جمالة البيضاني غيرت حياتنا وفتحت لنا أبواب المستقبل

 - قليلون هم الأشخاص الطامحون في أي مجتمع نظرا لأن هؤلاء يمتازون عن غيرهم بامتلاكهم لإرادة ودافع كبير لتحقيق ما يطمحون إليه ومواجهة أي تحد أو صعوبات تعترض طريقهم في الوصول إلى مبتغاهم .
ومع ذلك قد تجد
استطلاع/ مطهر هزبر –
قصة كفاحها تحفزنا على إكمال مشوارها في مواجهة الإعاقة

قليلون هم الأشخاص الطامحون في أي مجتمع نظرا لأن هؤلاء يمتازون عن غيرهم بامتلاكهم لإرادة ودافع كبير لتحقيق ما يطمحون إليه ومواجهة أي تحد أو صعوبات تعترض طريقهم في الوصول إلى مبتغاهم .
ومع ذلك قد تجد من بين هؤلاء الطامحين أشخاصاٍ أنانيين لا يقبلون أن يشاركهم أحد فيما وصلوا إليه وفيما حققوه من نجاح وقلة قليلة من بين هؤلاء الطامحين من يحرص على إشراك الآخرين فيما حققه من نجاحات ويعمل بكل ما أوتيت من جهد لتعم فائدة نجاحه الأشخاص الآخرين ومن هؤلاء المربية الفاضلة / جمالة البيضاني رئيسة جمعية التحدي لرعاية وتأهيل المعاقات التي انتقلت إلى رحمة الله تعالى منتصف ديسمبر الماضي.
حيث كانت رحمها الله خلال مسيرة حياتها المليئة بالعطاء تعيش لغيرها وتعمل بجد واجتهاد لتحقيق هدف ورسالة عظيمة غايتها كسر العزلة عن الفتيات ذوات الإعاقة وتمكينهن من برامج التأهيل والتدريب التي تنفذها الجمعية من أجل إكسابهن المهارات وتيسير حصولهن على فرص عمل تساعدهن في المشاركة التنموية والاندماج في المجتمع.
قصة نجاحها وكفاحها المرير في تحدي الإعاقة والتغلب عليها صار حديثا يروى عن امرأة لم تعرف المستحيل قهرت واقعها المؤلم وحولته إلى واقع أفضل ليس لها فحسب بل لنساء كثيرات عشن تجربتها وحلمن ألا تنتهي حياتهن حبيسات الجدران فأراد الله أن تكون جمالة البيضاني هي صانعة هذا التحول وهذا التغيير في حياتهن.

استطلاع / مطهر هزبر
( غيرت حياتي )
أسماء محمد قبة: طالبة جامعية من ذوات الإعاقة وإحدى منتسبات جمعية التحدي لرعاية وتأهيل المعاقات قصتها تحكي جانبا جميلا من حياة الفقيدة جمالة البيضاني رحمها الله باعتبارها كانت الحضن الدافي للكثير من الفتيات ذوات الإعاقة وبخاصة فتيات الإعاقة في الريف حيث تكون الإعاقة سببا رئيسيا في عزلة الفتاة وحبسها بين جدران منزلها .
أسماء قبة فتاة من ذوات الإعاقة من مديرية بني مطر برغم أنها ارتادت المدرسة لكنها كانت تشعر بالإحباط واليأس لسان حالها يقول (ما الذي يمكن أن تفعله فتاة معاقة في منطقة ريفية لتغيير واقعها المؤلم ) فكل همها كان أن تكمل دراستها الثانوية لكن الله أراد أن يتغير هذا الواقع المؤلم وأن تتبدل حالة الإحباط واليأس اللذين لازما حياتها إلى واقع أفضل عنوانه السعادة والإحساس بأنها شخص قادر على العطاء والانخراط في المجتمع لكن كيف تغير واقع أسماء بهذه السرعة ,وما دور جمالة البيضاني بهذا التغيير ¿ الإجابة على هذه التساؤلات تجيب عليها أسماء قائلة : ( لقد فتحت لي المرحومة جمالة البيضاني أبواب المستقبل لقد كنت أشعر أن أبواب الحيات أمامي مغلقة) كانت أسماء تظن أن كل الفتيات ذوات الإعاقة أمثالها حبيسات المنازل وأن لا طموح لهن إلى أن شاهدت ذات يوم الفقيدة / جمالة البيضاني على التلفزيون تتحدث عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبخاصة الفتيات ذوات الإعاقة وكيفية إدماجهن في المجتمع وعن دور جمعية التحدي في مجال رعاية وتأهيل الفتيات ذوات الإعاقة فحفزها هذا الحديث للانخراط في الجمعية وعدم الاستسلام لواقعها ,وفي هذا السياق تقول أسماء قبة : (عندما وصلت إلى جمعية التحدي والتقيت بالأستاذة جماله رحمها الله شعرت إني قريب منها لقد قابلتني بابتسامة وترحاب وجلست تحدثني عن الجمعية وعن الفتيات ذوات الإعاقة فيها والبرامج التدريبية والتأهيلية التي تقيمها وسألتني عن دراستي فقلت لها إني لم أنه بعد المرحلة الثانوية فقالت لي عودي لإكمال دراستك الثانوية وشجعتني على ذلك ووعدتني أنها ستساعدني في دراستي الجامعية وفعلا عدت إلى القرية لكني عدت وقد تخلصت من الإحباط واليأس وأكملت دراستي الثانوية وعدت إلى الجمعية ووفرت السكن الداخلي ووفرت لي كافة الإمكانيات والاحتياجات لمواصلة الدراسة الجامعية والتدريب في العديد من البرامج داخل الجمعية .
