مأزق العدوان في اليمن

يصر إعلام العدوان خلال فترة انعقاد مؤتمر جنيف 2 بين عملاء العدوان وبين أبناء اليمن على تكريس وعي زائف يتمثل في موضوع الخروقات التي يمارس طيرانه انتهاكها ويواصل عملاؤه استغلال الهدنة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة كتمهيد لوقف اطلاق النار النهائي في تحقيق ولو القدر اليسير من الشعور بالتقدم والانتصار ويبدو أن الأخوان هم من يعيشون وهم اللحظة والانتصار بدليل أن خطاب اليدومي أو مناشدته لدول العدوان في الاستمرار حتى تحقيق الانتصار كما يتوهم أو كما يزعم ولذلك لم يفتأ عملاء العدوان من الأخوان يجهدون كل الجهد في تبديد الأوراق الأخيرة فكان الزحف من الطوال باتجاه حرض في بداية الهدنة هو الانتحار الذي دل تاريخهم عليه في كل تفاعلاتهم السياسية وقد ظنوا الزحف من حرض والغزو من قبل اللحية والالتقاء عند نقطة بعينها تمهيداً لحصار صعدة وصنعاء وهو الأمر الذي سوف يساهم في تحسين الموقف النفاوضي في جنيف, وقد فشل هذا المخطط وباء اللواء علي محسن ومن شايعه بالخسران المبين فحرض لم تكن بالأمر الهين كما أن اللحية كانت أعصى عليهم من حرض ولن يكون الطيران بقادر على تعديل معادلة الأرض لأن الذين يسيطرون على المعادلة ويتحكمون في سياقها يحملون قضية وطنية وإرثاً تاريخياً وتراكمياً تجاوز مبدأ العمالة الذي عليه الأخوان ومن حل الرياض من الساسة اليمنيين إلى بعث كل الحالات الثأرية التي بين أهل اليمن وقبائلها وبين سكان نجد ومن شايعهم من العملاء, فالقضية الوطنية اليمنية أصبحت في محك المعيارية الوجودية التي بدأت تسترجع الأحداث وتسردها منذ حادثة الحجاج في تنومة ومروراً بحرب 1934م وما نتج عنها من عبثية وعشوائية وفوضى وصحراوية بذيئة قاتلة ومدمرة وصولاً إلى أحداث السنوات السبع في عقد الستينات وما تلاها من أحداث تداخلت أسرة آل سعود في تفاصيلها, وربما كان العدوان وفق المعيارية التاريخية هو المحطة الأخيرة لآل سعود في أحداثهم التفاعلية التدميرية في اليمن, فالعدوان لم يكن حدثاً عابراً ولن يكون كذلك لأنه وفق المعيارية التي عليها قانون التاريخ سيؤسس لبداية مرحلة جديدة لن تكون المملكة وآل سعود في مدارات تفاعلها فقد قضوا على أنفسهم ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله فقد كانت حساباتهم السياسية أن بزوغ قوى جديدة في اليمن من خارج نسق الهيمنة سيشكل خطراً وجودياً فذهبوا إلى الفناء من حيث ظنوا الوجود.
ومع تحرك الأحداث في مسارين متضادين مسار المفاوضات والجلوس على طاولة الحوار بين الفرقاء من الوطنيين ومن العملاء ومسار التدافع والرغبة في الهيمنة والسيطرة على الأرض, تكون السعودية في الحالين قد فقدت مفردات اللعبة السياسية وإن ظنت القدرة والتمكين في خطابها وفي إعلامها ولكنها تدرك المأزق الذي وقعت فيه وهي غير قادرة على الخروج منه فالتبدل في الرؤى التفاعلية قد فرض واقعاً جديداً ومعادلة الأرض قالت شيئاً جديداً وكل جديد كما هي العادة يأتي على انقاض القديم والقديم الذي لا يتجدد يحمل عوامل الفناء في داخله ولذلك فالبزوغ الذي تشهده اليمن سيكون له أثر واضح في العملية السياسية المستقبلية في الجزيرة, فكل نظام في الجزيرة بلغ كماله وعند التمام يبدأ ،،، ولم يتحدث التاريخ عن أبدية دائمة لدولة تاريخية وابن خلدون أثبت في مقدمته أن الدول تشيخ كما يشيخ البشر فإذا بلغت تمامها وكمالها شاخت وضاعت وتاهت في رمال الصحراء ودب في نسيجها الضعف والوهن وكل دولة سجلت حضوراً لها في قائمة العدوان على اليمن هي في طور الانهيار والتلاشي وبالتالي الفناء, وقد بدأ الانهيار الاقتصادي يلوح في الأفق بعد أن وصل سعر البرميل إلى أدنى مستوى له وهو 35 دولاراً مما سيترك أثراً واضحاً على دويلة الإمارات وقطر وعلى السعودية التي أجبرتها حروبها على السحب على المكشوف من الاحتياطي العام ولن تظهر نتائج مثل ذلك إلا في وقت متأخر فهي الآن في موقف المكابر وطبيعة البدوي أنه لا يدرك المأزق الذي وقع فيه إلا بعد أن يفيق من سكرة لحظته ونشوة زمنه.
وأمام كل تموجات اللحظة ومكابرة الذين لا يدركون الحقائق سترسم اليمن مشهداً جديداً في الجزيرة والعالم وإن غداً لناظره لقريب.

قد يعجبك ايضا