> نساء تحدين الظروف وكسرن المستحيل
> المشروعات النسوية الصغيرة .. أداة مهمة لتنشيط السوق المحلي وخلق فرص عمل
لقاءات/ سامية صالح
أنت انسان ناجح حين تحفر في الصخر باظافرك وتكابد الحياة وتنهض مرة وتسقط مرارا، وتتشبث ببقايا عزيمتك التي انهكتها الظروف واحبطتها الهواجس والمخاوف في ظل هذه الأوضاع الصعبة التي تعيشها بلادنا ..!! يكفيك فخرا انك لم تنكسر وتفرش يدك على خدك وتصبح عالة على الآخرين أو عبئا على المجتمع, فتصر على النهوض من جديد وتتمسك بحقك في البقاء والعيش الكريم , رافعا رأسك متعففا عن سؤال الناس. أنت إذن إنسان تحقق معنى الإنسانية الذي خلقت لتسمو بمبدئها.
هذه النماذج المشرفة لنساء اليمن اللائي كسرن حاجز الخوف من الفشل وتخطين سياج العراقيل فتيات..، وربات بيوت ومالكات مشاريع هي بنظر البعض صغيرة لكنها ستكبر بالعزيمة والهمة ..!!
«الثورة» التقت عدداً من سيدات الأعمال والمشروعات الشخصية الصغيرة في ختام مشاركتهن في الدورة التدريبية التي أقامها مركز ((سيدز)) تعلمن فيها كيفية اعداد خطط المشاريع ووضع الاستراتيجيات وتنظيم سجل الحسابات، وعرضت المتدربات مشاريعهن وطرق تطوير ادائهن ومشروعاتهن، فإلى التفاصيل :
كانت البداية مع الأخت هدى الكبسي لتحدثنا عن مشروع (الدار لتحضير البهارات )تقول(بدأت الفكرة قبل خمس سنوات فقد اشتهرت في محيط أسرتي وأقاربي بعمل خلطات من البهارات جاهزة بطريقة مضبوطة وبنكهة مميزة فخطرت لي فكرة مشروع خاص أديره من منزلي فاشتريت طواحين وافران للتجفيف وصرت أبيع الخلطات للزبائن وربات البيوت والموظفات حسب الطلب وتنوعت في البهارات فلكل طبخة مايناسبها للبروست والحنيذ والكباب والطعمية وحوايج اللبن وبهارات السمك والكفتة واللحمة والزربيان وقهوة القشر حتى الثوم البلدي انزع عنه قشرته وافرمه واجففه في فرن وأبيعه مطحونا وكل هذه الخلطات تباع بسعر يناسب الطبقة المتوسطة والفقيرة.
وعن مدى استفادتها من الدورة تقول: تعلمت أن أحافظ على المال وأقسمه بطريقة معينة واضع جزءً للاستهلاك لأني استخدم بشكل يومي أجهزة وافرانا وطواحين وكلها تحتاج لصيانة
استخدامات جديدة
بالرغم من مسؤلياتها كزوجة وربة بيت وأم إ لا ان ذلك لم يشغلها عن هوايتها ومشروعها.
وتقول نوال الكبوس: أوفر للزبونة جميع ماتحتاجه في ليلة زفافها من مسكات عرايس وسلات مزينة ونقدم استشارات لتصميم الكوشة بطرق فنية وعصرية ونقوم بعمل تحف وهدايا ونعيد تدوير الاشياء التي لا تستخدمها ربة البيت فمثلا نزين علب الحليب المعدنية ونلونها ونعمل منها ماسات وكراسي ونستفيد من كل قطعة مهملة لتعود الى المنزل باستخدام جديد.
طباعة على الأكواب
مع ان الشابة شيماء العريقي لاتزال حديثة التخرج من الجامعة إلا أنها خاضت غمار المنافسة بقوة بمشروعها الجديد على البيئة اليمنية ( شايا جرافيك ). تقول: أردت أن اشق طريقي بنفسي فقمت بشراء آلة طبع حراري وقمت بتصميم وطباعة صور وعبارات واهداءات لمناسبات خاصة كعيد الميلاد وعيد الزواج وعيد الأم على القمصان الأكواب والصحون والمخدات على حسب طلب الزبون. وأقوم بعمل اهداءات مغلفة بالمخمل والدانتيل عليها آيات كريمة من القرآن مطرزة باللول. كما أقوم بتزيين وتصميم المناديل التي تقدم في الأفراح. وتضيف: إقبال الزبائن شجعني على الدخول أكثر في واقع المجتمع اليمني من خلال مناقشة قضاياه ببعض العبارات على القمصان وغيرها كأزمة الكهرباء وحب الوطن والشعور بالانتماء لليمن وعبارات وأمثال يمنية دارجة.
