المواجهة الحتمية
بنظرة متعمقة للأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة الراهنة يمكننا استخلاص عدة نتائج واقعية لا تقبل التشكيك في مقدمتها أن المواجهة بين المحور التركي السعودي الإسرائيلي والمقاومة متمثلة في حزب الله وسوريا وإيران حتمية وربما الأسابيع المقبلة تشهد جولة مواجهة بين المحورين لاسيما وأن الرياض خسرت الجولة الأولى في اليمن قبل عدة أيام وأدركت استحالة استخدام الخيار العسكري لحسم الأمر وهو ما دفعها إلى التفاوض رغما عن أنفها ونزولا عن رغبتها العسكرية المتهورة.
هذه الضربة الموجعة التي تلقتها السعودية مؤخرا في اليمن استدعت تحركا إسرائيليا على الحدود السورية بريف دمشق وهي محاولة صهيونية لفتح جبهة جديدة أمام المقاومة وتشتيت تحركاتها بالمنطقة فضلا عن تخفيف حدة المواجهة في الساحة اليمنية ومحاولة إحراز بعض التقدم لتغطية الفشل السعودي هناك وهو الأمر الذي يؤكد متانة التنسيق السعودي الإسرائيلي فضلا عن مصالحهما المشتركة في منطقة الشرق الأوسط لاسيما وأن تل أبيب والرياض لديهما عدة رؤى متطابقة حيال أزمات المنطقة أبرزها الأزمة السورية حيث تدعمان الجماعات المسلحة وتسعيان بكل قوة منذ عدة سنوات لإسقاط نظام الرئيس السوري “بشار الأسد”.
هناك عدة أسباب تشرح تزامن تنفيذ الغارات الإسرائيلية في القلمون وفشل العدوان السعودي على اليمن فالأمران مجرد محاولات فاشلة لتعويض الخسارة الصهيو سعودية في ملف المفاوضات النووية بين إيران والدول الست الكبرى التي توصلت إلى اتفاق إطار مؤخرا ويجري الآن الإعداد لاتفاق نهائي تكتمل ملامحه مع شهر يونيو المقبل وهو ما يعني أن الجهود كافة السعودية الإسرائيلية لإفشال هذه المفاوضات ذهبت هباء منثورا.
فشل التحرك السعودي في اليمن وحساباتها الخاطئة التي دفعتها في نهاية الأمر إلى التراجع عن أهدافها بعد إدراك استحالة تنفيذها باليمن جعل حليفتها بمنطقة الشرق الأوسط (تل أبيب) تتحرك على الجبهة السورية أملا في تشتيت المقاومة عبر فتح عدة جبهات مواجهة لاسيما وأن الرياض لم تجد لها نصيرا في رغبة التدخل بريا باليمن بعد رفض البرلمان الباكستاني والتزامه الحياد وعدم إبداء القاهرة أي بادرة توحي باستعدادها لتنفيذ الرغبة السعودية نظرا لإدراكها لخطورة القرار داخليا وخارجيا بجانب صعوبة تنفيذ المهمة الموكلة إليها.
هذا المشهد الراهن في منطقة الشرق الأوسط يؤكد أن الفترة المقبلة سوف تشهد مزيدا من التنسيق والتعاون بين الرياض وتل أبيب حيال عدة ملفات بالمنطقة خاصة وأن هذا التنسيق يستند لعدة مبررات أهمها الرؤية المتطابقة وتشابك المصالح السعودية الإسرائيلية أضف إلى هذا كله وجود عدو مشترك يتمثل في محور المقاومة والممانعة بجانب أن ظروف نشأة الكيان الصهيوني والسعودية متشابهة إلى حد بعيد الأمر الذي يجعل سيكولوجية التصرف متقاربة ومتداخلة في كثير من الأحيان.
التطورات الميدانية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط خلال الأسابيع القليلة الماضية تؤكد أن المواجهة بين محور المقاومة والمحور السعودي الإسرائيلي حتمية ولا تقبل التشكيك في وقوعها كما أن المقدمات التي حدثت أثناء تطورات الأزمة اليمنية مؤخرا تؤكد أن الانتصار سيكون حليف المقاومة ورجالها برغم كل المؤامرات الصهيو سعودية التي يجري تنفيذها في المنطقة.
حدة المواجهة بين المحورين ستزداد خلال الفترة المقبلة كما أن المعادلة ستزداد تعقيدا نظرا لاختلاف الرؤى والاستراتيجيات بين الجانبين لكن تزايد التعقيد يعني بكل وضوح اقتراب موعد الحسم وقرب نهاية المراهنات الصهيو سعودية في المنطقة لذا يتوجب على الرياض وتل أبيب أن يعلما جيدا بأن معادلة المواجهة مفتوحة وأن نهاية هذه المواجهة ستكون ثلاثية الأبعاد من دمشق إلى صنعاء مرورا ببيروت.
* موقع صحيفة البديل المصرية