لقد تغيرت حياتي داخل الجمعية تعلمت من الأستاذة جمالة الكثير لقد كانت بالنسبة لي ولأخواتي الفتيات في الجمعية المرشدة والمعلمة والأم الحنون كانت سببا في إخراجنا إلى المجتمع وكانت السبب أيضا في كسر عزلة الإعاقة عنا تعلمت من خلالها العديد من المهارات وتعلمت منها كيف تصبح شخصاٍ فاعل وكيف تتعامل مع الناس دون أن تشعري بأي نقص لكونك فتاة معاقة .
( سنكمل المشوار )
عند سماع أسماء خبر وفاة الأستاذة جمالة البيضاني شعرت أن الدنيا أظلمت أمامها وشعرت بالحزن الكبير لكنها سرعان ما تذكرت نصائح وإرشادات جمالة في أن لا يسمحن لليأس والإحباط من الوصول إلى قلوبهن ( مادام أن لديكن القدرة على العطاء والعمل فلابد أن تصبرن على تحقيق طموحكن ولابد من المثابرة للحصول على حقوقكن) وهنا أسماء : علينا أن لا نقف عن رحيلها فلابد أن نكمل المشوار الذي بدأته أستاذتنا في انتزاع الحقوق لشريحة الأشخاص ذوي الإعاقة والفتيات ذوات الإعاقة بشكل خاص ولنجعل من سيرتها وعطاءها ومعاناتها في هذا المجال نموذجا نسير على خطاه في إخراج الفتيات ذوات الإعاقة من عزلتهن وتحقيق آمالهن في الاندماج في المجتمع والمشاركة بفاعلية في أنشطته المتنوعة .
وتختتم أسماء قبة حديثها عن الفقيدة جمالة البيضاني قائلة : لم أر الأستاذة/ جمالة يوما يائسة أو محبطة وكانت سعادتها أكبر عندما ترى فتياتها سعيدات ويحققن نجاحات في حياتهن بالمقابل كانت تزعل كثيرا أن ترى فتياتها يائسات أو محبطات كانت تنزعج كثيرا أن تسمع منهن كلمة (لا أستطيع ) كانت إرادتها قوية وتحب أن ترانا ذوات عزيمة وإرادة في الحياة دون يأس أو استسلام .
