صلاح حامد عبدالعظيم محمد
الناس في حاجة إلى كنف رحيم ورعاية حانية وبشاشة سمحة, هم بحاجة إلى ود يسعهم وحلم لا يضيق بجهلهم, ولا ينفر من ضعفهم في حاجة إلى قلب كبير يمنحهم ويعطيهم ولا يتطلع إلى ما في أيديهم, يحمل همومهم ولا يثقلهم بهمومه, إن تبلد الحس يهوي بالإنسان إلى منزلة بهيمية أو أحط الإنسان بغير قلب رحيم أشبه بالآلة الصماء وهو بغير روح ودود أشبه بالحجر الصلب.
إن الإنسان لا يتميز في إنسانية إلا بقلبه وروحه لا في أكوام لحمه وعظمه, بالقلب والروح يعيش ويشعر وينفعل ويتأثر ويرحم ويتألم, الرحمة كما في الطبيعة البشرية تجعل المرء يرق لآلام الخلق فيسعى إلى إزالتها, كما يسعى في مواساتهم وييأس لأخطائهم, فيتمنى هدايتهم ويلتمس أعذارهم.
الرحمة صورة من كمال الفطرة وجمال الخلق تحمل صاحبها على البر وتهب عليه في الأزمات نسيماً عليلاً تترطب معه الحياة وتأنس له الأفئدة, في الحديث الصحيح «جعل الله الرحمة مائة جزء أنزل في الأرض جزءاً واحداً, فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدالة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه», صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
الرحمة تحصل للمؤمنين المهتدين بحسب هداهم, فكلما كان نصيب العبد من الهدى أتم كان حظه من الرحمة أوفر فبرحمته سبحانه شرع لهم الشرائع, بل برحمته جعل في الدنيا ما جعل من الأكدار حتى لا يركن وا إليها فيرغبون عن نعيم الآخرة, وأرسل نبيه محمداً بالرحمة, فهو نبي الرحمة للعالمين أجمعين, قال تعالى : «وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين» من الإيناس والبر وفي طبعه من السهولة والرفق وفي يده من السخاوة والندى ما جعله أزكى عباد الرحمة رحمة وأوسعهم عاطفة وأرحبهم صدراً, قال تعالى : «فبما رحمة لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا لانفضوا من حولك», وقال تعال : «لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عندتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم», والإسلام رسالة خير وسلام ورحمة للبشرية كلها دعا إلى التراحم وجعل الرحمة من دلائل كمال الإيمان, فالمسلم يلقى الناس وفي قلبه عطف مدخور بر مكنون يوسع لهم ويخفف عنهم وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابة أجمعين.
عضو البعثة الأزهرية باليمن