مشروع وطني
تعلم الأخت نجلاء الكبسي أن مشروعها غير ربحي لكن شغفها وولعها بالمحافظة على التراث والأزياء اليمنية هو مايدفعها للاستمرار وتقول : أقوم بأخذ قطعة تراثية قديمة وأرممها من نفس مكوناتها حتى الخيط احرص على أن يكون من نفس النوع واللون والمتانة وأدخل هذه القطع في أزياء وملابس عصرية كي لا تندثر. وعن بداية مشروعها تقول. ذات مرة ذهبت إلى احد الأسواق الشعبية بصنعاء فشدني وجود قطع وتطاريز يدوية بمنتهى الإبداع تفوق الغرز الفلسطينية في الجودة والجمال وحين سألت البائع عن أسماء هذه القطع وإلى أي المحافظات تنتمي رد بكل بساطة وبلا مبالاه انه لايعرف وساءني عدم تقديره للأشياء التي يبيعها فلا يفرق بين القديم والاثري وبين الجديد لدرجة انه وغيره لايقدرون قيمة وتاريخ العملات والربعيات التي يرجع تاريخ بعضها إلى أكثر من مئة عام حتى أنهم حين يقومون بعمل فتحة للتعليقة يدخلون منها السلس أو الخيط يضعونها على التاريخ فتطمس قيمة العملة فأرى تجاوزات بحق تراثنا توجع القلب.
ومن خلال عملي لمست براعة نساء منطقة تهامة فملابسهن من تصميمهن وتطريزهن وكل قطعة تظهر الحالة المادية للمرأة هناك وبالرغم من حبي لهذا المجال ألا أني خسرت كل رأس مالي لان المحافظة على التراث لا يتطلب مجهودا فردياً افهو بحاجة إلى دعم المنظمات والتشبيك مع الجمعيات والجهات الحكومية التي يفترض أن تضع خططاً وتوجهات للمحافظة على تراثنا. وتضيف: بالرغم من خسارتي إلا أني خرجت من هذه الدورة بأفكار ورؤى تعيد مشروعي على أرض صلبة تتيح لي عمل إضافات تحافظ على القديم وتحاكي الجديد والعصري وتناسب بنفس الوقت جميع الطبقات الاجتماعية والدخول إلى السوق الأوروبية بقوة.
طعام الاجداد
يعود بنا مخبز( خير بلادي) للأخت سكينة زبارة وما يقدمه من معجنات ومخبوزات الى ماكان يتناوله أجدادنا وبنفس المذاق والفائدة الصحية. وتقول : أبيع أنواع الملوج ( الشعير والبر وملوج الخبز ) والبلسن بنوعيه الأحمر والأسود والقفوع المخلوط من جميع الحبوب والجحين وبنت الصحن والبريك والسبايا والملوح وشجعني إقبال الزبائن على هذه المخبوزات ولولا هذه الأوضاع التي نعيشها والتي أضرت بكمية البيع لكنت توسعت في المشروع وأضفت الحلويات وأنواع الكيك والسويسرول والتورتات والحلويات الشعبية كالرواني والشعوبية وغيرها. وتدعو وسائل الإعلام إلى التركيز وتسليط الضوء على مثل هذه المشاريع وغيرها وتشجيع أصحابها لتحريك عجلة الاقتصاد الراكدة
متعة وفائدة
حققت احلام الحوثي، مديرة رياض ومدارس نور الحياة، نجاحا في حيها ووضعت بصمة في مجال التعليم وتقول : بدأت مشروعي بروضة أطفال قدمت فيها كل خبرتي وبالرغم من اننا بدأنا بأوضاع غير مستقرة في 2011 إلا أن إلحاح أولياء الأمور دفعني إلى فتح فصول جديدة والحمد لله اكتسبت سمعة طيبة بسبب اختياري الدقيق لمربيات الصفوف وحرصت على ان يكن ذوات خبرة في التعامل مع الأطفال لرفع مستواهم العلمي وفي نفس الوقت حرصت على إدخال الألعاب التعليمية التي تساعد على التعلم بشكل أفضل.
جو مبهج
بعد رحلة من العمل الطويل، قضتها الأخت أروى شمهان، حطت رحالها ووضعت خلاصة تجربتها وخبرتها وفرغت وقتها ومالها لإعداد روضة (كيدز هوم ) وهذا الجهد واضح، إذ فيشدك ذلك التناغم الجميل في إعداد الديكور والأثاث وحتى نوعية الألعاب المعدة بما يتناسب مع عمر الأطفال ويجعلهم حالة من البهجة والسرور. وتقول : انفقت كل ما امتلك لجعل هذه الروضة البيت الثاني للطفل وركزت على تعلمه للغة الانجليزية المهملة للأسف في كثير من الرياض والمدارس واستقدمت مربيات يتقن اللغة بطلاقة إضافة إلى تعلم اللغة العربية الأم وكذا التربية الإسلامية والحمد لله حققت نجاحا أرضاني شخصيا إضافة إلى أن هذا المكان يساعدني على تعديل سلوكيات الطفل الخاطئة بالتعاون مع والديه. وتضيف , تأثر الإقبال على الروضة بسبب ظروف الحرب لكني اصررت على الاستمرار وإن شاء الله تعود الأوضاع أفضل مما كانت .
