ن ………والقلم…جمال الغيطاني !!! 

عبد الرحمن بجاش

هناك وهنا وهنالك بشر يصبحون مع الوقت جزءاً من عنوان , قل من روح مدينه , قل جزء هام من الشارع الذي يعرفك كل صباح , وأنت تعرفه , وخبرته سنين طوالاً . قال محمد عوده ذات مساء كان المساء القهري يودع جميله علي رجا : كيف للقاهرة أن تكون بدون جميله ؟؟, أي جمال سيظل بعدها!!! , يومها لم يفهم المعنيون المعنى , والمعنى لا يفهمه سوى الذي يتماهون مع الجمال , والإنسانية روحا وشكلا . هل يمكن لصنعاء أن تكون بدون المقالح ؟؟ , هل لصنعاء التاريخية أن تكون بلا مآذنها , وصوامعها , وجدرانها , وصمت يحكي ألف حكاية , قرأه وسمعه , وأنصت إليه بأذنيه , وعينيه , وقلمه , وأوراقه , جمال الغيطاني وحده حين ظل ذات يوم طوال نهار بكامله يقرأ جدران صنعاء التاريخية , وما تقوله جدرانها , وحكاية طويلة قرأها في قمرياتها , وحتى شقوق البيوت القديمة , كان ذلك إبان ندوة الثقافة والأدب والفن التي فيها ارتفع صوت أمين العالم لآخر مره محتجا !!!. كمال زهيري هو الآخر حين كان يريد أن يمتلئ فيذهب إلى حواري القاهرة القديمة , خذ الجمالية , خذ بولاق , خذ العباسية , خذ الباطنية , خذ الحلميه , ووحده فيصل علي كتب ليالي الجحمليه التي لا ادري الآن هل ما يزال لها ليل أو نهار ؟؟؟ هنا السؤال ؟؟؟؟ . يغيظني كلما يرد اسم الغيطاني جمال أمامي , أو حتى تمر ترويسة أخبار الأدب مسرعة تستفزني !! , لكنني حزين على رحيله , فقد خسرناه , ومبعث غيظي أنني ظللت طوال ثلاثة أيام ألاحقه في ردهات ومطاعم , وغرف الشيراتون , ففاز به زميلي عباس غالب , فقد ألقيت القبض عليه ذات مساء وعرضت عليه لقاء مع (( الثورة )) للصفحة الثقافية , فحاول التملص , فحاصرته , فحاول محاولة أخيره : (( وريني الاسئلة )) بعد أن التقط له حويس وأنا معه أكثر من لقطه , قرأها أعجبته , وعدني بعد ساعة من تلك اللحظة , وساعة تلحقها أخرى , لأطارده ثلاثة أيام , حتى اكتشفت انه سافر , وفاز به زميلي …ظللت كلما رأيت صورته , أو الحظ أخبار الأدب , أو اسمع عنه , أو أعيد مشاهدة اللقطات التي جمعتني به حتى أتميز غيظا , لكن كل ذلك لم يمنعني من قراءته , ومتابعة (( أخبار الأدب )) , حتى قرأت خبر وفاته , قلت لحظتها : خسرنا علما آخر وإن كنت زعلاناً منه رحمه الله وعاشت أخبار الأدب التي حرمنا منها , كما حرمنا من (( دبي الثقافية )) و كتابيها , و(( الدوحة )) و (( العربي )) , خسرنا زادنا الذي منه ننهل بسبب هذا العبث الذي لا طائل من ورائه …..رحم الله جمال وان كان ما يزال الغيظ يسكنني من الغيطاني .

قد يعجبك ايضا