لا تحاول أيها العدو

محمد خالد عنتر

نعم إنها أزمةٌ صعبة .. إنها ظروفٌ لم نشهد مثلها من قبل..
الحرب والحصار والموت والجوع والفقر والمرض .. نحن نعيش أصعب أيام حياتنا .. ورغم ذلك لم نشعر بعد بأنها النهايه ..
لماذا؟؟
لأننا مدركون جيداً أن النهاية ليست في الجوع والخوف والمرض .. بل وليست حتى بالموت..
النهاية هي أن نرضخ .. أن نسلم أنفسنا للعدو بدون مقاومة..
أن نعيش أسرى في قيود من يملكون القوة.
نحن اليوم ندفع ثمن حريتنا التي أبينا إلا الحصول عليها بعد أن أرادت مملكة الشر تركيعنا ..
نقدم كل يوم دمائنا قرابيناً لوطننا الذي لم يشهد في ظل هيمنة تلك المملكة الخبيثة إلا كل ألمٍ ودمار ..
ولذا ..
من يظن أن التسليم والرضوخ هو الحل .. وأن بإنصياعنا لشروط الجارة العجوز سوف ننجو من النيران والموت المتتابع فإنه فقط يخادع نفسه ..
لأن تقديم رقبتك للعدو بحجة حمايتك هو الانتحار بعينه .. فالعدو لا يريد من كل ذلك الحشد إلا الوصول إلى رقبتك ..
فكيف تقدم له رقبتك بكل هذه البساطة معتقداً أنه سينجيك ..
ببساطة..
رقابنا عزيزة .. ولا تقبل أن تسقط بهذه البساطة ..
وإن كان الحل الوحيد في كلا الحالتين هو أن نموت .. فليكن الموت بشرفٍ هو مصيرنا لأن رقابنا في هذه الحالة على الأقل ستبقى موصولةُ بأجسادنا وتدفن بكرامة ..
ما أسهل الجوع والفقر والخوف والموت حين نكون أحراراً ..
ولكن ..
مهما شبعنا وأمنا وعشنا واغتنينا ونحن خلف القضبان وبين القيود فكل هذا هباء .. وكل حياتنا ومالنا وأمننا وشبعنا لا معنى لها ..
لأن العدو لا يزال يقبض بخناقنا .. ويستطيع بضغطة زر تغيير كل هذا ..
يحاولون إغرائنا بكل تلك الأحلام الوردية فقط لنسمح لهم بالسيطرة التامة على كل شيء ..
ولكننا نعلم جيداً أن كل تلك الإغراءات مجرد أوهام .. يريدوننا أن نستبدل واقعنا ولو كان مزرياً بها ..
وندرك جيداً أن الأوهام ستبقى دائماً أوهاماً .. وأن الواقع بكل سوئه وبؤسه أبقى وأضمن ..
وقابل للتغيير بعكس الوهم الذي يحاولون تزيينه لنا ..
لا تحاول أيها العدو ..
نحن نعلم جيداً الفرق بين الواقع والوهم .. ونحن نختار الواقع المر على الوهم الحلو ..
لأن الواقع يمكن تغييره إلى الأفضل ..
لكن الوهم يبقى وهماً مهما حاولتم تغييره.

قد يعجبك ايضا