أبطال الفيسبوك!!

الأزمات ليست كلها خسارة لها فوائد وعوائد ومنها عبر ودروس وأثمن ما فيها أنها تكشف صلابة الأمم ومعادن أبنائها.
من اليوم الأول للعدوان – وعاد  الدنيا عوافي – هبط بعض المسؤولين التنفيذيين في الدولة إلى البدرومات تركوا وظائفهم وموظفيهم تخلوا عن واجباتهم ما عدا الامتيازات والمستحقات تشبثوا بها وحافظوا عليها.
واكتفوا بتنفيذ مهامهم بالتلفونات بهررة وهنجمة ونخيط وصراخ من تحت البطانيات.
المواطن المحتار أصيب بالإحباط خاب ظنه وغاب أمله في هؤلاء الذين كان يراهم على شاشات الفضائيات وفي مواسم الأعياد والمهرجانات منفوخين مرزوحين أسود لا تقهر وصواريخ لا تعثر .
هؤلاء لم يكن عليهم أن يهربوا إلى داخلهم من ثقل المواقف وتبعاتها فالمسؤول التنفيذي في الدولة غير مجبر أن يحدد صفه أو يعلن موقعه مع الثورية أو الشرعية¿
غير أنه مجبر أخلاقيا ووطنيا أن يمارس مهامه ويدير مؤسسته ويحفز موظفيه ويقوم بواجباته ويحترم مسؤوليته التي تتوقف عليها حاجة المواطن ومصالحه دون تردد أو خنوع.
بعض المسؤولين – الصغار – ترفع لهم القبعات تقديرا واحتراما على ثباتهم وشجاعتهم وتفانيهم وقوة بأسهم وغيرتهم على الوطن والمواطن وعلى وظيفتهم التي يكسبون منها رزقهم ورزق أسرهم.
وبعض المسؤولين – الكبار – اللعنة عليهم حين يهربون أو يختفون أو يقبضون ما لا يستحقون.
لهم العار والخزي والمذلة وللوطن والمواطن العزة والكرامة وشفى الله الكلاب الضالة وقصف أعمارهم أينما كانوا يختبئون.
هذا موضوع والآخر أنه حتى الخصوم يحترمون الثابت الشجاع ويهابونه وعلى نقيضه فالخانع الضعيف يذلونه ويحتقرونه يهملونه ويتجاهلونه.
وأسوأ ما في الأمر أن تدار الأزمات بالجهلاء والجبناء لا نصر يرجى ولا نجاح يعطى.
والأسوأ من هذا أن تستجدي العفو من جبان والنصرة من حاقد ومتى كان في النار للظمآن ماء¿.
 أبطال الفيس بوك هنا  وهناك ورطوا الأمة بمغامراتهم الخاسرة وإنجازاتهم الفضائية الخارقة وظنوا أنهم يحققون النصر وما جنوا غير الندم والخسارة.
الكراهية التي يزرعونها الآن بين الإخوة والجيران والأهل والأنساب ستثمر الثأر والحقد وتعود بنا إلى حروب داحس والغبراء.
أين من هؤلاء سماحة الدين والمروءة والحلم والحكمة والشجاعة أين منهم قيم الإنسانية المهيبة والنبيلة.
الشجاعة في أبهى صورها وأرفع معانيها أن تسمو وتصفح وتعفو وتسمح هذه فضيلة العظماء وسمة الراشدين والحكماء.
نحن لا نستجدي لكن نسأل¿ أين ذهب عقلاء الأمة وعلماؤها خلاص ما عاد به من يجاهر بالحق ويفتي بالصواب¿.
الآن نظرة عابرة إلى الشارع المحتار والمذعور لترى الوجوه الساخطة والخطوات العاثرة وترى الأسئلة المعلقة على جدار الصمت والحيرة.
من يقنع هؤلاء المراهقين الذين يحملون السلاح ويتباهون به في المقاهي .. والشوارع .. والأسواق إن هذه ليست رجولة ولا شجاعة .. وإن طيران العدوان أجبن وأبعد من مرمى بنادقهم المتشنجة.
وبعد فإن أشجعنا وأكرمنا هم هؤلاء الشباب الذين ينظفون شوارعنا من أوساخنا وخطايانا وعامل النظافة المواظب  المتحدي نموذج لليمني الشجاع الذي يقوم بواجبه ويؤدي  رسالته دون أن يظهر في نشرة الأخبار.

قد يعجبك ايضا