دعاة السلام وقوى العدوان
د. أحمد صالح النهمي
يشهد اليوم العالم صراعا حادا بين قوى الخير والسلام الداعية إلى إيقاف العدوان السعودي على الشعب اليمني ورفع الحصار الجائر وتفعيل الحل السياسي للأزمة اليمنية وصولا إلى تحقيق التسوية السياسية المنشودة بين الأحزاب والقوى اليمنية المختلفة وبين تحالف الشر وقوى العدوان التي ترى في إيقاف الحرب هزيمتها المنكرة أمام العالم .
لقد خرجت قوى الخير والسلام منذ الأيام الأولى للعدوان في كثير من عواصم العالم تندد في مظاهرات حاشدة بجرائم العدوان السعودي مؤكدة أن الأزمة في اليمن هي أزمة سياسية وأن أي تدخل إقليمي أو دولي يهدف إلى مساعدة اليمن على تجاوز محنته يجب أن يعتمد أسلوب التفاوض والحوار بين القوى اليمنية المختلفة… وهاهي اليوم بعد مرور ما يقارب ثلاثة أشهر متواصلة من العدوان السعودي اليومي على الشعب اليمني وحلول شهر رمضان المبارك تتعالى أصواتها من جديد في أروقة الأمم المتحدة بجنيف مطالبة بإيقاف العدوان وفرض هدنة إنسانية ورفع الحصار الجائر
لم تستجب عقلية النفط الاستعلائية لهذه الأصوات بل تركت آلتها الحربية التدميرية تقترف جرائمها بحق المدنيين اليمنيين والبنى التحتية والتراث الإنساني في وحشية تذكر بوحشية الكيان الصهيوني وتتفوق عليه إجراما وهي اليوم تسعى مع من معها من تحالف الشر وقوى العدوان إلى إفشال التوصل إلى الهدنة الإنسانية وإيقاف الحرب لأنها ترى في ذلك هزيمتها المنكرة على المستويين الداخلي والخارجي:
فعلى مستوى الداخل اليمني سيفضي الحل السياسي بين القوى اليمنية إلى تحقيق انتخابات برلمانية ورئاسية تعبر فيها الجماهير اليمنية عن إرادتها الحرة في اختيار القوى التي تمثلها في قيادة الشعب ورغبتها في التحرر من هيمنة المملكة ووصايتها على القرار اليمني الذي ظلت مسيطرة عليه منذ عقود من الزمن والسعي إلى بناء الدولة الديمقراطية المدنية العادلة وتحقيق التعايش السلمي بين أفراد المجتمع ومكوناته المختلفة وبالتالي انحسار أدوات المملكة العميلة في الداخل وفشلها في فتح جبهات اقتتال داخلية بين اليمنيين تعمل على تغذيتها والتحكم في مساراتها.
أما على المستوى الخارجي فإن توصل اليمنيين إلى حل خلافاتهم سياسيا سيقدم المملكة إلى العالم على أنها دولة عدوانية لا سيما أن جرائمها التي اقترفتها آلتها الحربية في اليمن قد تجاوزت جرائم الكيان الصهيوني وتفوقت عليه وبالتالي تستحق تقديمها إلى المحاكم الدولية كمجرمة حرب ضد الإنسانية .
وللسببين الآنفين تسعى المملكة إلى إفشال التوصل إلى حل سياسي بين اليمنيين مسخرة أموالها في تقديم الرشاوى وشراء قوى النفوذ العالمية لتقف معها في تبرير خيارها العسكري الذي انتهجته بوصفه الخيار الوحيد لحل المشكلة اليمنية وأنها وحدها قد نابت عن العالم في تحمل تبعاته .
قد تنجح المملكة لبعض الوقت في استغلال خلافات اليمنيين في تحقيق مآربها العدوانية لكن هذه السياسة ستخفق حتما أمام الأجيال اليمنية القادمة لا سيما هذا الجيل الذي ستتفتح مداركه العقلية على جرائم القتل والتدمير والخراب الذي ألحقه العدوان السعودي باليمن السعيد .