الحرب والبيئة

تعد الحروب العدو الأول للحياة .. هكذا كانت في الماضي وستظل كذلك في المستقبل إلى ما شاء الله ومع كل تقدم للعلوم تتغذى هذه الظاهرة بمزيد من التوحش وتتوسع معها دائرة التدمير وتغدو أكثر خطرا على الإنسان والبيئة المحيطة سواء كانت طبيعية أو صناعية .
وإذا كانت آثار الحروب على الإنسان من قتل وتشريد ظاهرة للعيان كون البشر يحصون دائما خسائر الحروب بعدد القتلى والجرحى بين الجنود والمدنيين وبما تم تدميره من مدن وسبل الحياة تبقى البيئة في كثير من الأحيان ضحية غير معلنة للحروب  وتكون مخاطرها على البيئة أكثر اتساعا وعمقا وعمرا وتنعكس سلبا على الحياة وفي الغالب تصعب إزالتها مهما بذل من جهد ومال وهناك الكثير من الشواهد الدالة على استغلال البيئة في الحروب والنزاعات من قبيل استخدام أسلحة فتاكة أو تفجير آبار النفط وتسميم المياه والأراضي الزراعية وغيرها .
وكما تعتبر الحروب سببا في إلحاق أضرار بالغة على البيئة ومواردها الطبيعية فإنها أيضا نتيجة للتدهور البيئي وشحه الموارد الضرورية لحياة الإنسان مثل انحسار الأراضي الزراعية والمراعي وشحه المياه وهو ما بدأ في الظهور في الكثير من مناطق العالم فمنذ منتصف القرن العشرين بدأ تزايد النزاعات والحروب الكبرى في العالم العربي يؤثر سلبا على سلامة البيئة في المنطقة. والعلاقة بين البيئة والنزاعات مزدوجة: فهي أولا علاقة سببية كما أنها علاقة من حيث الضرر الذي يلحق بالبيئة .
 ولاتزال هناك حروب لأسباب بيئية تحصد قتلى وجرحى ولاجئين وحتى إذا لم تكن هناك حروب مباشرة بسببها فإنها تعد حربا طبيعية ضد الإنسان المتغول على بيئته ومحيطه الحيوي وذكر برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن ما لا يقل عن أربعين في المئة من الصراعات الداخلية خلال السنوات الستين الماضية كانت مرتبطة باستغلال الموارد الطبيعية سواء كانت موارد ذات قيمة عالية مثل الأخشاب والماس والذهب و النفط أو موارد نادرة مثل الأراضي الخصبة والمياه. كما تم التوصل أيضا إلى أن فرص تأجج النزاعات تتضاعف إذا كانت مرتبطة بالموارد الطبيعية . 
ولهذا فإن التنمية غير المتوازنة والتطور الجامح وما بينهما من توحش تجاه البيئة وإهدار الموارد الطبيعية والفساد وغيره من من ظواهر العصر تزرع بذور الحروب المعاصرة والمستقبلية وتقف وراء العديد أو مساهمة في جزء كبير منها ولو لم يكن ذلك ظاهرا على السطح لكنها تظل عوامل ذات أثر كبير في إشعال الحروب التي بدورها تعمق معاناة البشر لتظل تدور في دائرة مدمرة وتتبادل الحروب وتدمير البيئة وإلحاق الكوارث بالإنسان على الدوام .

قد يعجبك ايضا