مصر التي في خاطري !!¿
من المفارقات العجيبة والخطيرة أن تتحول ” مصر ” العزة والكرامة والعظمة إلى مجرد ” تابع ” يلهث قادتها وراء أموال ” الرياض ” ودنانير ” قطر ” ومساعدات ” واشنطن ” المشبوهة على حساب ” أمنها ” القومي والعربي وتهميش وتغييب دور مصر القيادي و ” الريادي ” في منطقة الشرق الأوسط وافريقيا وآسيا بعد أن بلغت عنان السماء في التحرر والبناء والاتزان السياسي في تجميع وحدة العرب والمسلمين .
إلا أن السياسات الخاطئة والمؤامرات الخارجية الرامية لتركيع ما تبقى من مداميك البيت العربي أدت إلى وصول أضعف قيادات مصر إلى قمة هرم السلطة نتيجة للفوضى السياسية المصاحبة لأحداث الربيع الصهيوني المدعوم ماليا من دول الخليج والذي استغل بعض الممارسات الخاطئة وأوقد نار الفتنة والكراهية بين أبناء الوطن العربي .
والأكثر إيلاما ترنح الدور المصري العظيم وتهميش حكماء وعقلاء ومثقفي مصر الكنانة الذين ملأوا الدنيا ابتسامة منذ ثورة 1952م التي قضت على النظام الملكي المستبد والإقطاع وساوت بين الشعب وأوجدت ثورة تعليمية وتنمية اقتصادية وصناعية وزراعية واجتماعية وثقافية رفعت اسم مصر عاليا لدى كل الأمم والشعوب .. كما أن مسؤولياتها الأخلاقية وعلاقاتها الإنسانية وأهدافها النبيلة أوجبت عليها رفع مشاعل العلم والدعوة إلى تحرير البلدان المستعمرة من دول إفريقيا وآسيا مما أعطاها تناغما ورصيدا كبيرا من الثقة والاحترام لدى قادة وشعوب العالم .
ومن المخجل والمجحف فعلا أن يتوارى النظام المصري الجديد خلف الجدران وأن يخطو عرض الحيط بعد أن وضع مبادئ مصر في رفوف التاريخ مساوما في مبادئه وطيعا لسفهاء دول النفط الذين لا يملكون أي استراتيجية سوى التدمير والتآمر والتمويل للمشاريع المأزومة مقابل بقائهم واستبدادهم .
ومن المحزن أن نرى القلب النابض للأمة العربية صادما للشعب اليمني وشعوب العالم العربي والإسلامي بتأييدها للعدوان السعودي الأمريكي ” الصهيوني ” الغاشم ضد اليمن ونرى الدور المصري ” ينحرف ” عن مساره المتزن ومبادئه ويتلاشى كخفافيش الليل في أسوأ الظروف التي تمر بها الأمة العربية متنكرا لمبادئ ثورته العظيمة وكفاحه ضد الطغيان الاسرائيلي ومناصرا ” الذئب ” السعودي والقزم ” القطري ” الذي أدخل مصر في مستنقع الفتنة وهمش دورها ونصب سمسار” جيبوتي ” لعب الدور المشبوه في امتهان اليمنيين والأمن القومي العربي كما حيد دور مصر التاريخي و دبلوماسيتها وسياستها الرصينة من خلال منع طيران الأمم المتحدة التي تقل وفد ” اليمن ” من صنعاء للمشاركة في مشاورات ” جنيف ” لوقف العدوان السعودي الامريكي والحصار الجائر الذي قتل الآلاف وشرد الملايين وقبل ذلك عدم التعامل بإنسانية مع مشكلة العالقين الذين تعرضوا في مصر لأبشع معاملة انسانية في التاريخ من قبل قوات الأمن وما لاقوه من طرد من الشقق والحدائق والمنتزهات بالإضافة إلى الإهانة والتهديد لأجل عيون ال سعود وبإيعاز منهم للتشويه بصورة اليمنيين في وسائل الإعلام بعيدا عن الرحمة وغرض الانتقام وتصفيات سياسية حتى أن المسؤولين المصريين لم يقوموا بواجبهم الأخلاقي والانساني في الايواء المؤقت لليمنيين الذين ذهبوا للعلاج أو السياحة بأموالهم معززين مكرمين ولاقوا صنوفا من العذاب والذل نتيجة العدوان الطارئ والظالم رغم العلاقات المتميزة بين اليمن ومصر وعدم الاساءة لها وقيادتها ومحبة اليمن لمصر وشعبها .
لقد صدم الشعب اليمني والشعب المصري وشعوب العالم المحبة للسلام والرافضة للعدوان وظلم الشعوب بذلك التصرف المشين لقادة مصر والتنكر للمبادئ الفاضلة التي نهلنا منها وتشبعنا بها وناضلنا ومازلنا وسنظل من أجلها .
وأخيرا مكنش العشم ” ياسيسي ” فالأموال تفنى وتبقى الأخلاق ..عتابنا كبير وألمنا أكبر وجراحنا أعظم ليس بالعدوان وإنما بالسقوط الاخلاقي وضياع مصر في سوق المتاجرة السياسية ..
رحم الله الزعيم جمال عبدالناصر ومن بعده السادات ومبارك رغم الخطايا كنا نراهن على أن الرئيس عبدالفتاح السيسي وجه مشرق للرئيس ” جمال ” إلا أن الدهر لا يأتي بأحسن والدليل استثمار العدوان على اليمن بعرض من الدنيا ومن المعيب أن تتحول دولة بحجم مصر غنية بعلمائها وقادتها ومفكريها ومبدعيها وثرواتها وإنسانها وتاريخها الحضاري العظيم إلى مجرد ” تابع ” يعيش على فضلات دول النفط وتحركها أراجيزها وتسير بها نحو الهاوية وتعد لها سيناريوها أقسى وأشد فظاعة مما تعرضت له اليمن بعد أن كانت مصر ولاتزال وستظل شوكة في وجه اسرائيل وإفشال قوى التآمر الدولي لاسيما بعد أن تم تدمير العراق وسوريا وليبيا بأموال دول النفط مع تمنياتنا أن يفشل ذلك الرهان والسيناريو القادم عليها .. فهل من رجل رشيد في مصر الكنانة لإنقاذ ما تبقى من سمعتها وهيبتها ¿ .. اللهم احفظ اليمن ومصر .