المتحف الوطني ..قطعه الأثرية في مواجهة عوامل الطبيعة وقصف العدوان

كتب/عبدالباسط النوعة

يعد المتحف الوطني بالعاصمة صنعاء أهم وأبرز المتاحف اليمنية وأكبرها على الإطلاق وأكثرها احتواء للقطع والمآثر الأثرية الهامة والنادرة ومن مختلف المحافظات اليمنية، ويمثل المتحف الواجهة الحضارية لليمن وأبرز المزارات السياحية التي كان السياح  – سواء من داخل البلد أو خارجه – يقصدونه للتزود بالمعارف والنماذج المتنوعة التي جلبت إلى المتحف من حضارات يمنية عديدة حكمت على هذه الأرض منذ فترات زمنية بعيدة . ولكن المتحف ورغم أهميته ومكانته وثرائه من القطع الأثرية التي يقدر عددها بـ(20) ألف قطعة، وقد يكون العدد أكبر من هذا الرقم بكثير ولكن القليل جدا من ما يمتلكه المتحف معروض والغالبية العظمى تقبع في مخازن  تفتقر إلى أبسط أبجديات وطرق التخزين المتحفي، ناهيك عن الاحتياجات الضرورية التي يفتقر إليها المتحف من حيث طرق العرض وأساليبه وأيضا متطلبات ومرافق العمل المتحفي ووسائل الأمن والسلامة.

