تقرير/ وائل شرحة
ليس هناك أبشع وأقذر ممن يستغلون أوضاع النازحين.. ممن يتاجرون بقضية مئات الأسر ويتاجرون بها في العلن.. يملأ النازحون من المحافظات والمناطق التي تعرضت للقصف, عدداً كبيراً من مناطق ومديريات المحافظات الأكثر آمننا.. غادروا منازلهم وديارهم دون أن تتاح لهم الفرصة لنقل وحمل مقتنياتهم وممتلكاتهم التي أصبحت تحت أنقاض قراهم.
نزلوا بالمدارس والجامعات والمنازل والساحات.. نازحون.. لا يجدون ما يبقيهم على قيد الحياة سوى تعاون وتكافل المجتمع وبذل وكرم التجار ورجال الخير ودعم ومساندات منظمات المجتمع الإنساني.. مساعدات مختلفة ومن جهات وأشخاص مختلفين.. سراً وعلانية.. يقدمون الاحتياجات الضرورية للنازحين وكذا المال.. لكن هناك من يحول بين تلك المساعدات وبين مستحقيها.
وبينما يمر النازح بأصعب أيام حياته في مراكز ومخيمات النزوح.. هناك من يستغل وضعه الذي يبكي له القلب قبل العين.. هي قصص طويلة.. مجردة من الإنسانية والأخلاق.. أبطالها خاسرون بكل المقاييس.. ضحاياها منتصرون..
يقول النازلون بمراكز النزوح أن هناك مساعدات تصلهم من رجال الخير والأعمال ومنضمات المجتمع الإنساني.. إلا أنهُ لا يصلهم منها إلا جزء بسيط.. بينما أغلبية تلك المعونات تذهب للقائمين على مراكز النزوح وعاملين المنضمات والمجالس المحلية.. ويقول أحد النازحين بمديرية خمر محافظة “عمران” إن القائمين على المخيمات أضافوا حالات نازحة غير حقيقية مجرد تزييف وعمليات نهب ونصب.
على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي نشرت العديد من قضايا الفساد والمتاجرة بآلام النازحين.. إلا أنها لم تجد أذاناً صاغية.. وجهات رقابية ومشرفة متجاوبة ومتحركة.. تعمل على ضبط الاختلالات والفساد الجاري بتلك المراكز والمخيمات.
أحد العاملين بالمنضمات الدولية, رفض ذكر اسمه, يؤكد بأن القائمين على مراكز النزوح والمجالس المحلية يقومون بإضافة أسماء مزيفة ومزورة في كشوفات النازحين بالإضافة إلى عدم توزيع ما تقدمه المنضمات ورجال الخير على كل الأسر النازحة وإنما على بعضها وبحسب علاقة النازح بمشرفه.
في إحدى مراكز النزوح التي زارها فريق ملحق “قضايا وناس” وهو ” مركز مدرسة 22 مايو” بالعاصمة صنعاء حدثنا أحد النازلين هناك بأن المشرفين لا يقدمون لهم كل المساعدات التي يتلقونها.. مضيفاً أن “الرز” وجبتهم الوحيدة منذ أكثر من شهر في الوقت الذي يؤكد فيه توارد المعونات والمساعدات إلى المركز.
النازح الذي حدثنا وعيناه لم تتوقف عن التحرك, خوفاً من قدوم مشرف المركز أو أحد مساعديه, قال لنا ” نحن نمر بوضع مأساوي ويجب أن تنقلوا معاناتنا للآخرين بدون ذكر اسمي وذلك خوفاً على حياتي”.. النازح يؤكد بأنه سأل المشرف عن غياب وتقلص المواد الغذائية من يوم إلى آخر, إلا أنه تم سجنه واحتجازه في أحد فصول المدرسة.
الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين الشهر قبل الماضي دعت المواطنين إلى سرعة التبرع بالمال لتغطية الاحتياجات والمتطلبات الأساسية للنازحين وذلك على حساب (93000) البنك الأهلي وحساب (8081) بنك التسليف الزراعي.. وهنا يجب أن يتوقف الجميع.. أليس الأفضل والأجدر بالوحدة التنفيذية، أولاً وقبل أن تدعو المجتمع إلى التبرع، تكثيف الإشراف وتشديد الرقابة على مراكز النازحين والقائمين عليها والحد ـ وليس إنهاء ـ من الاختلالات والمغالطات التي يشكو منها النازحون.
وتواجه منضمات المجتمع المدني الإنسانية صعوبة في الوقت الراهن من توفير وإيجاد مخيمات ومتطلبات النازحين وكذا أماكن آمنة للمخيمات قد لا تصل إليها أو تستهدفها طائرات التحالف.. بالإضافة إلى أن عدداً كبيراً من النازحين قطنوا في المدارس وبعض المراكز الحكومية وكذا المساجد التي لا يدخلها إلى لأداء فرائض الصلاة.
ويمر حالياً النازحون سواءً من كانوا بالمخيمات أو من نزلوا بالقرى والأرياف, بحالة مادية وصحية ونفسية سيئة نتيجه لتركهم منازلهم وأعمالهم ومصادر أرزاقهم.. دون أن تقف أو تنظر الدول المتحالفة أو الأمم المتحدة بعين الرحمة والشفقة لما يمرون به هؤلاء بسبب العدوان.
هؤلاء النازحون من سيعيد لهم كرامتهم وأمنهم واستقرارهم, ومن سيداوي جراح وآلام فراقهم لأحيائهم وفراشهم.. لاشيء سيلم شتاتهم وتفرقهم سوى عودتهم إلى منازلهم آمنين..
الأمم المتحدة طالبت أكثر من مرة العدوان العسكري بهدنة إنسانية أذا لم توجد لديهم رغبة بإيقاف كامل ونهائي للحرب وذلك لإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة.. مؤكداً على أن الوضع الإنساني يتدهور في اليمن من ساعة إلى أخرى.
وتظل آلاف الأسر تعاني دون أن تجد من يلتفت إليها ويتعاون معها وما يزال العدوان قائماً والحروب الداخلية مستمرة.. مئات الأسر تنتظر المنظمات الدولية والمؤسسات الخيرية ورجال الأعمال والخير مساعدتهم ومساندتهم والتعاون معهم والوقوف معهم.