مأساة اليمن تمحو المسافة بين مملكة بني سعود و” داعش”

ثمة مطبخ درامي يقف وراء الانتقال المفاجئ من منحوتة «عاصفة الحزم إلى «إعادة الأمل».
كان الانتقال مفاجئا لأن إعلان «الجنرال» أحمد العسيري مساء 21/ 4 عن هذا الانتقال, كان مسبوقا بأمر ملكي قضى بزج قوات «الحرس الوطني» في حرب اليمن, أي في اتجاه التصعيد!.
ثم إنه انتقال مفاجئ, لأن الرياض أمسكت عن التعقيب على ما صرح به حسين أمير عبد اللهيان ظهيرة ذلك اليوم وهو أن وقف النار في اليمن سيتم إعلانه خلال ساعات.
فالمسؤول الإيراني أدلى بتصريحه في لجة مشاورات إقليمية ودولية شاركت فيها طهران والقاهرة ومسقط وإسلام آباد وموسكو وواشنطن.
وبدلالة إعلان ستيف وارين المتحدث باسم «البنتاغون» أن واشنطن «على تواصل وثيق مع الرياض», مباشرة بعيد تصريح عبد اللهيان, اليوم نفسه, فإن ما يجب استخلاصه هو أن صناع القرار في مملكة بني سعود, كانوا خارج الاتصالات التي عصفت ذلك اليوم. وأن «الاتصال الأمريكي الوثيق بهم», حسب «البنتاغون», اقتصر على تبليغهم بالنتائج. لكن قرار زج «الحرس الوطني» في الحرب, كان مجبولا من ذهنية متضادة مع عقلية الاتصالات الإقليمية والدولية, وهي وقف التصعيد.
موقع بني سعود في المقطورة الخلفية للاتصالات, يعني أنهم فوضوا أمريكا بها «على بياض», لإبلاغهم– لاحقا- بما تتوصل إليه. حتى وإن بلعوا «العنتريات» في الأمر الملكي الصادر قبل ساعات.
وفي تفويض الرياض لواشنطن في شأن ما يجب عمله حيال اليمن خلاصة لكل من يعنيه الأمر في الإقليم والوطن العربي ولاسيما لإيران وسورية ومصر والعراق ولبنان وليبيا. مفادها أن وظيفة الرياض هي الامتثال لما تقرره واشنطن حتى وإن سفحت ماء وجه الملك سلمان في أن ينعطف عن «العنترية» في استخدام «الحرس الوطني».
وفي هذه الخلاصة تكمن مشروعية التحري عن المربع الأول في اعتماد بني سعود خيار العدوان على اليمن منذ فجر 2015/3/26م , والمستمر بعد إعلانها وقف «عاصفة الحزم»!.
الأصل أنه عدوان الرياض وحدها. هي حاولت على طريقة واشنطن في ستر اعتداءاتها المنفردة إكساءه بلحاف «التحالف العربي». وهذا اللحاف تمزق حتى في إطار مجلس التعاون الخليجي. فسلطنة عمان رفضت إقحام اسمها في هذا «التحالف». وفي مجرى العدوان تكشفت مشاركة آخرين عن دور شكلاني.
 بيد أن لهفة الرياض لاستدراج باكستان إلى مشاطرتها حمل تبعات عدوانها على اليمن تحت عنوان «الدفاع عن الحرمين الشريفين» (!), تكشفت عن الصغار المختزن عند «القبضاي» المزيفw (في الأعمال الفولكلورية اللبنانية, الذي يختتم وعيده بالهجوم بصرخة: امسكوني!).
إذ إن جيش بني سعود ليس بجيش مقاتلين. حسب المقاييس المتعارف عليها في جيوش العالم. هو حشود من لابسي الزي العسكري, يقودهم أمراء قبائل.
روى خبير سوفييتي متقاعد في «R.T» ما عاينه في القوة السعودية غرب السويس 1973 قال: كان بضعة عشر جنديا سعوديا عند خيمة كل ضابط سعودي لا وظيفة لهم إلا تخديمه بالقهوة والشاي وتحضير طعامه, وصب الماء على يديه بعد الوجبات(!!!).
وليس هناك تطور بنيوي في «جيش» المملكة. وصناع قرارها يدركون ذلك, وقد تم امتحان هذه الوضعية في 2010, إبان «حرب» الفريق الركن خالد بن سلطان مع صعدة, التي تخللتها غارات الـ«إف 16 و18» على شمال اليمن, وتخللتها كذلك غارة خمسة من الشبان اليمنيين, على معسكرات جيش المملكة, فأسرت مئتي ضابط وجندي. وقد جرى تبادل الأسرى, بعيد أن وضعت حرب «الفريق الركن» أوزارها. ولا يبدو أن وزير الحربية محمد بن سلمان, «القائد العام للحرس الوطني» متلهف لتذوق الطعم المر الذي تذوقه «الفريق الركن» خالد بن سلطان, في تداعيات الأمر الملكي 21/ 4 , القاضي بتكليف «الحرس الوطني» المشاركة في الأعمال البرية ضمن «عاصفة الحزم»!.
ثم إن نقيصة التهويل الفارغ بــ«حرب نحن لها», حسب تعبير رأس الدبلوماسية سعود الفيصل أمام نظيره الفرنسي, انقلبت إلى عيب فني يعتري خطاب المملكة السياسي في اشتغالها على خط استدراج مصر لتحارب, نيابة عنها, في اليمن.
أنشوطة استدراج الباكستان, وهي «الدفاع عن الحرمين الشريفين», تقطعت. وكذلك تقطعت أنشوطة استدراج مصر «للدفاع عن الأمن القومي العربي», و«للدفاع عن الأمن المصري» بالذات, ضد «مهددات محدقة بباب المندب», وتاليا: بـ«البحر الأحمر فقناة السويس», على نحو ما تم تسويقه بألسنة حكواتية مدفوعي الأجر في «الجزيرة» و«العربية» و«بي بي سي وفرا

قد يعجبك ايضا