هاهو هذا المتحف العريق والهام مغلق ومنذ قرابة عامين بعد أن تعرض لحادثة سرقة أرجعت الجهات المعنية جانبا من القطع التي سرقت ومنذ ذلك الحادث والمتحف مغلق, وهذا الإغلاق قد يؤثر سلبا على القطع الأثرية كما أن الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد في ظل العدوان الذي لا يفرق بين الحجر والبشر وبين الجندي والمدني ولا بين الحاضر والماضي وبما أن المتحف يقع في قلب العاصمة صنعاء وبالقرب من مواقع تم استهدافها من قبل طائرات العدوان وتحديدا القيادة العامة للقوات المسلحة، وبالتالي تتزايد المخاوف على هذا المتحف خاصة أن مبنى المتحف قديم ومبني من الياجور الذي يتأثر بأبسط الاهتزازات وبالتالي قد يكون المتحف في مرمى العدوان أيضا .
إنعدام إجراءات الأمان
وهنا يؤكد الأخ إبراهيم الهادي أمين عام المتحف الوطني أن المتحف بالفعل تأثر بشكل كبير نتيجة استهداف العدوان لمقر القيادة العامة للقوات المسلحة، وأيضا نتيجة استهداف جبل نقم المواجة للمتحف وأدت الاهتزازات إلى تدمير زجاجات ونوافذ المتحف بالإضافة إلى فترينات العرض المتحفي التي تدمر العديد منها فضلا عن تكسر إحدى القطع الأثرية وهي عبارة عن مسرجة قديمة جدا سقطت جراء الاهتزازات وارتطمت بالأرض .
وبهذا يتضح فعلا أن المتحف في مرمى العدوان وبشكل غير مباشر ومن هنا تتصاعد المخاوف حول إمكانيات تكرر حالات السقوط للقطع الأثرية من أماكن عرضها إلى الأرض وهنا نتساءل ماذا عملت إدارة المتحف لتلافي هذه المشكلة وإزالة الخطر عن القطع الأثرية , حيث أوضح الهادي أنه تم إنزال كافة القطع المعروضة من فترينات العرض الخاصة بها في الأدوار العلوية وتجميعها ووضعها في الدور الأرضي .
ما قامت به إدارة المتحف أمر وقائي وخطوة جيدة لتأمين القطع الأثرية من الأضرار التي قد تتسبب بها الاهتزازات الناجمة عن قصف العدوان, ولكن يا ترى هل تم تخزين تلك القطع بشكل جيد يضمن سلامتها سواء من آثار قصف العدوان أو من عوامل أخرى طبيعية مثل الأرضة والحشرات والفئران أو حتى من الرطوبة , وبهذا الخصوص أشار الأخ إبراهيم الهادي إلى أن المخازف لازالت تراود العاملين في المتحف تجاه القطع الأثرية حتى وهي في المخازن الأرضية فقد تؤثر الاهتزازات عليها حيث يمكن أن ترتطم ببعضها البعض لأنها وضعت في أماكن صغيرة وبجوار بعضها , وأضاف: كنا نسعى إلى إنزال هذه القطع إلى الأدوار الأرضية وأن تتم هذه العملية بوسائل وأساليب  تحافظ على القطع مثلا يتم وضعها في حقائب حديدية محكمة الإغلاق ويتم لفها بالإسفنج واستخدام مادة الفلين كفاصل بين القطع ويتم أيضا رشها بالمبيدات التي تحافظ عليها من خطر الحشرات والفئران والرطوبة، إلا أنه وللأسف الشديد شحة الإمكانيات كانت عائقا أمام تنفيذ ذلك حيث رفعنا إلى وزارة الثقافة عبر هيئة الآثار عن احتياجنا لمبلغ (200) ألف ريال كحد أدنى  لإنزال القطع المعروضة وتأمينها وتوفير ما تحتاج إليه لتكون في مأمن ولكن ما صرف من وزارة الثقافة كان قليلا جدا لم يمكنا من عمل تلك الإجراءات حيث صرف لنا مبلغ (80) ألف ريال فقط .
المتحف وهو مغلق أكثر عرضة للخطر
وقال: صحيح أن المتحف عندما يكون مغلقا تكون قطعه الأثرية أكثر عرضة للضرر نتيجة للعوامل الطبيعية ولكن هذا الضرر قائم حتى وإن كان المتحف مفتوحا, قد يكون الضرر أقل والمتحف مفتوح ولكن الضرر موجود في كلا الحالتين لأن المتحف لا يمتلك أي موازنة لمواجهة أعمال الصيانة والترميم والتنظيف للقطع الأثرية أو حتى لمكافحة الحشرات والفئران التي قد تؤثر عليها وقد تم التواصل مع وزارة الزراعة من أجل مساعدتنا في هذا الموضوع من خلال توفير ورش مبيدات معينة فوق القطع ولكن حتى وزارة الزراعة ربما تعاني من شحة الإمكانيات, كذلك المخازن التي يتم تخزين القطع الأثرية فيها لا تحوي أي عوامل أو وسائل حفاظية ولا حتى تهوية، صحيح لدينا مخازن مناسبة لكنها لم تدخل الخدمة بعد بالرغم من أنها تعد الفريدة من نوعها على مستوى الشرق الأوسط من حيث الحجم والمساحة والتجهيزات إلا أنها لم تكتمل حتى النهاية فلازالت بعض الأشياء تنقصها، ومنها بعض الأجهزة والرفوف وأيضا تكييف مركزي حيث صممت هذه المخازن وفق أسلوب عالمي في التحكم سواء من حيث درجة الحرارة والرطوبة والإضاءة والتهوية وغيرها وقد كانت المناقصة نزلت لاستكمال كل تلك الأشياء وبمبلغ (400) ألف دولار إلا أن الصندوق الاجتماعي للتنمية الجهة الممولة للمشروع اسكثرت المبلغ بالرغم من أن المشروع في شكله الحالي انتهى العمل به في العام 2004م، ومنذ ذلك الحين ونحن نطالب الصندوق باستكمال المشروع الذي لو كان تم الانتهاء منه كانت القطع الأثرية الموجودة في المتحف سواء المعروضة أو المخزنة في أمان لاسيما في هذه الأيام الاستثنائية ولا يمكن أن يصل إليها أي ضرر .
أضرار قد تظهر لاحقا
ويسترسل الهادي قائلا: كان يمكن استغلال الظروف الراهنة التي يمر بها البلد بأن يتم عمل صيانة وتأمين للقطع الأثرية في المتحف بشكل عام وحفظها بطريقة صحيحة وتجنيبها أي أخطار قد تتعرض لها خاصة من تأثيرات الاهتزازات أثناء قصف طائرات العدوان .
ولفت إلى أن أضرارا قد تكون لحقت بالمتحف سواء بالمبنى أو القطع الأثرية ولكنها لن تظهر بشكل واضح وجلي حاليا وربما تظهر فيما بعد وذلك لاعتبارات عدة منها أن مبنى المتحف في الأصل قديم ومبني من الياجور،  أيضا القطع الأثرية حساسة جدا لأي اهتزاز ولا ننسى أنه تم قصف القيادة العامة القريبة من المتحف مرات عديدة وبصواريخ كبيرة فإذا كانت الشوارع والمنازل قد تأثرت فما بالنا بالمتحف القديم وقطعه الأثرية ذات الحساسية الكبيرة ..

قد يعجبك ايضا