يكتبها اليوم / أحمد يحيى الديلمي

مشروع إبراهام !!؟

 

بدأت الأمور تتضح و تتجلى الحقيقة من خلال التصريحات المتبادلة بين الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الكيان الصهيوني النتن ياهو، فالأول قال بالحرف الواحد « أن عدد من الدول كانت على وشك الانضمام إلى مشروع إبرهام لمن لا يعرف هذا المشروع هو اختصار لما يسمى بالديانة الإبراهيمية .

نعود إلى كلام ترامب حيث قال، أن إيران وقفت حائلاً أمام ذلك، فأوضح بما لا يدع مجالاً للشك أن العدوان الهمجي السافر على إيران لم يكن سببه كما يُشاع السلاح النووي، وإنما كان الهدف كسر شوكة هذه الدولة التي لا تزال تحتفظ بمبدأ الدعم والإسناد لقضية العرب والمسلمين الأولى قضية الشعب الفلسطيني، بعد أن حاول الأمريكان والصهاينة محوها حتى من ذاكرة بعض القادة العرب وانحراف البوصلة باتجاه العدو المزعوم إيران، كما هو حال إعلام الخليج وبعض الدول العربية كلها تتحدث عن إيران باعتبارها مصدر الخطر على العرب والمسلمين أكثر مما تتحدث عن العدو الصهيوني، بل إنها تجعل للعدو الصهيوني مكانه خاصة وتعتبره المنقذ، وهو ما يكشف عن حالة الانحطاط الذي وصلت إليه الأمة، ما جعل إيران هدفاً مباشراً للعرب والصهاينة والأمريكان، خاصة إذا ما علمنا أن التمويل الأساسي للضربات الغادرة نحو إيران كان مصدره السعودية والإمارات وقطر، فهم من يتحدثون عن العروبة والقضية العربية بالمساء ويرسلون الشيكات في النهار إلى من يهدم هذا المبدأ ويحوّله إلى مجرد شعار ترفي لا يُقدم ولا يؤخر، هذا حال ترامب .

أما النتن ياهو فالرجل لا يتوقف في حديثه عن التغيير وإقامة منطقة الشرق الأوسط الجديد، وكأنه أعاد إلى الواجهة ذلك المشروع الذي أسقطه خالد الذكر الشهيد العظيم حسن نصر الله «طيب الله ثراه» عام2006م بعد الهزيمة الماحقة التي ألحقها بدولة الكيان الصهيوني، وهُنا نُدرك مدى أهمية هذا الزعيم العظيم الذي اعتبره رئيس وزراء الكيان الصهيوني جبهة بذاته .

أي أن النتن ياهو وترامب يتحدثان عن نفس النهج والغايات التي تم وضعها في زمن مبكر، ولم يأت العدوان الأخير إلا ليُنفذ ما سبق الاتفاق عليه بعد أن استخدم الصهاينة أسلوب المكر والخداع عبر الغزو الاستخباراتي الذي نخر في لبنان وإيران وسوريا، حتى أسقط النظام الأخير وجاء بنظام عميل جاهز للتطبيع، بل وعلى استعداد لأن يتنازل عن نصف الدولة السورية مقابل بقائه في السلطة، وهو – للأسف – صاحب لحية طويلة وسبق أن سفك دماء المسلمين بدعوى النصر للإسلام، وهاهو يحول اللحية إلى ما يُشبه الزنانير ويترك سوريا الحبيبة نهباً لتطلعات الصهاينة والأمريكان، وهو في هذه الحالة على استعداد لأن يُقدم التنازلات تلو التنازلات، بل وكما قال ترامب، أن سوريا على مشارف الانضمام إلى مشروع إبراهام .

مما سبق يتضح جلياً لكل ذي بصيرة أن العدوان على غزة وإيران واليمن هدفهما واحد وواضح، وهو استكمال خارطة القيادات الهزيلة التي تُسبح بحمد أمريكا وتصبح على استعداد لأن تُقدم التنازلات تلو التنازلات بما يُحقق الرغبات الأمريكية والصهيونية الخبيثة .

يبدو أن العالم كله فهم هذه المغازي وبدأ يتحرك من منطلق الحفاظ على الذات لا من أجل العرب والمسلمين وهم الطرف الوحيد الذي لم يستوعب هذه المغازي هم الساسة الغاصبين للحكم في عدد من الدول العربية والإسلامية، لأنهم لا يزالون على غيّهم يسبّحون بحمد أمريكا ويعتبرونها المُنقد ويتداعون لاجتماعات لا تُقدم ولا تؤخر بدعوى السعي لإيقاف النار في غزة وإيجاد حلول سلمية .

تخيّلوا لو أن إيران لم تمتلك القدرة الكبيرة للردع وإيقاف دولة الكيان الصهيوني عند حدها، كيف كان سيكون حالنا نحن العرب والمسلمين؟! لاشك أن خارطة الدولة الصهيوني من الفرات إلى النيل كانت ستكتمل «لا سمح الله»، لولا وجود المقاومة الباسلة في فلسطين واليمن ولبنان والعراق وإيران .

لذلك نجد التوجه الآن صوب تصفيه المقاومة في لبنان وبداية مناوشة العراق من أجل القضاء على قوات الحشد الشعبي الباسلة التي أظهرت شجاعة غير عادية في البداية، إلى أن تدخلت أمريكا وحالت بينها وبين الإسهام في مساندة الشعب الفلسطيني، وهُنا نتساءل بمرارة، هل استوعب العرب والمسلمون الدرس؟! بالذات حُكام الخليج الذين يجب أن يشكروا إيران على ما قامت به، ويعتبرونها حاجز الصد الوحيد لنزوات الكيان الصهيوني، أما هم فلن يصمدوا أمام غطرسة هذا الكيان سوى ليلة أو نصف ليلة بالكثير، والحليم تكفيه الإشارة، والله من وراء القصد..

 

 

قد يعجبك ايضا