( دعم وتشجيع )
الأخت / أسماء حسين الصريمي فتاة من ذوات الإعاقة وموظفة في جمعية التحدي لرعاية وتأهيل المعاقات عرفت الفقيدة / جمالة البيضاني عن قرب ووجدت من خلال تعاملها معها العديد من الصفات الجميلة ومن هذه الصفات تشجيعها المستمر لفتياتها على مواصلة التعليم وعدم انشغالهن بأي شيء يحول دون إكمال تعليمهن وعن هذه الصفة تقول الأخت / أسماء الصريمي : من المواقف الجميلة التي أتذكرها عن الفقيدة / جمالة البيضاني رحمها الله أني كنت في فترة من الفترات وبعد أن أكملت دراستي الثانوية أدرس في صفوف محو الأمية التابع للجمعية في الفترة المسائية وفي الفترة الصباحية كنت ادرس دبلوم المحاسبة في المعهد الوطني للعلوم الإدارية وذات يوم طلبت مني وكيلة المدرسة التابعة للجمعية أن أنقل دوامي في المدرسة إلى الفترة الصباحية وكنت حينها في سنة التخرج بالمعهد وكنت حريصة على إنهاء دراستي في المعهد وشعرت بإحباط من قرار وكيلة المدرسة لأنه سيحرمني من الدراسة في المعهد وشعرت باليأس والإحباط لكني قررت أن أطرح مشكلتي على الأستاذة / جمالة وفعلا أبلغتها بقرار الوكيلة لكنها سرعان ما زالت عني اليأس والإحباط لقد قالت لي : تعليمك أهم من أي شيء يشغلك عنه وقررت إعفائي من التدريس في صفوف محو الأمية وشجعتني على مواصلة دراستي في المعهد وقالت لي عندما تكملين دراستك عودي حينها إلى الجمعية وهو ما تحقق لي بالفعل لقد أكملت تعليمي في المعهد وعدت إلى العمل في الجمعية لكن في إدارة الحسابات وهو التخصص الذي حصلت من خلاله على شهادة الدبلوم من المعهد الوطني للعلوم الإدارية .
(تمكين الفتيات)
وعن قصة التحاقها بجمعية التحدي لرعاية وتأهيل المعاقات قالت الأخت / أسماء الصريمي : قبل التحاقي بالجمعية كنت قد أنهيت دراستي للمرحلة الثانوية في محافظة عمران لكني لم أكن أتوقع إني سوف أذهب إلى أبعد من الثانوية العامة حينها كنت في غاية الإحباط وكنت مستسلمة لقدري وشاءت إرادة الله أن سمعت بجمعية في صنعاء تهتم بالفتيات ذوات الإعاقة وهي جمعية التحدي حينها قررت الالتحاق بالجمعية ومنذ أن التحقت في صفوف الجمعية وتعرفت بالأستاذة جمالة البيضاني وبأخواتي الفتيات ذوات الإعاقة منتسبات الجمعية تغيرت حياتي تماما وتوسعت مداركي وثقتي بنفسي وشعرت أني قادرة على مواصلة مشواري في الحياة ولقيت من الأستاذة / جمالة كل الدعم والتشجيع الذي مكنني من تحقيق ما اطمح إليه وخاصة في التعليم كانت رحمها الله تقول لنا : ( أن التعليم هو الأساس في تغيير واقع الأشخاص ذوي الإعاقة إلى الأفضل وبخاصة الفتيات ذوات الإعاقة بالتعليم يمكنهن الحصول على فرص العمل والاندماج وتغيير نظرة المجتمع السلبية للأشخاص ذوي الإعاقة .
وتضيف الأخت / أسماء لقد قدمت الفقيدة / جمالة البيضاني للأشخاص ذوي الإعاقة وللفتيات ذوات الإعاقة الكثير وساعدت الكثير من الفتيات على تغيير واقعهن المؤلم وفتحت أمامهن أفاق واسعة لم يكن يحلمن بها كانت عندما تسمع أن هناك فتاة من ذوات الإعاقة حبيسات منازلهن تسارع إلى زيارتهن وإقناع أهلهن بضرورة إخراجهن وإلحاقهن بالجمعية وتمكينهن من التدريب والتأهيل واكتساب المهارات ورغم الصعوبات والموانع التي واجهتها في هذا المجال بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية إلا أنها نجحت في إقناع الكثير من الأسر بضرورة إخراج فتياتهن ذوات الإعاقة إلى المجتمع وأكسبتهن المهارات اللازمة في مجالات عديدة كالأشغال المنزلية والخياطة والكمبيوتر وغيرها من المهارات التي جعلهن فتيات فاعلات وقادرات على الإنتاج والمثابرة في حياتهن .
