لحظة يا زمن.. ساكت ومربوش
حين يجلس على الرصيف ويتكئ على حجر .. وتمر أمام عينيه سيارات وبشر.. ويظل يتابع ..ربما يتغير المشهد وتهبط كائنات أخرى مع آلاتها الغريبة حتى تستمر جلسته .. لكنها نفس الأشكال مع الاختلاف في السعن والملامح .. بعدها ينهض .. ينفض غباراً … علق بثيابه , ومن ثم يسير .. مرسلا نظراته البلهاء ما بين الغائب والحاضر .. وتتردد في أذنيه نفس الجلبة والضجيج .. اللذين لم يتبدلا أبدا منذ دخوله المدينة .
يستمر عابرا .. والأشياء من حوله تتخذ كما يراها وجودا محسوسا .. وأحيانا تختفي من إدراكه ..لأنه في تلك الحالة يكون في عميق السرحان والتوهان .
في زاوية يراها بعيدة نوعاً ما .. من الضجيج والجلبة .. تجول عينيه .. حتى تهتديان إلى حجرة مرمية يحملها ويستوي في جلسته متكأ عليها ثم يزاول عادته في النظر عبر الفضاء المحدود بين شارعين .. لكنها جدران حجرية مقفولة النوافذ تبدو لعينيه ستائر بيضاء وراء الزجاج ولا شيء آخر ..يقطع ذلك الهدوء عبور سيارات .. وعبور بشر ..ثم ينتفض وينهض .. ينفض أطراف ثيابه من الغبار .
ويستمر في خطوه .. بتلك النظرات الغائمة .. يرى الأشياء أحيانا ثم تغيب عن النظر وفي غالب الأحوال .. لا يتبرم ولا يدعى ضجرا .. لكن الشيء الذي يفور في النفس ..هو رغبته العميقة .. والحاح شديد يتفاعل في داخله .. والأمل الساكن في أحشائه ويمتلئ منه إحساسا طاغيا ..أنه لابد ملاقي .. صورا ومشاهد .. تمتلئ بكائنات غريبة تحمل ملامح وسحن .. غير ما تعود عليه تلك الرغبة التي تجعله .. يجلس .. ثم ينتفض يطوى بخطواته شوارع المدينة .. ربما تهبط كائنات بآلاتها العجيبة ..وتتبدل المشاهد والصور .. كما يأمل ويرجو .