تدوير القطع المهملة
حين يتلف علينا شيئ ما في المنزل نسارع في التخلص منه ورميه ولاً نلقي له بالا لكنه ما إن يقع في يد المصممة الشابة نجوى الكبسي حتى تجعله قطعة فنية وتحفة جميلة وحين تحدثت معها انبهرت بحماسها وأفكارها فتقول : أقوم بإعادة تدوير القطع الصلبة والأثاث والخشب المهمل بقليل من الجهد يتحول إلى أثاث منزلي جديد وأدوات متعددة الاستخدامات. وتضيف: أعدت تصميم دراجة هوائية مهملة إلى طاولة عليها بعض أشجار الزينة لتعطي منظرا خلابا. وأعدت تنجيد إحدى السيارات المعدمة والتي ظلت لسنوات ملقاة كخردة وجعلتها كمكان جلوس مبهج لشخصين أو ثلاثة في الحوش , وتضيف: لا تعلم ربات البيوت قيمة الأثاث والقطع والأدوات التي يرمينها وأنهن باستطاعتهن إعادة استخدامها بطريقة مختلفة,وتضيف :نحن مجتمع فقير لانستطيع أن نشتري كل ما نرغب به لكن هذا المشروع سيوفر على الزبون المال فقط يأتي بأي قطعة ويعيطني الفكرة التي يرغب بتنفيذها وسأقوم بتصميمها كما طلب با وربما أفضل
حس فني
حين تقلب إحدى قطع الاكسسوارات في يديك يخالجك شعور انها مستوردة من الخارج ويزيد اندهاشك حين تعلم أن من قام بتنفيذها المصممة اليمنية سمية الشطبي التي تعكس تصميماتها حسا فنيا مرهفا وذوقا عاليا. وتقول عن مشروع ( سمية للاكسسوارات ) بدأت بداية جيدة نافست فيها اغلب المنتجات المستوردة وأدخلت أفكارا وتعديلات جديدة في الاكسسوارات والكريستالات والخواتم والاساور والتعليقات وتيجان العرائس وحاكيت خطوط الموضة العالمية وأقمت دورات تدريبية للراغبات في دخول سوق العمل بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة لتخرج المرأة ولديها أرضية قوية لانشاء مشروعها الخاص
تشغيل الأسر المحتاجة
تعيش بشرى الغيل في وضع اقتصادي جيد يغنيها عن العمل غلا أنها أرادت إثبات ذاتها وتحقيق استقلاليتها وهدفت في مشروعها (رنا للاكسسوارات ) أن تساعد الأسر الفقيرة. وتقول يحزنني أن أرى أسرة تعيش على الكفاف وتحرم من ابسط مقومات الحياة في حين أن لديها إمكانات وقدرات تجهلها تغنيها عن الحاجة وربات البيوت يحتجن لمن يرشدهن الى الطريق ويقف معهن فقررت أن أوزع لهذه الأسر بضائع وأقمشة وغيرها ليبعنها بمقابل مادي يعينهن على ظروفهن الصعبة وفي نفس الوقت لم أهمل مشروعي المختص ببدلات الأعراس والاكسسروارات بما فيها الكريستالات وغيرها من أدوات الزينة.
مسئولية مشتركة
عاشت المتدربات ومالكات المشاريع ثلاث أسابيع تبادلن مشاكلهن وهمومهن وتشاركن في وضع حلول لها وفي ختام الدورة تمنت المدربة أ/ نوال الحداد أستاذة المعهد الوطني للعلوم الإدارية لجميع المشاركات التوفيق في حياتهن القادمة وحثتهن على عدم الاستسلام لأي محبطات أو عراقيل تواجههن وأضافت الحداد بان البلاد تعيش وضعا مأساويا واليوم بدأ دور سيدات المشاريع الصغيرة للمشاركة في تحريك عجلة الاقتصاد لأن مشاريعن حيوية ولها احتياج طوال العام. ودور صاحبة المشروع مهم للوصول إلى المستفيدين بشكل أسرع من المنظمات وتشغيل أياد عاملة كانت توقفت بسبب الحرب وفي نفس الوقت تنشط السوق المحلي والمسئولية مشتركة على جميع الجهات الحكومية والأهلية في مد يد العون ومساعدة كل صاحبة مشروع لتكن كل واحدة منهن بالمستقبل سيدة أعمال تفيد وتستفيد.
وتقول الأخت سميحة الغيل رئيسة قسم التدريب في المعهد: بان مثل هذه الدورات تساعد مالكات المشاريع الصغيرة على طرح مشاكلهن وطرق معالجتها وتمكنهن من وضع حسابات دقيقة لمعرفة الصادر والوارد ووضع خطط لتطوير المشاريع والخروج بثقة الى عالم التجارة وسوق العمل.
وتضيف: نستهدف في كل دورة خمسة وعشرين متدربة ومن خلال ماطرح حددنا احتياجاتهن من الدورات التأهيلية التي ترفع بلا شك من أدائهن وسنقدم لهن دورات في مجال المال والمحاسبة والموارد البشرية والتسويق والمبيعات .