مؤتمر جنيف

حميد رزق

برغم وصول الوفود الممثلة للمكونات السياسية اليمنية إلى جنيف بناء على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلا أن رهانات الشارع اليمني لم تكن على غير الصمود والثبات الشعبي بالإضافة إلى الانجازات المستمرة والإستراتيجية التي يحققها الجيش واللجان الشعبية في مواجهة العدوان وأدواته في عدد من المحافظات .
انخفاض سقف الرهانات اليمنية على جنيف يرتبط بما هو معروف من انحياز المؤسسات الدولية إلى القوى الكبرى التي ترعى الحروب والفوضى في منطقتنا وبلداننا العربية والإسلامية بالإضافة إلى تأثير الأموال السعودية الواضح في  شراء المواقف والتأثير على أجندات العديد من الهيئات والشخصيات المعنية بحقوق الإنسان والتحكيم الدولي كما حدث مع المبعوث الدولي السابق الى اليمن جمال بن عمر الذي تم استبداله باسماعيل ولد الشيخ بموجب ضغوط وأموال دفعت من قبل الرياض  …
وقبيل انعقاد مؤتمر جنيف دفعت السعودية بأدواتها في الرياض الى عقد مؤتمرات صحفية وإجراء مقابلات متلفزة لرفع سقف الخطاب الذي فشل هو الآخر في تعويم الأجندة السعودية وظلت الأطراف الوطنية متمسكة بموقفها الرافض لانعقاد جنيف قبل الحصول على موقف واضح من قبل الأمم المتحدة يكشف عن طبيعة المفاوضات التي يجب أن تكون بين الأطراف السياسية اليمنية وليس مع هادي وشرعيته المزعومة ..
الفشل السعودي في فرض شكل الحوار بين معارض ومؤيد للعدوان ليس الخسارة الوحيدة فألاهم ما تتكبدة السعودية وأدواتها في ميدان المواجهة على مختلف الجبهات فمن عدن التي تتراجع فيها عناصر هادي والقاعدة إلى تعز التي باتت مسالة الحسم فيها قضية وقت لا غير أما الجوف ومارب المحافظتان اللتان راهنت عليهما السعودية وأمريكا لحصار صعدة والانطلاق صوب العاصمة صنعاء فقد تم الحسم في الأولى أي الجوف واقترب في الأخرى ..
 وفي الحدود اليمنية السعودية من الواضح ان الجيش السعودي بات أسيرا لقواعد اشتباك فرضها الجيش واللجان الشعبية   تقوم على معارك الاستنزاف والمباغتة والتدمير والقصف المركز للمواقع السعودية التي تتكبد يوميا الخسائر المادية والمعنوية بشكل عكس مزيدا من التخبط والارتباك السياسي  للعدوان  كما ينعكس قرارات ارتجالية وردود فعل هستيرية تقرر قصف المنازل والمدنيين وتعيد استهداف ما تم قصفه وتدميره منذ بداية العدوان ..
على أن الأهم بدرجة إضافية انه وفيما استنفذ السعوديون كل ما بجعبتهم من أدوات ووسائل العدوان فان الجيش اليمني واللجان الشعبية لم ينتقلوا بعد إلى المرحلة الثانية من مراحل الرد على العدوان  فالمرحلة الأولى لم تستنفد أهدافها وأغراضها ليتم الانتقال إلى المراحل  الأخرى التي  ستكون أكثر إيلاما لآل سعود  إيذانا بنقل نيران الحرب  إلى العمق  الاستراتيجي للعدو   وعندها لن تنفع كل عقاقير السياسة لإنقاذ آل سعود من حتمية السقوط والانهيار الذي سيأخذ مراحل متدرجة تنتهي به إلى مزابل التاريخ .
الخلاصة أن الأطراف الوطنية التي ذهبت إلى جنيف تمتلك من الأوراق واتضاح الرؤية ما لا يجعلها في موقف من يمكن أن يخضع للابتزاز أو يستدرج إلى مناطق الضعف ولن تكسب السعودية بجنيف ما خسرته في الميدان بواسطة الحرب والحصار وشراء الولاءات .. غير أن ثمة مثل شعبي يمني يقول في حق الشيء الذي يرتجى خيره ولا يخشى ضره ( إذا ما نفع ما ضر ) .

قد يعجبك ايضا