خلال ندوة (آثار العدوان على القطاع السياحي):
كتب/عبدالباسط النوعة
اقامت وزارة السياحة ومجلس الترويج السياحي مطلع الاسبوع الجاري ندوة حول آثار العدوان على القطاع السياحي بالإضافة إلى معرض للصور الفوتغرافية لجرائم العدوان بحق التراث يختتم اليوم في بيت الثقافة بصنعاء .
هذا وقد قدمت في الندوة خمس أوراق عمل قدمها عدد من المعنيين والمهتمين بالشأن السياحي والآثاري حملت في طياتها العديد من الموضوعات الهامة التي ينبغي الوقوف عندها كونها لخصت الأضرار التي لحقت بقطاع السياحة جراء العدوان وأبرزت حجم المعاناة التي يعيشها المشتغلون فيه .
(الثورة) حصلت على نسخة من هذه الاوراق واستخلصت منها بعض النقاط والعناوين الأكثر أهمية نوجزها كالآتي :
حملت الورقة الأولى عنوان (المواقع الأثرية في مرمى العدوان) قدمها رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف مهند السياني والتي ابتدأها بمدخل عن الحضارة اليمنية وعراقتها وأهميتها في كتابة التاريخ اليمني القديم بشكل صحيح كما أبرز العلاقة الوثيقة بين الآثار والسياحة فلاسياحة بدون آثار والأخيرة تعد أهم المصادر السياحية .
وأكد السياني ان العدوان يدرك جيدا أهمية التراث اليمني وقيمته ومدى ثرائه ويعرف أيضا أنه محمي بموجب المواثيق والمعاهدات الدولية ومع ذلك لم يتوار على صب جم غضبه وحقده على تدمير هذا التراث محدثا اضرارا بالغة في البنية الآثرية لليمن .
وقال : بالاعتماد على المعلومات الورادة تباعا من قبل فروع هيئة الآثار في المحافظات فإن عدد المواقع والمعالم التي تم استهدافها من قبل العدوان (48) موقعا ومعلما اثريا، أضيف إليها ما تم تدميره والأضرار به من قبل التنظيمات الإرهابية , وإزاء هذا العدوان الهمجي المتعمد للحضارة اليمنية أصبحنا ندرك جليا أن الموروث الثقافي اليمني في خطر وعلينا أن نتحمل المسؤولية ونقوم بدورنا لمواجهة هذا الخطر .
وأورد السياني في ورقته عددا من الإجراءات والخطوات التي قامت بها الهيئة العامة للآثار والمتاحف لمواجهة العدوان حيث قامت بتشكيل لجنة طوارئ دائمة تتلقى عبر غرفة عملياتها أي بلاغات حول استهداف المواقع والمعالم الآثرية وإبلاغ الرأي العام والمنظمات الدولية بهذه الاستهدافات , كما تم التواصل مع الجهات الأمنية لتشديد إجراءات الحماية على المواقع والمتاحف ومخاطبة فروع الهيئة بحفظ القطع الأثرية في أماكن آمنة ومناشدة الأحزاب والتيارات السياسية بتجنيب المواقع والمعالم الأثرية أي صراعات مسلحة , وعلى الصعيد العالمي تعمل الهيئة على التواصل المستمر مع المنظمات المعنية بالتراث وعلى رأسها اليونسكو وأيضا مع البعثات الآثرية الاجنبية التي عملت باليمن واطلاعهم بصورة دائمة على الاستهدافات والجرائم التي يقوم بها العدوان بحق التراث اليمني ومطالبة تلك المنظمات والبعثات الضغط على دول العدوان لإيقاف عدوانها.
وقدم السياني جدولا مفصلا للمواقع التي تم استهدافها موضحا فيه أهمية المعلم أو الموقع وخلفيته التاريخية وموقعه وتاريخ استهدافه ونسبة التدمير.
