دع نورك يضىء

ويليام بوسي سوينج*

لقد شهدنا بعض الأيام المظلمة في عالمنا خلال هذه السنة. في 2015م رأينا تصرفات عنف كريهة وغضب الطبيعة وربما الأكثر ألماً جثة الطفل السوري “أيلان كردي” و وجهه على الأرض في ساحل المتوسط.
لكن وعلى الرغم من أن العالم مليء بالظلام ، ليس من المفاجئ أن عديداً من الحضارات خَلقت احتفالات من النور. أحتفل الهندوس مؤخراً بالديوالي ، وفي الشهر الماضي كان مناسبة لوي كرثوج في جنوب غرب آسيا حيث تم إشعال الشموع لتقديم الشكر. الأضواء تتلألأ في كل مكان تقريبا من الحديقة المركزية إلى ساحل بوندي.
في ايرلندا ، أمة هربت من الفقر والحرب والمجاعة ، هناك تقليد يقضي بوضع شمعة على النافذة خلال موسم الإجازات لتذكر المهاجرين الذين يعيشون الآن بعيداً. هذا يذكرنا بآلاف العائلات التي هربت من الصراعات في الشرق الأوسط باحثة عن نور الأمن في أوروبا.
المهاجرون حددوا معالم العام 2015م. كانت سنة تحرك سكاني كبير وسريع. الصراع في سوريا والعراق وأفغانستان والصومال واليمن وجنوب السودان والإعصار في فانواتو وزلزال في النيبال و900,000 مهاجر يصلون على متن القوارب إلى أروربا هربا من الحرب والفقر والاضطهاد: كان العالم في تدفق من الجبال إلى الصحراء وإلى المحيطات.
في هلع ساذج ، قام جزء من الإعلام والمجتمع بوصف الهجرة كشر اجتماعي: كمقسم للعائلات والمجتمعات وكبداية للتعصب. وبعد عدة عقود من مشاهدة ومتابعة الهجرة … يزداد قلقي.
أرى مشاعر مضادة للهجرة تبدأ بالتهيج. أرى اضطراباً سياسياً وغياباً للشجاعة وافلاساً في القيادة وندرة في الحس الأخلاقي.
أرى مناظرة من طرف واحد تركز على الخوف والسلبية والأمن. أين ابتسامات الترحيب من الصيف الماضي؟ أين اللوحات على ملاعب كرة القدم تقول “مرحباً بالمهاجرين”؟ أعرف أنها موجودة وأعرف أنها ستُرى مجدداً عندما نجتمع في المدن حول العالم بشموع التضامن. المنطق العام والكرم عند الأشخاص العاديين والمجتمعات المكونة من مهاجرين وغير مهاجرين ، أناس من كل الأطياف والألوان والسياسات والقوى – هذا هو ما يدفعني للاستمرار.
أنا صدقاً أؤمن أن المجتمعات ستستمر في فتح قلوبها وأذرعها لتحتضن المظلومين. وبينما قد يعترض بعض القادة الدوليين ، إلا أن الأمم المتحدة وضعت خطاً تحت أهمية الهجرة في مخططها للتنمية البشرية – أهداف التنمية الشاملة.
الهجرة موجودة على الأجندة العالمية. أول حدث يتعلق بالهجرة من جانب الأمم المتحدة حدث هذا العام. قمة في مالطا جلبت قيادات أفريقية وأوروبية معا حول الهجرة. في آسيا ، الحكومات اجتمعت للبحث عن حل إقليمي لأزمة الهجرة في بحر أندمان. حكومة كندا الجديدة أطلقت نداءً واضحاً واستقبلت 25,000 لاجئ سوري في استيعاب ضخم وسريع و منظم.
في معظم الأحيان وصفت زمننا بأنه أشبه بعاصفة مثالية من الطوارئ الإنسانية تسهم في تحركات السكان غير المسبوقة. ما يقارب شخصاً من بين كل سبعة أشخاص على هذا الكوكب هو مهاجر بشكل ما. أي ما يمثل بليون شخص. ولكن ما يقارب 60 مليون منهم أُجبروا على مغادرة منازلهم والأماكن التي تربوا فيها.
ملايين آخرى من المهاجرين يبحثون عن فرص في بلدان أخرى أو في مناطق أخرى من بلدانهم الأصلية كما قد يفعل أي شخص.
ما يجعل من هذا عاصفة مثالية هو العداوة والخوف غير المسبوق والذي يشكل تهديدا في أماكن عدة. أي مدينة تلك التي لم تزدهر من أعمال المهاجرين؟ ولكن التحامل ضد ضحايا الحرب والعنف هؤلاء خصوصاً وانا أرى كيف ينتشر هذا بسهولة حول العالم يجعلني أشعر بالقلق حول الطريق الذي تتجه نحوه الإنسانية.
الآن هو الوقت للهجرة القانونية والآمنة حول العالم.
منذ وقت طويل وكثيراً ما يقولون إنه من أجل معالجة هذا المشكلة المتعلقة بتحرك البشر ، يجب علينا إدارة الهجرة بطريقة آمنة لكل الأطراف. يجب علينا إدراك أن الهجرة هي سمة هذا الزمن ، ويجب أن نتعامل معها بجدية بدون تلطيخها إذا أردنا أن نصل إلى نتيجة.
المهاجرون يتحركون والعالم بحاجة إليهم. ولكن العالم بحاجة أيضا إلى قيادة من أجل إدارتهم بطريقة آمنة وقانونية. إنه الوقت المناسب للمجتمعات الناضجة أن تُظهر إنها سوف تبذل كل الجهود لإنجاح هذا الزواج.
نعم هناك ظلام. لكننا كلنا نمتلك قليلا من النور … لندعه يضيء.

* المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة

قد يعجبك ايضا