( حافز كبير )
الأخت / سبأ محمد جميل الأمين العام لجمعية التحدي لرعاية وتأهيل المعاقات واحدة من الفتيات ذوات الإعاقة اللاتي رافقن الفقيدة جمالة البيضاني في سنواتها الأخيرة وهي أيضا واحدة من الفتيات اللاتي كان لجمالة البيضاني دور كبير في مساعدتهن على تحدي الإعاقة والتغلب عليها عن هذا الموضوع تقول الأخت / سبأ جميل : قصة جمالة البيضاني مع الإعاقة وإسهامها في العمل في مجال رعاية وتأهيل الفتيات ذوات الإعاقة كانت بمثابة الحافز والدافع الكبير لي في أن التحق في صفوف جمعية التحدي لقد سمعت عن جمالة وعن جمعية التحدي بواسطة أحد البرامج الإذاعية بإذاعة صنعاء كنت في تلك الفترة قد أنهيت دراستي الثانوية في قريتها التابعة لمديرية بني مطر كنت حينها أقيم واقعي وأقول إنه من المستحيل أن أتقدم خطوة واحدة إلى الأمام لأسباب اجتماعية واقتصادية وغيرها لكنى قررت أن أتخطى كل الصعوبات والحواجز التي تعيقني عن الالتحاق بالجمعية وأن أغير واقعي هذا وأن لا أظل أسيرة للإعاقة وأسيرة لواقع لا يرحم الفتاة المعاقة وينظر إليها بأنها غير قادرة على المضي إلى الأمام لأسباب كثيرة أهمها الظروف الاجتماعية غير المشجعة لتعليم الفتاة بشكل عام فما بالك بالفتاة ذات الإعاقة والتي ينظر إليها المجتمع بشئ من الدونية وكنت اسمع من الناس الكثير عن هذا الشيء كان البعض يقول لي (وليش تدرسي أجلسي في البيت أحسن لك ما حصلوش الشباب عمل)
( أعادت لي الأمل )
وتضيف الأخت سبأ جميل : بعد إكمالي للمرحلة الثانوية وقبل التحاقي بجمعية التحدي تقدمت للحصول على إحدى الوظائف الصحية في مستشفى متنة بمديرية بني مطر وعندما خضعت للمقابلة الشخصية قالت لي إحدى أعضاء لجنة القبول : أنت فتاة معاقة ولا يمكن أن نقبلك في هذا العمل (ممرضة ) وهذا الكلام صدمني وأشعرني بالحزن والإحباط معا وشعرت ان حياتي سجن كبير وان قدري إن أعيش حبيسة الجدران لكني عندما سمعت كلام الأستاذة / جمالة في الإذاعة أعادت لي الأمل قررت أن أضع حدا لهذه المعاناة وأن أتجه إلى صنعاء للالتحاق بالجمعية وحينما وصلت إلى الجمعية رحبت بي وشعرت بموقف غريب في مكتبها كانت تستقبل الزوار وتواصل بالتلفون مع العديد من الأشخاص والجهات وتناقش معهم قضايا تهم الجمعية وغيرها من القضايا فقلت في نفسي : (كيف لامرأة معاقة تسير على كرسي متحرك أن تقوم بهذا الجهد الكبير وعندما رأتني مذهلة وصامتة طمنتني وألحقتني في الجمعية ووفرت لي السكن الداخلي وشجعتني على مواصلة دراستي الجامعية وبادرت إلى تسجيلي في نفس اليوم وحينما تعرفت على أخواتي بالجمعية وعلى جو السكن الداخلي للجمعية وضوابطه شعرت أنني أعيش في منزلي ومنذ ذلك الحين ألحقتني بالعديد من الدورات التدريبية ومنها دورة التأهيل النطقي والعلاج الوظيفي التي تمكنت منها ثم ألحقتني بالمدرسة التابعة للعمل في هذا المجال مع الأطفال الذين يعانون تأخراٍ في النطق وبعدها أسندت لي مسؤولية العمل كمشرفة للسكن الداخلي , كانت عندما تسند إلى أي مهام أشعر بالخوف وأشعر أني غير قادرة على المهمة الجديدة لكنها كانت دائما تشجعني وتقول لي أنت مجتهدة ومثابرة وقادرة على أي مهمة إياك أن تقولي ( ما اقدرش )
وتواصل الأخت سبأ جميل حديثها عن المرحومة / جمالة البيضاني قائلة: :كانت مرجعا لي في كل تصرفاتي وكانت توصيني بالصبر عندما تشعر أني أصبت بالإرهاق أو الإحباط نتيجة توسع العمل وكانت دائما ما تحدثني عن قصتها مع الإعاقة وكفاحها المرير للوصول بالجمعية إلى ماوصلت إليه وسرعان ما أنسى التعب والإحباط وأعود إلى مواصلة العمل . وان شاء الله سنظل على عهدنا لها ووصيتها لنا بالحفاظ على الجمعية وما حققتها من نجاحات في خدمة الفتيات ذوات الإعاقة وسنواصل المشوار الذي بدأته بالعمل الجماعي والتكاتف مع بعضنا البعض حتى نحقق كل ما كانت تطمح إليه بإذن الله.

قد يعجبك ايضا