بالأرقام
أما ورقة العمل الثانية فقد حملت عنوان (الآثار السلبية على القطاع السياحي جراء العدوان على بلادنا ) قدمتها مديرة عام الإدارة العامة للمرأة بوزارة السياحة نجاة يحيى الشامي اوردت في مقدمتها معنى العدوان وتحريمه في الإسلام ومخالفة العدوان السعودي لكل القيم الاسلامية وللقوانيين والمواثيق الدولية وكذا بينت أهداف العدوان الحقيقية والأضرار التي لحقت باليمن اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وتنمويا وغيرها , مشيرة إلى أن العدوان يستهدف الدولة اليمنية ومؤسساتها ومنشآتها الحيوية يستهدف اليمن أرضا وإنسانا، تاريخا وحضارة .
وذكرت الشامي في ورقتها إحصائيات بالخسائر التي لحقت باليمن جراء العدوان وحصة السياحة منها من تاريخ 26 مارس إلى 30 نوفمبر الماضي حيث دمرت (92) منشأة سياحية و(50) موقعا أثريا وتاريخيا فضلا عن البنى التحتية التي دمرت وتعد هامة للسياحة منها (14) مطاراً, و(10) موانئ ,و(439)طريقاً وجسراً, وغيرها من البنى التحتية.
أما إحصائية الخسائر المالية لقطاع السياحة فقد بينت الورقة أنه وبمرور (250) يوما على العدوان تقدر الخسائر السياحية بحوالي (280) مليار ريال، بالإضافة إلى توقف جميع الإيرادات السياحية المقدرة بـ(مليار وثلاثمائة وثلاثة ملايين ريال , أما خسائر الوكالات السياحية فتقدر بـ(74,2)مليار ريال ما يعادل (245) مليون دولار , فيما تقدر خسائر الفنادق بحوالي (140)مليون دولار، وتم تسريح 95 % من الإيادي العاملة في القطاع السياحي (مرشدين وسائقين وحرفيين وموظفين في الفنادق والوكالات ) , وهنا قطاعات أخرى على ارتباط وثيق بالسياحة ولم تتأثر بالقصف المباشر ولكن تأثرت بالحصار وأصيبت بالشلل التام وتقدر خسائرها بـ(مليار وثمانمائة واثنين وأربعين مليوناً وثلاثمائة وثلاثة عشر الف دولار ) .
أضرار
أما الورقة الثالثة فقد كانت تحت عنوان (تأثر القطاع السياحي الخاص جراء العدوان على اليمن ) قدمها نائب رئيس الاتحاد اليمني للفنادق محمد سلطان عبدالله , أكد فيها ان الغالبية العظمى من الفنادق الرئيسية في البلد أغلقت أبوابها مثل موفمبيك وموركيور والبستان وشهران في صنعاء والسوفتيل في تعز وغيرها في المكلاء بالإضافة إلى فنادق تم قصفها في عدن (ميركيور – جولد مور – خليج الفيل – فينيسيا – جراند – كورال ).
وأشار في ورقته إلى أن نسبة التشغيل في بقية الفنادق انخفضت إلى أقصى حدودها الى ما دون 10 % كما تم تسريح الآلاف من العاملين في الوكالات والفنادق السياحية بنسبة وصلت إلى 90% .
وقال : آلاف الأسر ممن كانوا يقتاتون من القطاع السياحي أصبحوا بدون مصدر رزق بعد أن تحول عائلوها إلى البطالة ناهيك عن استهداف البنية التحتية للسياحة اليمنية والتي أصبحت أثرا بعد عين وسنحتاج إلى زمن طويل وإعادة إعمار ما دمره العدوان .
الترويج السياحي ودوره
ورقة العمل الرابعة تركزت حول الترويج السياحي وحملت الورقة عنوان (الترويج السياحي ودوره في بقاء اليمن ضمن الخارطة السياحية رغم العدوان ) قدمها نائب المدير التنفيذي لمجلس الترويج السياحي أحمد عبدالله البيلي، وتطرق فيها إلى أهمية توظيف نكبة العدوان سياحيا فيما يسمى سياحة الحروب والنكبات، وضرب أمثلة كثيرة لدول صنعت من أماكن كوارثها وحروبها مزارات سياحية دائمة .
