الذهب الأسود هو ما جر اليمن نحو الهاوية

 
بقلم/ بهار كيميونغور

طائرات لا تعرف المعايير الدولية للحروب فهذه الطائرات لا تعرف الفرق بين المدنيين ولا المدارس و لا المستشفيات فعملها الوحيد هو إسقاط القنابل على الأطفال و تحويل أجسامهم إلى أشلاء.
قنابل لا تعرف حرمة المقابر و لا ماذا يعنى التراث و لا الحضارة.
عذرا سوريا, فاليوم الحديث ليس عن مأساتك إنما عن الجزء الآخر من شبه الجزيرة العربية عن البلاد المنسية اليمن الذي يروي بدوره فصول قصة اغنى دولة عربية في العالم تبغي على أفقر دوله عربية في العالم.
عشية 25 من شهر مارس المنصرم تعرض اليمن للغزو من جارتها المملكة العربية السعودية هذه الجارة الصديقة التي باعت مواردها النفطية الضخمة مقابل شراء الأسلحة من أوروبا.
أظهرت التقارير الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة أن عدد المدنيين الذين سقطوا أثناء الحرب التي شنها النظام الوهابي على اليمن فاق بشكل كبير عدد المدنيين الذين سقطوا خلال الحرب في سوريا. حيث بلغ عدد الضحايا من المدنيين الذين سقطوا في هذه الحرب ما يقرب من نصف العدد الكلي للضحايا بينما بلغ عدد المدنيين الذين سقطوا خلال المواجهات في سوريا ما يقارب الثلث فقط من إجمالي الضحايا.
فنحن لم نسمع عن أي من صيحات الاستهجان ضد الهجمات الوحشية التي تعرضت لها اليمن كتلك التي أطلقت ضد الأعمال الوحشية التي قام بها نظام بشار الأسد بحق الشعب السوري الذي فُرض على نظامه عقوبات اقتصادية وعزلة سياسية.
توالت الهجمات الشرسة على اليمن كما حرص الصديق المقرب للغرب الملك سلمان بن عبد العزيز على فرض حصار جوي و بري وبحري مما سيؤدي إلى تعرض ما يقرب من عشرين مليون نسمة للموت بفعل الجوع والعطش بسبب هذا الحصار المفروض على اليمن.
فالحرب في اليمن تمثل سياسة الكيل بمكيالين حيث غض العالم الطرف عما يجري في اليمن بينما يطلق صيحات الاستهجان والتنديد بما يحدث في سوريا فهذه السياسة أشبه بمباراة للملاكمة للوزن الثقيل ضد وزن الذبابة، ففي هذا المباراة لمن ستكون الغلبة يا ترى !
وعاء من حديد ضد وعاء من الطين
إن حقيقة العدوان السعودي على اليمن يحمل في طياته أبعاداً أسطورية فهذه هي حقيقة الحرب التي شنتها المملكة العربية السعودية والتي تعتبر اغنى دولة عربية على مستوى العالم ضد اليمن أفقر دولة عربية على مستوى العالم.
مرة أخرى ها نحن نخضع لقانون الغاب حيث ترك العالم الغربي لصديقه المقرب الملك سلمان آل سعود الحق في خلق صراع شيعي سني في اليمن في حين أن اليمنيين كانوا يجتمعون تحت سقف مكان واحد لتأدية الصلاة معاً دون أي مسميات مذهبية تذكر. فنحن الآن نعمل على إضافة صبغة شيطانية لجماعة أنصار الله واصفين إياها بأنها تمرد شيعي أو حوثي وهذا فقط من اجل إرضاء صديقنا الملك سلمان.
تعتبر جماعة أنصار الله أو ما يعرف بجماعة الحوثي أنها ائتلاف وطني يضم العديد من الشخصيات السنية مثل مفتي مدينة تعز الشيخ سهيل بن عقيل و جماعات غير دينية مثل حزب البعث العربي الاشتراكي في اليمن.
استبعدت الحكومات الغربية جماعة أنصار الله من طاولة مفاوضات السلام في حين أن حركة التمرد كانت تجلس على نفس الطاولة مع خصومها السياسيين بما في ذلك الرئيس عبد ربه منصور هادي، عميل المملكة العربية السعودية الذي كان آنذاك تحت الإقامة الجبرية.
وهكذا ترك المجتمع الدولي اليمن ليصبح الحديقة الخلفية لمنزل الملك سلمان في الوقت الذي يحلم هذا البلد بالاستقلال.
وقف المجتمع الدولي مكتوف الأيدي عندما أقدم إتباع الملك سلمان (القاعدة – داعش) على إحراق كنيسة القديس سان جوزيف في مدينة عدن و تفجير مسجد المؤيد التابع للتيار الشيعي في العاصمة صنعاء.
لم يذرف العالم حتى دمعه واحدة على أطفال اليمن الذين أحرقوا أحياء جراء القنابل التي يلقي بها صديق المجتمع الدولي الملك سلمان.
اليمن ذلك البلد البعيد جغرافياً الذي لا يستطيع الهروب منه من اجل الوصول إلى الأراضي الأوروبية، فهذه البلاد المحتقرة لم تتمكن حتى من إيصال المعاناة التي تعيشها.
ولو افترضنا أن الكاتب الفرنسي الشهير جان دي لافونتين شهد الحرب التي شنتها المملكة العربية السعودية ضد جارتها البائسة اليمن لقولنا انه استشهد بهذه الحرب عندما قدم روايته الشهيرة وعاء من حديد ضد وعاء من طين:

(صديقي القى عليَ الشظايا…. فهل من داعي لشكوى)
اليمن اليوم يعتبر فيتنام الأمس
تعيش اليمن اليوم نفس السيناريو الدموي الذي عاشتها فيتنام بين العامين 1960-1970 فالرئيس عبد ربه منصور هادي ينظر إليه وكأنه دمية في يد المملكة العربية السعودية كما هو شأن رئيس دولة فيتنام نغو دينه ديم بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية خلال حربها على فيتنام.
فجماعة أنصار الله اليوم تعتبر قوات الفيتكونغ (الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام) الأمس بوجود اختلاف بسيط جدا بينهم فالأول ما هم إلا عبارة عن نسيج شيعي و الثاني عبارة عن نسيج شيوعي.
تسعى كل من الحركات القومية في فيتنام الأمس و الحركات القومية في اليمن اليوم إلى تحقيق الهدف المشترك بينهما وهو تحرير أوطانهم من حكم الولايات المتحدة الأمريكية والحد من التدخل في شؤونها.
لاقت المقاومة الفيتنامية في ذلك الوقت الدعم الكبير من المنظمات الحقوقية بالرغم من ان قوات الفيتكونغ حظيت بتأييد ودعم من الاتحاد السوفيتي و الصين.
أما اليوم فقد تجاهل الكثيرون من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي ما يحدث في اليمن فهم يرفضون الدفاع عن حق الشعب اليمني في المقاومة بحجة أنها مدعومة من إيران وسوريا، متناسين دورهم الأساسي وهو إعلاء راية السلام.
لا دماء من أجل النفط
استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية أراضي المملكة العربية السعودية بين العامي 1991-2003 أثناء حملاتها العسكرية التي شنتها على العراق حيث ارتفعت الأصوات المنددة بهذه الحرب مرددين “لا دم مقابل النفط”.
وبالرغم من كل هذا لم يكترث احد إلى هذه الدعوات فالولايات المتحدة الأمريكية و المملكة العربية السعودية لم تغيرا من الطريقة التي تتعاملان بها تجاه أي حرب تخوضها وبالتالي فالكثير من الدماء مازالت تسفك بسبب النفط.
وهذا ما يجري حاليا في اليمن فالشعب اليمني أصبح إحدى ضحايا هذه الحروب الدموية التي أعطت الحكومات الغربية الحق في تذوق الذهب اليمني الأسود.
موقع لو جغوند سواغ الفرنسي/ ترجمة/ سبأ

قد يعجبك ايضا