تفاصيل هندسة المقابر الأثرية كما تركها القتبانيون

كتب/ أنور محمد الحاير –
يعتبر موقع حيد بن عقيل هو مقبرة مدينة « تمنع « نقبت فيه البعثة الأمريكية لدراسة الإنسان في عامي ( 1950 – 1951 م ) ضمن حفرياتها في مدينة « تمنع « ـ هجر كحلان ـ وتقع على شمال مدينة « تمنع « وعلى بعد نصف ميل منها .شيدت المقبرة على الجانب الغربي لجبل صخري قاحل وبالقرب من قاع الجبل الذي اكتشفت فيه البعثة مبنى من اللبن أنشئ على أساسات حجرية بقى منه ارتفاع حوالي ( 6 أقدام ) ويعود تاريخه بحسب النقش الذي وجد فيه إلى القرن السادس قبل الميلاد .تحتوي المنطقة على قبور مبنية بالأحجار تحت مستوى سطح الأرض وهي بأشكال وحدات مربعة تقريباٍ وتمتد من الجدران الجانبية لها حواجز متوازية تقسم القبر إلى غرف صغيرة عرضها حوالي ( 30 بوصة ) وطولها ( 6.5 قدم ) يتوسط الممر الغرف الواقعة على جانبه وتنقسم كل غرفة إلى جزئين علوي وسفلي بواسطة لوح أفقي يقوم مقام المشكاة لدفن الموتى تعرضت جميع المقابر للنهب في الماضي ولم يعثر على أية معثورات سليمة تماماٍ وقد تم اكتشاف عقد ذهبي يحتوي على سلسلة وقلادة هلالية كما عثر على أعداد كبيرة من التماثيل المصنوعة من المرمر كرؤوس للرجال والنساء يعـود تـاريخ هذه المقبرة إلى مطلع ( الألف الأول قبل الميلاد ) وانتهى الدفن فيها ( في القرن الأول الميلادي) .

