أي عيد¿
د. عبدالعزيز المقالح
هذا هو السؤال المرسوم على كل الشفاه ليس في بلادنا وحدها وإنما على شفاه كل العرب والمسلمين في كل مكان من أرضهم الممتدة من “جاكرتا” حتى “طنجة” والتحديد الجغرافي هنا هو للكاتب والمفكر الجزائري الكبير مالك بن نبي الذي كان يرى أن أمة واحدة تسكن هذه الرقعة الواسعة من العالم ولها أحلامها وتطلعاتها المشتركة.
ولو عاش مالك بن نبي رحمه الله إلى هذه المرحلة لمات بقهره وإحباطاته وحزنه مما حدث ويحدث وبما يفوق أسوأ التصورات الكابوسية ويخرج بها عن دائرة الواقع إلى دائرة الخيال الأسود بكل دقائقه وتفاصيله المريعة. أمة تأكل نفسها وتحقق لأعدائها التاريخيين أكثر ما كانوا يحلمون به ويتمنونه. وهو الحال الذي جعل أحد كبار المفكرين الحاقدين في الغرب يعلن بصراحة: دعوهم يقتلون بعضهم بأيديهم وعلينا أن نمدهم بالأسلحة الكافية مقابل ما يدفعونه من اموال¿!.
في مناخ هذا الزلزال المأساوي من حق كل مواطن يعيش على هذه الرقعة من الأرض الواسعة أن يسأل نفسه ويسأل الآخرين أي عيد ¿ كما لم يسأل نفسه ويسأل الآخرين من قبل فقد فاضت المأساة عن الحدود ووصلت الاستهانة بالإنسان وبمناسباته الروحية درجة هي الأسوأ والأردأ في التاريخ.
ومن الحقائق التي ما عادت بحاجة إلى دليل أن الأمة الواحدة التي تصورها المفكر الراحل مالك بن نبي من أنها كانت في طريقها إلى الخروج من المتاهة الاستعمارية هي الآن تائهة عن ذاتها هائمة على وجهها لا تدري كيف ولماذا هبطت إلى هذا الدرك من الخلافات والحروب والانقسامات الحادة. وصارت على حد ما ذهب إليه أحد أبنائها المفكرين المهمومين في وضع لا يكاد يصدق حيث يقتل العرب باسم العروبة ويقتل الفلسطينيون باسم فلسطين وأن يذبح المسلمون باسم الإسلام¿¿
أي عيد إذا¿ إنه سؤال طبيعي خال من التعسف والافتئات على الواقع سؤال صادق يعكس صورة واقع مكلوم لا مكان فيه للأعياد والأحلام والمسرات. شعوب كثيرة في هذا العالم تعيش أيامها كلها أعيادا وأفراحا وشعوبنا عاجزة عن تحقيق الحد الأدنى من الابتسامة في أعيادها الدينية التي كانت مصدرا للبهجة والشعور بدفء المناسبة وما تغمر به الواقع من ظلال المودة العامة والخاصة. وأتوقف هنا لأقول إن ما يحدث لم يكن بفعل الشيطان نفسه شيطان الجن وشيطان الأنس وإنما كان بفعلنا نحن وبمواقفنا المتهورة الجنونية التي افتقدت الحد الادنى من الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن والمواطنين وفي غياب الشعور الإيماني بالمسؤولية الدينية وما يفرضه الالتزام الروحي الصادق من حرص مطلق على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة.
تأملات شعرية:
مشردة وعارية
هي الكلمات
ليس لها مكان
في قلوب الناس
ليس لها حضور
في الزمان الضالú.
فلا نكتب.
دع الكلمات في أغمادöها
والزم مقام الصمت
لا جدوى من الأقوالú.