“مؤتمر الرياض” سعودي بامتياز

المؤتمر الذي عقد في الرياض تحت المظلة الخليجية وبالتحديد السعودية بحضور ما سمي بالأحزاب والقوى السياسية والقبلية اليمنية لإيجاد حلول سياسية لليمن (أو هكذا يدعون) لم يكن في حقيقة الأمر إلا تجمع لتأدية الولاء والطاعة لآل سعود ومجلس تعاونهم الخليجي من قبل من حضر هذا المؤتمر الذين ارتضوا بشكل أو بآخر أن يتولى آل سعود تقرير مصير اليمن السياسي مستقبلا لأنهم ببساطة لا يعترفون بشعبهم ولا باليمن المستقل الذي يمتلك قراره السياسي بعيدا عن التدخلات الخليجية وذلك خوفا على مراكزهم والامتيازات المالية التي يحصلون عليها من هذه الممالك والمشايخ المتهالكة.
إن مجرد القبول بحضور هذا المؤتمر في الرياض عاصمة آل سعود الذين يشنون حربا شعواء مدمرة للبشر والحجر والشجر فيما يفترض أن يكون بلدهم هو بمثابة تأييد للعدوان السافر الهمجي الذي أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 2000 يمني حتى الآن جلهم من النساء والأطفال وأكثر من 7000 جريح إلى جانب مئات الآلاف من النازحين من القصف العشوائي وما يقرب من 8 ملايين يمني لا يجدون ما يسد رمقهم بحسب منظمات الإغاثة الدولية هذا عدا عن انتشار الأوبئة والأمراض المعدية نظرا لعدم توفر الدواء والمحروقات وتدمير المستشفيات والبني التحتية للبلد بأكمله. لم يتجرأ أي من القوى السياسية والأحزاب اليمنية التي ذهبت “للحوار” في هذا المؤتمر أن ينادي بوقف “التحالف” الذي تقوده السعودية الغارات الجوية المكثفة على الأراضي اليمنية أو وقف إطلاق النار أو تمديد (الهدنة التي لم تكن بهدنة) حتى تتمكن منظمات الإغاثة الدولية والعالمية من إيصال المساعدات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشعب اليمني الذي يدعون أنهم يمثلونه. هذه القوى ليست فقط أنها لا تمتلك الجرأة لتنادي بذلك بل إن البعض منهم ذهب لينكر أن طائرات التحالف تقتل المدنيين وتدمر البنى التحتية وعلى أن الطائرات تقصف فقط المعسكرات والمقاتلين من الحوثيين واعتبار أن القصف هو بمثابة “قصف الرحمة”. أما البعض الآخر فقد ذهب إلى مطالبة قوات “التحالف” بإرسال قوات للتدخل البري وذلك لإنقاذ البنى التحتية لليمن (التي دمرتها قوات التحالف التي يستنجد بها) وإنقاذ الشعب اليمني ( الذي تحصد أرواحه طائرات التحالف لأكثر من ثمانية وخمسين يوما). ولكن لسوء حظ وزير الخارجية “للشرعية” الذي طالب بذلك فان أسياده في الرياض لم يتمكنوا لغاية الآن من شراء جيش من دولة أو دول “إسلامية” لكي يقوموا بالمهمة على الرغم من الاستعداد لدفع المليارات لذلك وآخر ما رشح بهذا الشأن هو محاولة توريط الجيش الموريتاني. والسؤال هنا كيف يمكن ليمني حر شريف أن يقبل بهذا¿ كل من نادى أو ينادي بالتدخل الأجنبي في بلاده لقتل أبناء شعبه والاستقواء بقوى البغي والطغيان فقد شرعيته بغض النظر عمن يدعمه. أما الرئيس المستقيل الفار هادي وتماشيا مع من احتضنوه في الرياض فلم ينس أن ينفخ بمزمار الطائفية والمذهبية المقيتة خدمة لأسياده من آل سعود الذين يعملون على جر المنطقة بأكملها الى حروب فتنة طائفية ومذهبية. ولا نبالغ فيما إذا قلنا أنها تريد إشعال الفتنة بين المذاهب الإسلامية على المستوى الدولي. فالتحرك لبعض المتشددين الإسلاميين في باكستان خريجي “المدارس السعودية” ضد قرار البرلمان الباكستاني الذي رفض إرسال قوات من الجيش الباكستاني لتنفيذ التدخل البري في اليمن الذي كان قد أقر من آل سعود ولكن ليس بقوات سعودية كان للسعودية يد فيها وخاصة من خلال زيارة مفتي السعودية الى باكستان لحث هذه القوى على التحرك ضد الحكومة. ففي فترة وجوده مع مجموعة علماء الدين السعوديين قامت هذه المجموعات بمظاهرات تحث الحكومة على إرسال وحدات من الجيش الباكستاني للدفاع عن الحرمين الشريفين وكأن هنالك أحد يهددهم هذا بينما طائرات التحالف تقصف المساجد في اليمن. إلى جانب ذلك محاولة السعودية لإقحام ماليزيا الدولة الإسلامية الكبرى في التحالف من خلال مشاركة لقطع عسكرية ماليزية. الرئيس الفار هادي جدد في كلمته في المؤتمر اتهام أنصار الله “بالتبعية لإيران” وكرر تعهده “برفع العلم اليمني فوق جبل مران في صعدة” . الرئيس على ما يبدو يعتبر أن صعدة محتلة وأن الحوثيين ليسوا بيمنيين. ومن غير المستبعد في حالة عودته منتصرا بقوات التحالف – لا سمح الله – أن يقوم بإصدار مرسوم بنزع الجنسية اليمنية عن كل الحوثيين أسوة بأسياده في بعض الدول الخليجية الذين سحبوا الجنسية من بعض مواطنيهم كما حصل في البحرين لأنهم ملكوا الجرأة للوقوف في وجه الطغيان وقول كلمة الحق التي لا يمتلكها أو إذا ما تملكته الرحمة بهم فقد يحولهم إلى “البدون” أسوة بالكويت التي تبدو أكثر “ديمقراطية” من البحرين!!! ما رشح من هذا المؤتمر من قرارات هو تشكيل قوة عسكرية جديدة ببناء جيش وقوات أمن يمني لتامين المدن اليمنية والعمل على إيجاد منطقة آمنة تسمح بعودة الرئيس “الشرعي” والحكومة “الشرعية” لممارسة مهامهم على أرض يمنية (بدلا من المكاتب المكيفة والمريحة

قد يعجبك ايضا