بعد أن غادرنا موقع هربت الأثري واصلنا رحالنا إلى موقع أثري أهم وأكبر في محافظة شبوة إنه المقبرة الأثرية لتمنع عاصمة مملكة قتبان وذلك في يوم الثلاثاء الموافق 21/11/2006م كان وصولنا إلى مدينة تمنع عاصمة مملكة قتبان العصر وبالتحديد إلى موقع المقابر الأثرية في حيد بن عقيل وهي تتبع المدينة لقد غادرنا الباصات التابعة للجامعة وعددها (2) متوسطة الحجم وبجوار الباصات قام الدكتور/ عبد الغني الشرعبي رئيس قسم الآثار ذلك الوقت بإلقاء كلمة قصيرة عن موقع المقبرة وقدم لنا الدكتور / عبدالحكيم شائف كمختص في دراسات المقابر القديمة ليكون مرشدنا ويكرمنا بشرح عن هذه المقابر ( مقبرة _ حيد بن عقيل ) على الأمر الواقع ومن ثم دخلنا موقع المقبرة مشياٍ على الرمال وأول ما شاهدنا نوعية تلك القبور التي هي عبارة عن حجرات معمارية تشبه غرف السكن إلا أنها مقسمة إلى عدة أجزاء ولها ممرات ومداخل ومقسمة تصاعديا إلى أرفف أشبه ما تكون اليوم مثل ثلاجة الموتى أي يوضع الميت الواحد فوق الآخر تفصل فيما بينها بلاطات حجرية ويصل عدد الجثث في الخانة الواحدة من 3- 5 تقريبا لاتزال بعض الأرفف كما تركها القتبانيون تكشف عن أساليب الدفن وكيف كان يتم بناء القبور الجماعية ذلك الوقت اشار الدكتور / عبد الحكيم شائف إلى أن المقبرة هي تابعة لتمنع التي تقع بالجهة الشمالية الشرقية منها وقتبان كانت على مصب وادي بيحان وعاصمتها ( تمنع ) وهي العاصمة الأولى والعاصمة الثانية هي ( مدينة هجر بن حميد ) عندما دمرت العاصمة الأولى تمنع استخدم القتبانيون العاصمة الثانية واستحدثوها وهي هجر بن حميد وأضاف أن البعثة الأمريكية والبريطانية التي عملت فيها من عام 1951م إلى 1952م ولأن البريطانيين كانوا محتلين اليمن الجنوبي سابقاٍ الأمر الذي جعل من السهل تسجيل أكثر المواقع الأثرية بأسماء ضباط بريطانيين مثل (قنا) وغيره في عام 1960م والبقية سجلتها البعثات الأمريكية التي شملت منطقة المقبرة والتي لازالت محاطة بـ (سياج حديد) وقد كشف عن معبد ( رصفم ) والذي وجد فيه نقوش وأيضاٍ بقايا أساسات لأعمدة وأساس داخلي وعثروا على بئر جوار المعبد الذي يقع شمال مقبرة حيد بن عقيل وقد حفر البيت(القصر) الذي هو دائري ويعتبر المعبد الجنائزي ملحقاٍ وتخطيط المقبرة بسيط غير منتظم الشكل وبالنسبة لعمل البعثة التي كانت تعمل في الموقع وقد نشرت نتائج اعمال الحفر والتنقيب في مجلة علمية امريكية لا أذكر أسمها والغريب في الأمر أن طلاب الآثار يعانون من صعوبة الحصول على نشر نتائج الحفريات لجميع البعثات والتي تنشر بشكل كيفي متى يشاؤون دون مراعاة اهتمام الطلاب والباحثين لها وإن نشرت فلا تكون كاملة وإنما قليلة وناقصة. هذه المقبرة ذات أسلوب معماري فريد تتكون من غرفة إلى غرفتين عكس عمارة المساكن في عمارة المباني الجنائزية ويتوسط هذه الغرف ممر طولة من 6 إلى 8 أمتار تقريبا ويكون عرض الممر من 1-80-90سم تقريبا وتوضع الجثة الأولى وبطول الجثة وفوقها ثلاث جثث يغطى القبر الأسفل بألواح حجرية ثم يوضع فوقها الميت الثاني ثم يغطى بالواح حجرية وهكذا حتى سقف الحجرة وطريقة وضع الميت كان يدخل بشكل ممتد وتحت ظهره خمس بلاط وفوقه خمس بلاط حجرية حيث استخدموا الخامة الموجودة والمتوفرة في المنطقة وكان القبر من الداخل مبلطاٍ بالقضاض وارتفاعه ( 80-90سم) تقريبا وبالنسبة لتشابه المقابر فهي مختلفة منها مبني بشكل مستطيل يقسم لغرف صغيرة وتقسم الغرفة الواحدة إلى بلاطات ويوجد ممر ببلاطات حجرية ويوحد مدخل لكل مبنى وكان الجزء الخلفي أو أي جهة غالباٍ ما يستخدم جزء لمقبرة أخرى وكانت طقوس الدفن للميت أن يوضع إلى جواره الأدوات الجنائزية فخارية وشواهد قبر للوجه على قطع حجرية باسمه لإيمانهم بالبعث وأنه المكان الأبدي ويوجد تماثيل عليها نقوش والمقابر مدمرة لأنه في القرن الأول الميلادي هاجمت مملكة حضرموت تمنع وأحرقتها بمقابرها وقد ظلت المقابر مستودعاٍ للقبائل التي شاهدنا آثار اعمال التخريب فيها واضحة المعالم كانت أعمال الحفر والتنقيب فيها موسمية متكررة من البعثة الامريكية ( ران ميكل – وامتان كفرون ) .وفي الحفريات الأخيرة عثرت البعثة المنقبة على مواد القرابين وتماثيل لرؤوس للمدفونين منحوتة بشكل فني بديع ويوجد عنصر نسائي من ضمنها وأهم النتائج التي عثرت عليها البعثة تمثال ( مريم ) يعكس فن النحت كذلك عثر على عقد منقوش بالمسند من الذهب وقد قسمت ووزعت (يا آسفاه ) المعثورات مع جامعة باليابان فكان أي شيء يعثر عليه يتم تقسيمه وأيضا تتقاسم البعثة المنقبة في الموقع كل المعثورات مع الكنيسة فرجينيا لأنهم ساهموا بدعم هذه البعثات فقد منحت بعض هذه المعثورات لمن يدعم البعثة مع تسليم جزء للمتحف اليمني(إلى ما يحتاجونه !!) والبريطاني أيضا عثرت البعثة ذلك الموسم على معثورات جنائزية متنوعة وكان يوجد نوع من الزخرفة على القصر من الداخل بالنسبة لطريقة الدفن فقد شاهدنا بعض الآثار والتي يتضح من خلال ذلك أنه كان ممتداٍ وأحيانا كان يوضع عينات بخور بجوار المتوفي وهذه المقابر جماعية والتخطيط للغرفة التي لها ممر يكون 16 موضعاٍ في ثلاثة أماكن ويكون عدد القبور داخله يصل إلى 54 قبراٍ لأسرة واحدة ولم يتم التعرف على أسلوب الدفن من قبل البعثة الايطالية مع أنها وجدت جثة كاملة ممتدة إضافة إلى مواد قرابين وشواهد قبور والذي من خلالها اكتشف تخطيط المقابر بشكل شبه كامل .
أهمية المقبرة: إنها مبنية على منحدر صخري استخدمت أحجار صلل لأغراض البناء ولا يوجد نقوش تتحدث عن نهب القبور ويوجد بقايا سور بحوالي 20 متراٍ تقريبا بالجهة الشمالية للمقبرة كذلك شاهدنا ذلك اليوم نقشاٍ على لوح حجري تعرض للتلف بسسبب إهمال البعثات وعدم جمع النقوش واللقى المبعثرة على سطح الموقع حتى وإن اتلف في مخازن ذلك النقش طبعاٍ( 80 × 30 سم ) وأهمية النقش من خلال مشاهدتنا إنه على أحد أجزائه آثار نحت لقدمي إنسان أعتقد أنها بقايا قاعدة تمثال والنقش يتحدث عنه. بعد حوالي ساعة ونحن نمشي في جميع أرجاء الموقع غادرنا وتركناه كما شاهدناه بعد أن التقطنا الصور ودون كل طالب ما شاهد من الآثار العريقة في القدم ذلك اليوم بنوع من الدهشة والافتخار لهذا الإرث الحضاري النادر متجهين إلى محطة وموقع أثري آخر أهم وأكبر إلى تمنع عاصمة مملكة قتبان والذي كان وصولنا إليه ذلك اليوم تمام الساعة 4:15 بعد العصر …

قد يعجبك ايضا