البريطانية والآن الأمريكية:ظهور مملكة آل سعود وخدمتها للمشاريع الاستعمارية

استغلت بريطانيا هذه الحرب وشجعت آل سعود ودعمتهم للقيام بالإغارة على منطقة الاحساء لاحتلالها في مايو 1913. وفرحا بالنصر أرسل آل سعود في 13 يونيو 1913 رسالة إلى بريطانيا جاء فيها: “بالنظر إلى مشاعري الودية تجاهكم أود ان تكون علاقاتي معكم كعلاقات التي بينكم وبين أسلافي”.
كان الحل بالنسبة للاستعمار الامبريالي البريطاني من اجل تنفيذ المؤامرة الاستعمارية في منطقة الشرق الأوسط (اتفاقية سايكس بيكو) وإعطاء فلسطين “لليهود المساكين” البحث عن أداة لتنفيذ هذا المخطط. هذه الأداة كانت عبد العزيز آل سعود واختياره لم يأتö من فراغ فهناك علاقة بين بريطانيا وتلك الأسرة والتي علا نجمها وبدأت في الظهور كقوة منذ عام 1745 حين قام عثمان بن معمر حاكم العينية في الجزيرة العربية بطرد الشيخ محمد بن عبد الوهاب والذي لم يجد مكانا يلجأ إليه سوى الدرعية مسقط رأس آل سعود. وهكذا وجد الشيخ مستقرا يساعده في نشر دعوته وآل سعود وجدوا فيه المبرر لتنفيذ أحلامهم السياسية.
فالعلاقة بين الحركات السياسية والدينية كانت وكذلك آلاف وستبقى علاقة تبادلية فالحركات الدينية الرجعية مثل الوهابية سعت في الماضي وتسعى الآن لطلب الحماية السياسية من الحكم حتى ولو كان نظاما استبداديا في مقابل تقديم المبرر الشرعي في تنفيذ سياستها ومفاهيمها الأصولية.
من هذه العلاقة بدأ حكم آل سعود يعلو وبدأ نفوذهم السياسي يمتد إلى القبائل المجاورة بعد ان اعتنق الكثيرون آراء الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأصبح أعداء الوهابية أعداء الإسلام.
وهذا ما تفعله الآن السعودية من تشويه للإسلام الحقيقي وتأجيج الصراع الديني في العالم العربي على حساب القضايا المأزومة. فالوضعية الراهنة للعالم العربي والتي هي الأسوأ في تاريخه فرغم عدد سكانه واتساع أرضه وتعدد دوله ورغم اقتسامه لغة وتاريخا وأرضا وثقافة مشتركة وتختزن ما لا يحصى من الكنوز وهبات الطبيعة ثمة أنظمة استبداد وطغيان وحركات أصولية تمارس العنف بأبشع أشكاله ومعه بؤس وفقر وجهل يعاني منه المجتمع العربي.
وهذه الوضعية تصبح عصية على الفهم عندما نستند إلى التاريخ. فمع ظهور الإسلام استطاع العرب وبقوتهم المتضافرة مع الانفتاح على الحضارات الأخرى من فارسية ويونانية واسبانية وبربرية وهندية بالإضافة إلى مسيحيي مصر وبلاد الشام وما بين النهرين رفع الحضارة الإنسانية إلى أوج لم يبلغه قط احد قبلهم. وما يجري الآن في عالمنا العربي بتأثير أنظمة الاستبداد والأصولية والبترودولار مصيبة لا بل كارثة إنسانية ابتليت بها الأمة العربية وهذا ما يفسر الهوة بين الماضي والحاضر لهذه الأمة. فليس الإسلام هو أصل المصيبة بل المصيبة هي ما فعله ويفعله المسلمون أنفسهم بالإسلام.
وهكذا نجحت في الماضي والآن الحركة الوهابية تحولت إلى ايديولوجية دولة حيث أتاحت لعبد الوهاب الدعم والحماية وقدمت لابن سعود الايديولوجية والإتباع لتنفيذ أهدافه. ومن هنا بدأ آل سعود في تأسيس أول دولة لهم في عام 1795 عندما تمكنوا من القضاء على دولة بني خالد في منطقة الاحساء.
وعندما اعتنقت قبيلة القواسم التي كانت تحترف أعمال القرصنة في المنطقة العربية العقيدة الوهابية وأصبحت أعمال السلب والقرصنة نوعا من “الجهاد” بعد ان قرر زعيم القواسم تأدية خمس الغنيمة إلى الحاكم الوهابي “آل سعود” ومع مرور الأيام أصبحت مهاجمة القواسم للسفن في منطقة الخليج لا تهدد انجلترا فحسب بل أصبحت تهدد أيضا الخليفة العثماني والذي كان خادما للحرمين ومثل هذه الأمور تقلل من مكانته وسط المسلمين.
هذا الوضع المتأزم دفع الخليفة العثماني إلى تكليف الوالي محمد علي حاكم مصر للقيام بحملة تأديبية للقضاء على الوهابية وهكذا في عام 1814 استطاعت قوات محمد علي الوصول إلى الدرعية حيث استسلم عبدالله بن سعود (الذي خلف سعود بن عبد العزيز بعد وفاته) إلى قوات إبراهيم باشا حيث تم اقتياده إلى مقر الخلافة العثمانية وأعدم بعد ان شهر به لمدة ثلاثة أيام وبإعدامه انهارت أول دولة لأسرة آل سعود.
وظهرت الدولة الثانية لآل سعود عقب اتساع نفوذ أسرة محمد علي بعد ان تمكن إبراهيم باشا من توحيد الإمارات العربية بشكل لا يتفق مع مصالح بريطانيا في منطقة الخليج وزاد من خوف بريطانيا على مصالحها رفض المصريين التعامل أو الدخول في اتفاقيات ثنائية مع بريطانيا. حدث هذا في وقت بدأت بشائر تمرد محمد علي على الخلافة العثمانية تظهر الأمر الذي دفع بريطانيا إلى تحريك الأسطول البريطاني في مواجهة خورشيد باشا القائد المصري لمنعه من الاستمرار في التقدم وتوحيد الإمارات العربية لدرجة ان بريطانيا توسطت للخليفة العثماني للإفراج عن “تركي” ابن عبدالله بن سعود من السجن المصري في الوقت الذي كانت القوات المصرية قد دمرت الدرعية وتركت إقليم نجد بلا حاكم. الأمر الذي احدث نوعا من الفوضى حتى ظهر رجل يدعى محمد بن معمر استغل هذه الفوضى واجبر غبوش باشا الحاكم

قد يعجبك ايضا