الإسلام دعا إلى التكافل والتعاون بين الناس

 

> تفقد المحتاجين من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى
الثورة / أمين العبيدي

في ظل هذا الحصار الخانق الذي يفرضه العدوان على هذا الشعب الذي ينتظر في كل يوم أن يشرق الصباح بنوره ليبدد هذا الليل المظلم ترتفع كل يوم نسبة الفقراء وتكثر البطالة ويشتد الغلاء على مستوى كل مقومات العيش حيث بلغت القلوب الحناجر عند أكثر اليمنيين وفي هذا الوضع المأسوي الذي يعيشه الإنسان اليمني دعا العلماء والدعاة كل أبناء الشعب إلى زيادة التراحم والتكافل والأخوة فيما بينهم .. مؤكدين أن من بات شبعاناً وجاره جائع إلى جواره وهو يعلم فقد خالف تعاليم الإسلام التي توصي بالجار وحسن التعامل معه..
* في البداية تحدث العلامة محمد المهدي بقوله: يعلمنا صلى الله عليه وآله سلم أن لنا واجبا قدسياً تجاه جميع الخلائق فيقول صلى الله عليه وآله وسلم (في كل كبدٍ رطبةٍ صدقة) وفي هذا الوضع الذي نعيش فيه كم من الناس يعانون من الفقر والجوع يموتون خلف أبواب بيوتهم لا يسألون الناس إلحافاً يصبرون على الجوع وشدة البرد لا يجدون ما يتغطون به فأين أصحاب القلوب الرحيمة، وفي الحديث الذي يرويه صلى الله عليه وآله وسلم أن امرأة سقت كلباً يلهث من العطش فدخلت الجنة فكيف بمن ينقذ أسرة تموت من الجوع ويطعم إنساناً لا يجد كسرة الخبز كم له من الأجر والحسنات
مضيفا بقوله: ونحن نجد بعض هؤلاء المحتاجين من الأطفال والنساء والشيوخ وسط العديد من النازحين واللاجئين الذين انقطعت بهم السبل فأصبحوا في عداد الأموات الأحياء وهم ينتظرون للفرج من الله فكل يوم تشرق فيه الشمس ينظر بعضهم إلى بعض بنظرة المتفائل الذي أصبح يعيش في حلم أن يعود الوطن كما كان
مشيرا إلى أن أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى الصدقة على الفقراء والمحتاجين , وهي دليل على صحة إيمان العبد بربه , ويقينه بأن الرزق بيد الله تعالى وحده , قال تعالى : « قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ «
فالمال ميال بالقلوب وحاجب لها عن رؤية ما ينتظر العبد من جزاء , وحاجب لها عن رؤية ما لله تعالى من نعم ومنن عليه تستوجب الشكر , عَنِ ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ :قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فِي ابن آدَمَ سِتُّونَ وثلاثمئة سُلاَمَى , أوْ عَظْمٌ , أوْ مِفْصَلٌ , عَلَى كُلِّ واحِدٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَة , كُلُّ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ صَدَقَةٌ , وَعَوْنُ الرَّجُلِ أخَاهُ صَدَقَةٌ , وَالشَّرْبَةُ مِنَ الْماءِ يَسقِيهَا صَدَقَةٌ , وَإِمَاطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ..
والمؤمن يدرك قيمة التكافل وأنه لا يعيش لنفسه فقط وأن عليه أن يعطي الفقراء والمحتاجين من مال الله الذي هو مستخلف عليه , قال تعالى : « آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ «, عن أبي سعيد الخدري قال:بينما نحن معِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ في سفر؛ إذ جاء رجل على ناقة له،فجعل يَصْرِفُها يميناً وشمالاً، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ :» من كان عنده فَضْل ظَهْرٍ ؛ فليَعدْ به على مَنْ لا ظهر له. ومن كان عنده فَضْلُ زادٍ؛ فَلْيَعدْ به على مَنْ لا زادَ له «، حتى ظننا أنه لا حَقَّ لأحد منَّا في الفَضْلِ
والعاقل هو من ينافس في حب الخير , وفي التصدق على المحتاجين , عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وآله وسلم – قَالَ :«لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَينِ ، رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْقُرآن فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاء اللَّيلِ وَآنَاء النَّهَارِ ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَهُوَ يُنْفِقهُ آناء اللَّيلِ وَآناء النَّهَار) لذا حث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته رجالاً ونساءً على التصدق فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – في أضحى أو فطر – إلى المصلى ثم انصرف فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة فقال : أيها الناس تصدقوا فمرَّ على النساء فقال : يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار … فلما صار إلى منزله جاءت زينب امرأة ابن مسعود تستأذن عليه ، فقيل : يا رسول الله هذه زينب فقال : أي الزيانب ؟ فقيل : امرأة ابن مسعود ، قال : نعم ، ائذنوا لها ، فأذن لها ، قالت : يا نبي الله إنك أمرت اليوم بالصدقة ، وكانت عندي حلي لي ، فأردت أن أتصدق بها، فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق ابن مسعود ، زوجك وولدك أحق من تصدقك به عليهم وأنت أيها الرجل أعلم أن خير الصدقة وأفضلها هي على اهل بيتك وأن لقمة تضعها في فم زوجتك لك فيها أجر.
«تطهير النفس «
وعن تطهير النفس بالتصدق على الفقراء والمحتاجين يقول: العلامة يعقوب الحسني في الصدقة تطهير للنفس من الشح والبخل وتطهير للنفوس من الأحقاد والضغائن , قال تعالى : « خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ أن صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وقال سبحانه : « فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ) سورة التغابن.
«المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة «
وأما الشيخ صابر النوفاني فيقول: يوم القيامة حينما تدنو الشمس من رؤوس الخلائق ويلجمهم العرق إلجاما تأتي الصدقة وتظلل صاحبها فالجزاء من جنس العمل فكما أنه أظل الفقير من هجير الحياة بصدقته وأخرج له أحب الأشياء إلى نفسه فإن الله تعالى يكافئه بمثل فعله , قال الله -تعالى-: «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم».
عَنْ أَبِي الْخَيْرِ ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: كلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ ، حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ قَالَ : حَتَّى يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ.
قَالَ : وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لاَ يُخْطِئُهُ يَوْمٌ ، إِلاَّ تَصَدَّقَ فِيهِ بِشَيْءٍ ، وَلَوْ كَعْكَةً ، أَوْ بَصَلَةً ، أَوْ كَذَا. أخرجه
قال ابن الجوزي في: ( بستان الواعظين ) : « ذكر أن العبد إذا قدم إلى ميزانه وأخرجت سجلات سيئاته أعظم من جبال الدنيا فإذا وجدت له صدقة طيبة تصدق بها لم يرد بها إلا وجه الله تعالى ولم يطلب بها جزاء من مخلوق ولا رياء ولا سمعة ولا محمدة ولا شكر فإن تلك الصدقة توضع في الميزان بأمر الملك الخلاق فترجح على جميع سيئاته ولو كانت سيئاته مثل وزن الجبال وأنشدوا:
يا جامع المال يرجو أن يدوم له * * * كل ما استطعت وقدم للموازين
ولا تكن كالذي قد قال إذ حضرت * * * وفاته ثلث مالي للمساكين

قد يعجبك ايضا