الوطن.. والمذنبون!
– يا من أنت كريم ياااارب.. أكثر من سبعين يوما ونحن نعيش الموت في أدق تفاصيله وما زلنا.. نحزن هنا.. ونتألم هناك.. ونتحسر في مكان ثالث.. ونتوجع في مكان رابع.. ونلملم جراحاتنا ونقول (حسبنا الله ونعم الوكيل).. ورغم ذلك كان بإمكاننا أن نستضيف الفرح وأن نشعل القناديل ونستدعي ما كنا نستمتع به وبلحظاته في أوقات استثنائية تمدنا بالقدرة على أن نغير مرارة الحياة وتعبها ونكدها إلى ماهو ممكن من القفز على اللحظات التعيسة والأوقات الموشحة بالسواد..!!
– رغم الألم المحفور في الأعماق.. ورغم الحزن الساكن في الوجدان على الحال والأحوال وعلى من مات ومن تضرر ومن تدمر.. ورغم أننا محاطون بالموت من كل اتجاه.. إلا أننا تجاوزنا مآسي الحرب.. وقفزنا على المعتاد اليومي منذ قرابة الثلاثة الأشهر وأجبنا الدعوة التي أصر نجم نادي اليرموك السابق وزميلنا المذيع التلفزيوني سميح المعلمي على أن يؤكدها لحضور (عاصفة الفرح) موجها صفعة ساخنة لأصحاب (عاصفة الحزم) وهو يقول من خلالها لكم (عاصفة القتل) ولنا (عاصفة الحب).. وبوسعنا رغم الدماء والأشلاء أن نحيي عرسا بهيجا لم تمنع من إقامته انعدام المشتقات النفطية ولا عدم وجود الكهرباء ولا استمرار الضربات وهطول الراجع وترصد آلة الموت..
– ولا أخفيكم.. منذ أن بدأت الحرب لم أغادر قواعدي ولم أخرج ليلا إلا في محيط منطقة السكن.. وجربت أن أشق طريقي من شارع الخمسين جنوبا إلى الحصبة شمالا فوجدت صنعاء وهي في ظلام دامس موحشة ومؤلمة.. ولم ينقذني من اجترار الألم سوى إبداع عبدالله الصعدي حين كان يغني في العرس (حنيت لك يابلادي كل ما جيت موضع..أقمت فيه الصلاة
بطاهر التربة اتيمم وفي التربة أركع .. وأخشع خشوع التقاه).
– وغير عبدالله كان المنشد الرائع عبدالله الفقيه يذكرنا بما يسمى (ضحكة) عبر تعليقاته ونكاته الساخرة حتى غادرنا بعد منتصف الليل إلى منازلنا والموعد يجمعنا في يوم آخر بقاعة عاصفة الفرح حين امتلأت بالحاضرين وأصر العريس على أن يرتدي علم اليمن ليؤكد من جديد أن الوطن أهم من كل شيء.. من خلافات الساسة.. ومصالحهم.. وصراعاتهم.. ومن الاقتتالات.. ومن البيع والتفريط..!!
– وكم كنت وما زلت أتمنى لو يتعلم المتنكرون للوطن كيف أن هذا الشعب الصبور يعيش الأهوال ويحاط بالكوارث ومع ذلك ما زال لديه قدرة على أن يفرح..لعل… وعسى…
وربما.. يتوب المذنبون في حق هذا الوطن وهذا الشعب.. !!