أمريكا وفرنسا وشماعة الإرهاب

 

ياسر شرف الدين

لو كان الفيس بوك موجودا في أحداث الحادي عشر من سبتمبر هل كان بوش الابن مضطرا لاستدعاء جميع قادة وزعماء العالم العربي والإسلامي للتوقيع على وثيقة مكافحة الإرهاب كنوع من الاستفتاء والتصويت على مخططهم المستقبلي بحقنا نحن العرب والمسلمين ؟؟
باعتقادي لو كانت هذه المواقع موجودة في ذلك الوقت لغير كثيرا من الناس صورهم بالعلم الأمريكي كصورة تعبيرية عن تضامنهم مع الشعب الأمريكي الذي فجع بتلك الحادثة، إلا أن مارك زوكر بيرغ لم يكن قد أنشأ ذلك الموقع لتقيس الـ cia الرأي العالمي من خلاله.
قام الأمريكيون والأوروبيون بقيادة بوش الابن في تلك المرحلة بالدعوة للتوقيع على وثيقة مكافحة الإرهاب من قبل زعماء العرب والعالم كبديل لذلك الاستفتاء باعتبارهم ممثلين لشعوبهم التي لم تكن قد وصلت لمستوى من الوعي يمكنها من معرفة أنها المستهدفة من ذلك الحادث الذي سيؤدي بالنتيجة لاحتلال أفغانستان والعراق.
توالت الأحداث بعد ذلك التوقيع والتضامن العربي والإسلامي غير الواعي لتكشف حجم المؤامرة الأمريكية على العرب والمسلمين التي تحدث عن مضمونها بوش الابن قائلا (أنها حرب صليبية مقدسة وأنه من لم يكن معنا فهو ضدنا).
بعد التوقيع والاستفتاء العالمي توجه الأمريكان لاحتلال أفغانستان تحت ذريعة قتال طالبان التي حددت من قبلهم كمتهم رئيسي وحيد في تفجير برجي التجارة العالمي التي كانوا هم رواد صناعتها في مواجهة الإتحاد السوفيتي سابقا وباعتراف وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون سابقا فدمرت البلاد ونهبت الثروات ولم تنته القاعدة بل ظلت هناك و انتقلت بقدرة أمريكية فاضحة تحت أعينهم وبرعايتهم إلى بلد آخر لتبدأ المرحلة الثانية من المخطط وهي التوجه باتجاه بلد عربي إسلامي وهو العراق لاحتلاله تحت غطاء سياسي وعسكري الأول إزالة صدام حسين والثاني تدمير أسلحة الدمار الشامل لكن في الحقيقة كانت المهمة زرع القاعدة في بعض المحافظات ونهب ثروات ونفط البلد في المحافظات الأخرى وتقسيمه وشرذمته مستقبلا الأمر الذي أكدته الوقائع والأحداث السابقة و اللاحقة لاحتلالهم للعراق والتي دحضت وجود أسلحة دمار شامل بحسب تقارير منظمة الطاقة الذرية وكذا عدم خروج الأمريكيين بعد اعتقال صدام حسين وحتى بعد إعدامه الأمر الذي اضطر العراقيين لمقاومتهم وإخراجهم كرها بعد أعوام ولكن بعد تضحيات جسيمة.
اضطر الأمريكيون بعدها للاستمرار في ذات المخطط ولكن بصياغة وجه جديد للقاعدة وهو (داعش).
داعش التي أقامت (دولة خلافة إسلامية في العراق وسوريا) برعاية أمريكية أوروبية وبدأت بنسج خيوطها في دول عربية كثيرة منذ أكثر من أربعة أعوام تحت عدة مبررات قامت قبل أيام بضرب العاصمة الفرنسية باريس والتي على ضوئها خرج الكثير عن صمتهم و تحدثوا عن مساوئ الإرهاب وخطورته في الوقت الذي تعاموا وسكتوا عما يحصل في بلدانهم وقاموا على غثرها بتغيير صورهم في مواقع التواصل الاجتماعي ووضعوها تحت العلم الفرنسي كنوع من التضامن وهو في الحقيقة استفتاء مخابراتي عن مستوى وعي العرب بالمخطط المرسوم لهم .
اليوم لدينا تجربة أكثر وضوحا من التجربة الأمريكية وهي التجربة الفرنسية المشاركة في رعاية داعش وأثارها الناتجة في الوطن العربي والإسلامي كما هو حاصل في سوريا والعراق وليبيا واليوم في اليمن.
ومع هذا لم يأخذ البعض من الدرس الأمريكي الماضي عبرة لهم ولم تكن للكوارث التي أحلها زعماؤنا العرب والمسلمون بانضمامهم لحلف (مكافحة الإرهاب) أثار في مستوى وعيهم إلا القليل، ولم يعوا بعد أن ما يحصل في بلداننا من أعمال قتل وسحل وعنف وتدمير ممنهج من قبل داعش والقاعدة لم تكن لتحصل لولا تماهيهم مع المشروع الأمريكي الصهيوني الذي رفضوه في أمريكا وفرنسا ورحبوا به وقبلوا به في العراق وسوريا وليبيا واليمن.
في الأخير من أراد أن يتضامن مع الشعب الفرنسي فليحدد تضامنه الشعبي مع الحادثة وليربط بشاعتها بالنظام الفرنسي كونه من يساهم في إنتاج داعش ويؤمن حضوره في بلداننا طالما وهي لا تزال ترسا في العجلة الأمريكية لاحتلال وتدمير شعوبنا ولتكن أعلام بلداننا أولى بنا وبقلوبنا و حتى لا تحتل أوطاننا بسبب قلة وعينا بحقائق الأمور.

قد يعجبك ايضا