف مدنيين في منازلهم.
ومضى يقول: الموت هذه الأيام يوزع بالمجان وإذا لم نمت بسبب انفجار المحطة كما قلت لي سنموت بأي سبب آخر فالحرب لا ترحم أحداً.
هكذا أًصبحت الحرب مبرراً لأي شيء حتى العبث بحياة المواطنين.
“تحذيرات مسبقة”
حذرت وزارة الصناعة والتجارة مسبقاً من منح تصاريح إنشاء محطات لبيع الغاز المنزلي والسيارات دون استيفاء الشروط الفنية ومعايير الأمن والسلامة.
ودعا وكيل الوزارة لقطاع التجارة الداخلية عبدالله عبدالولي نعمان الجهات المختصة بوزارة النفط وأمانة العاصمة إلى تنسيق الجهود المشتركة مع وزارة الصناعة بما يضمن استيفاء محطات بيع الغاز التي بدأت في الانتشار في الشوارع العامة والأحياء السكنية للشروط الفنية ومعايير الأمن والسلامة لتفادي حدوث أي كوارث أو عواقب مستقبلية.
وأكد أن إصدار التصاريح بإنشاء محطات بيع الغاز متوقف بناء على قرار رئيس الوزراء عام 2012م.. وذلك نظراً للكم الهائل منها بأمانة العاصمة وعواصم المحافظات ولعدم التزامها بجودة المعايير الدولية وأدوات الأمن والسلامة.
موضحاً أنه على مدى ثلاثة أعوام ماضية لم يصدر أي تصريح رسمي من الجهات ذات العلاقة بإنشاء محطة غاز.. إلا أن هناك ما يقارب “350” محطة منتشرة بأمانة العاصمة لم تتمكن الجهات المعنية من ضبطها في ظل الوضع الراهن الذي تشهد فيه اليمن عدواناً سعودياً بربرياً.
“خطر الأنابيب التالفة”
مدير عام الإدارة الفنية بشركة الغاز أحمد الحداد يؤكد بأن هذه المحطات التي انتشرت في الآونة الأخيرة باتت مصدراً للخوف لدى الكثيرين، كما أنها تشكل خطراً كبيراً عليهم وقد شكا لنا سلفاً الكثير من المواطنين الخائفين من انتشارها بالقرب من منازلهم وأماكن عملهم.
وبدورنا حررنا مذكرات للجهات المختصة بضبطها لكن لم يحدث شيء”.
الحداد الذي يصف الظاهرة بالخطر الداهم قال متابعاً: الوضع الراهن الذي تمر به البلاد يقف وراء انتشار هذه المحطات التي تشكل كارثة محتملة على سكان العاصمة صنعاء.
ويضاعف من خطر هذه المحطات وجود أسطوانات غاز تالفة تشكل هي الأخرى قنابل موقوتة.
وبحسب إحصائية سابقة لشركة الغاز فإن لديها أكثر من أربعة ملايين أسطوانة غاز تالفة ويحتاج بعضها إلى صيانة والبعض لم تعد صالحة للاستخدام، وكذا الصيانة.
وطبقاً لشركة الغاز فإن الشركة كانت تقوم في الأوضاع الطبيعية بصيانة ما يقارب 11 ألف أسطوانة شهرياً واستيراد ما يقارب ثمانية آلاف أسطوانة أخرى واستبدالها بالتالف شهرياً.. ليصل إجمالي المعاد صيانتها والمستوردة في السنة إلى ما يقارب 300 ألف أسطوانة.
وفي ظل وجود هذه المشاكل الخطرة وعدم وجود حلول فورية وعاجلة من قبل الجهات المختصة تكون العاصمة صنعاء تحت الخطر في أي لحظة.
“توقيف المخالفين”
اللجنة العليا للطوارئ في أحد اجتماعاتها برئاسة العميد عبدالكريم معياد –القائم بأعمال رئيس مصلحة الدفاع المدني- وبحضور عدد من ممثلي الوزارات أعضاء اللجنة، استمعت إلى تقرير وزارة الصناعة والتجارة حول انتشار محطات تعبئة الغاز وبشكل مخيف وبأعداد غير مدروسة وبدون تراخيص من أي جهة حكومية حيث تم رصد أكثر من 300 محطة جديدة في أمانة العاصمة وحدها.
ووجهت لجنة الطوارئ بعد أن استمعت لتقرير وزارة الصناعة الجهات المعنية بضبط المحطات الغازية وإحالة أصحابها إلى الجهات المختصة.
ومن ناحيته توعد العميد معياد: “بإغلاق المحطات غير الرسمية أو الرسمية من التي تشكل خطراً حقيقياً 100% على المواطنين، وتزويد المحطات الأقل خطراً بأدوات الأمن والسلامة بنسبة 200% للتحفيف من خطورتها على المجتمع”.. مؤكداً بأنه كل ما توفرت أدوات الأمن والسلامة بشكل أكثر كل ما كان الخطر أقل بكثير.
كما كشف العميد معياد عن الإجراءات التي ستتخذها لجنة الطوارئ ومصلحة الدفاع المدني بحق المحطات المستوفية لشروط البناء والموقع وأدوات الأمن والسلامة.
وقال: من لا تنطبق عليها بعض الشروط، لكن المحطة والمربع المتواجدة فيه بحاجة إلى بقائها وتشكل أقل خطورة أو نسبة معينة من الخطورة سيلزم أصحابها بتوفير وسائل الأمن والسلامة المطلوبة وفق اللائحة وإضافة كمية مماثلة منها لمواجهة أي أخطار ومنحها تراخيص بعد ذلك، بينما المحطات التي تشكل خطراً كبيراً ولا يمكن معالجتها سيتم إغلاقها أو نقلها إلى مواقع أخرى.
أخيراً..
في كل الأحوال لا زالت محطات تعبئة الغاز متواجدة في الأحياء ولا زال المواطنون يخافون من تواجدها خاصة وأن غالبيتها تفتقد لمعايير الأمن والسلامة ولا يوجد أي ضمان لعدم انفجارها في أي لحظة في حال استمرت طائرات العدوان بالقصف الجوي المستمر الذي قد يعرض تلك المحطات للانفجار ليبقى المواطن بانتظار توقيف تلك المحطات وإلزامها بإجراءات الأمن والسلامة من قبل الجهات المختصة.

قد يعجبك ايضا