وقال : قد يكون ضربا من الخيال أن نطرح فرضية أبقاء اليمن ضمن خارطة السياحة العالمية في مثل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن، ولكن لا وجود للمستحيل إلا في قاموس اليأس، فواجبنا الوطني يحتم علينا إيجاد السبل والوسائل الكفيلة باستمرار المحافظة على بقاء اليمن ضمن خارطة السياحة العالمية .
وذكر جانبا من تلك الوسائل والاساليب التي ينبغي التركيز عليها منها ضرورة الرجوع إلى الأدلة والإصدارات السياحية التي تنتجها الشركات والوكالات المنظمة والمفوجة للسياحة إلى اليمن والتأكد هل لا زال اسم اليمن موجوداً في تلك الأدلة والكتيبات؟ أم لا؟ فإذا لم يكن موجودا لابد من التواصل مع تلك الشركات لإبقاء اسم اليمن ولو اقتضى الأمر لدفع تكاليف الطباعة للصفحة الموجود فيها اسم اليمن والتركيز هنا على الاسواق الأوروبية (ايطاليا – المانيا- فرنسا – بريطانيا ), مع أهمية التركيز على التسويق الالكتروني وربط علاقات وطيدة مع مواقع الصحف والصحفيين العالميين المحبين لليمن لحثهم على الكتابة عن اليمن .
وشدد البيل في ورقته على أهمية الاستفادة من الظروف الحالية للبلد في تدريب الكوادر وترتيب الوضع الداخلي ولابد من تفعيل دور وحدة إدارة الأزمات للتعامل مع الكوارث المؤثرة على القطاع السياحي إضافة إلى تطبيق إدارة الطوارئ السياحية في الجمهورية اليمنية التي أعدت في العام 2007م .
واجبات الإعلام في فضح جرائم العدوان
أما ورقة العمل الخامسة والأخيرة فقد اختصت بالإعلام السياحي أهميته ودوره وحملت اسم (الإعلام ودوره في توثيق وفضح جرائم العدوان )قدمها الكاتب والصحفي عبدالكريم المدي اوضح فيها أن دور الصحفي ضد العدوان لايقل عن دورالمقاتل في الجبهات، فمثلما يدافع المقاتل عن وطنه وثوابته بالبندقية والمدفع كذلك يدافع الصحفي والإعلامي عن وطنه بالقلم والكلمة والصورة .
وذكر عددا من النقاط التي تجعل دور السياحي أكثر أهمية في مواجهة العدوان منها علاقته بالخارج عبر الوكالات السياحية وشركات الطيران، وأيضا وجود وزارة مستقلة للسياحة، كذلك يعد استهداف المواقع والمعالم السياحية والأثرية أكثر بشاعة من استهداف منشآت ومؤسسات أخرى .
وسرد المدي في ورقته الأدوار الذي ينبغي على الإعلام السياحي القيام بها على الصعيدين الداخلي والخارجي، فعلى الصعيد الداخلي فضح حقيقة العدوان وأهدافه وأخطاره على البلد وهويته وتاريخه، مثلا إبراز كيف خدم العدوان الجماعات الإرهابية؟ وكيف أن افرادا من آل سعود وعلى مدى سنوات ماضية كانوا يقومون بسرقه آثار ومخطوطات اليمن عبر مافيا وعصابات محترفة, أما على الصعيد الخارجي فيكون عبر التواصل مع زملاء لهم خارج البلد، وكذا وكالات السفر والسياحة وإعطاءهم الصورة كاملة للمعاناة التي جسدها العدوان والجماعات الإرهابية، وكذا استهداف العدوان للمواقع والمعالم السياحية والتاريخية وتزويدهم بالصور التي تؤكد ذلك بالإضافة إلى إنشاء صفحات عبر شبكات التواصل الاجتماعي مع الخارج وتوضيح الخسائر التي لحقت بالسياحة والتراث من حيث الدخل القومي من العملات الصعبة والاستثمارات السياحية وحركة التفويج السياحي إلى اليمن ,بالإضافة إلى التأثيرات التي لحقت بالعاملين في قطاع السياحة والذين خسر الغالبية العظمى منهم أعمالهم ومصدر رزق أسرهم وأطفالهم .
تصوير/ فؤاد الحرازي