الطريق إلى جنيف ..وسيناريوهات ما بعد العدوان
.. تتجه الأنظار مجددا إلى جنيف على أمل أن يلتئم الفرقاء اليمنيون على طاولة الحوار يوم الأحد المقبل وألا يتعثر اللقاء كما حصل مع المحاولة الأولى في 28 مايو الماضي.
وإذ رشحت مواقف رسمية معلنة من مختلف القوى المحلية والدولية تسهم في الدفع بمؤتمر جنيف إلى الانعقاد والنجاح (النسبي) ما أمكن فإن الغموض الذي يلف آلية تمثيل المكونات السياسية لا يزال يتهدد فرصة انعقاد المؤتمر التي لن تطول أكثر من ثلاثة أيام بحسب تصريحات مسؤولين أمميين.. وهذه فترة قصيرة بالقياس إلى تعقد الأزمة اليمنية وحاجة الأطراف المتحاورة إلى فسحة من الوقت للتوصل إلى توافق أولي يمكن البناء عليه في مفاوضات لاحقة.
غير أن انعقاد المؤتمر في حد ذاته ينطوي على مكاسب لا تخطئها العين فبالحوار وحده يمكن التوصل إلى حلول سياسية وسلمية وبانطلاق الحوار اليمني- اليمني تسقط مبررات العدوان الواهية أصلا ويغدو طريق التهدئة سالكا مع فتح مجال التنافس الإقليمي والدولي من أجل إغاثة الشعب اليمني ورفع الحصار الجائر عن 25 مليون نسمة لا ذنب لهم سوى أن قوة سياسية صاعدة أرادت أن تحررهم من نير التسلط والنفوذ الخارجي الذي قبعت في ظله اليمن ردحا من الزمن.
وبغض النظر عن نجاح مؤتمر جنيف من عدمه فإن الطريق إلى العاصمة السويسرية قد تطلب المرور قبلا بالعاصمة العمانية التي فتحت أفقا للديبلوماسية اليمنية ولتشاورات مباشرة مع أطراف إقليمية ودولية معنية بالملف اليمني.
على أن مسقط ما كانت لتدعو وفدا من أنصار الله دون ضوء أخضر سعودي/ أمريكي. وما كانت الرياض نفسها تفكر في هذه الخطوة لولا وقع المعارك الحدودية التي أكدت علو كعب المقاتل اليمني ومقدرة الجيش واللجان الشعبية على تهديد جنوب المملكة بمدنها الرئيسة ومعسكراتها ومطاراتها.
وإذ تقود هذه المقدمة إلى الاستنتاج بأن السعودية باتت تبحث عن مخرج يحفظ ماء وجهها عبر بوابة جنيف فإن ذلك لا يعني الاطمئنان إلى حماقة النظام السعودي والمخطط الصهيوأمريكي الذي يستهدف اليمن والمنطقة بشكل عام. الأمر الذي يفرض الاستعداد إلى التعامل مع سيناريو تصعيدي من قبل الرياض وعملائها خاصة وأن مؤشرات على الأرض تشي بأن الغباء الحاكم لسياسات آل سعود قد لا يقف عند حد معين.
وبين خياري التهدئة والتصعيد يبرز سيناريو ثالث له ما يؤيده من مسوغات ومقومات تعيش اليمن في ظله تحت أزمة مستدامة تغذيها الرياض على النحو الذي يحدث في سوريا.
التهدئة.. والبحث عن حل سياسي قريب:
بالنظر إلى خارطة المنطقة الملتهبة بالصراع الذي بات على تخوم حدود السعودية من مختلف الجهات وبالقياس إلى الفشل الأمريكي في العراق وإحجام واشنطن عن التدخل العسكري في سوريا بالتزامن مع تقدم في التفاوض الأمريكي/ الإيراني. وبالإضافة إلى التهاب السعودية من الداخل جراء العمليتين الإرهابيتين اللتين نفذتا مؤخرا في القطيف والدمام فإن استمرار العدوان السعودي على اليمن وما يجلبه من تداعيات وارتدادات تؤرق الرياض قد كشف حقيقة الفخ الذي وقعت المملكة في هاويته ولن تنجو منه إلا بالخروج السريع من ورطة العدوان ودعم مسار الحوار السياسي بين الفرقاء اليمنيين.
ومما يدعم سيناريو التهدئة أن الوقائع الميدانية ودخول صاروخ “سكود” على خط النار بات ينذر الرياض بمخاطر المواجهة مع اليمن خاصة أن السعودية وجدت نفسها لوحدها فيما يتعلق بالحرب البرية التي أحجمت دول التحالف عن دخولها ما تسبب في الإعلان عن إلغاء ” عاصفة الحزم” واستبدالها بعنوان ” عودة الأمل”!
أضف إلى ذلك أن خلافات الأسرة الحاكمة تحتدم يوما بعد آخر على وقع الخسائر العسكرية والسياسية في العدوان على اليمن. وقد ذكرت مصادر صحفية أن هناك نزوحا ملحوظا للعديد من الأمراء عن المملكة السعودية إلى دول غربية خشية صدامات دموية قد تندلع بين أفراد العائلة الواحدة نتيجة رفضهم لتشكيلة الحكم الجديد الذي سلم بموجبه الملك سلمان مقاليد الحكم لنجله وابن شقيقه محمد نايف.
الزمن نفسه يشكل عامل ضغط أيضا فالوقت يداهم المملكة ورمضان على الأبواب ومن بعده موسم الحج والمكانة الدينية للسعودية مع الحاجة إلى تأمين الموسم أمنيا تقتضيان إيقاف العدوان في هذا التوقيت بالذات.
المواقف الدولية هي الأخرى تدعم بشكل أو بآخر مسار الحل السياسي في اليمن فقد قال بيان للاتحاد الأوروبي أن مفاوضات جنيف ستكون مفتاحا لاستئناف وقف إطلاق نار واضح ودائم وبشكل سريع وكذلك إيصال المساعدات الإنسانية وبشكل عاجل.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان أصدرته أول أمس الثلاثاء : نأمل أن يفتح لقاء جنيف المجال أمام إطلاق حوار شامل يقوده اليمنيون أنفسهم بهدف التوصل إلى تسوية مستدامة في هذه الدولة. ولفتت الوزارة إلى أن موسكو تدعم مبادرة الأمم المتحدة الخاصة بإجراء هذه المحادثات انطلاقا من أن هذا اللقاء “ينبغي أن