ماهي العروبة التي يتحدثون عنها¿!

على هامش ما يسمى «عاصفة الحزم» السعودية على اليمن وهي في الحقيقة عاصفة «جنون وعدوان» وليست عاصفة حزم لأن السعودية عبر تاريخها وعلاقاتها الدولية لم تعرف معنى الحزم بل اشتهرت بالرخاوة والاستسلام والتبعية المطلقة للولايات المتحدة والخضوع لأوامرها فمن أين جاءها «الحزم»¿ حتى أن تعبير «عاصفة الحزم» أوحى به لها أسيادها في واشنطن تيمنا بـ «عاصفة الصحراء» على العراق عام 2003.
على أي حال لا تهمنا هذه التسمية المقتبسة بل ما يلفت النظر هو كثرة الحديث على هامش «العاصفة»المذكورة عن «يقظة العروبة» وعن عودة الروح لبعض العرب, حتى ان نبيل غير العربي «الأمين العام للجامعة العربية» بلغ به الحماس أسفل درك عندما قال في الذكرى السبعين لتأسيس الجامعة «إن العرب يستشعرون لأول مرة خطورة التهديدات الأمنية التي تحيط بهم ويقررون الرد عليها»!! نسي هذا «النبيل» أن جامعته قامت في الأصل لمواجهة التهديد الصهيوني في فلسطين نسي النكبة والنكسة والهزائم المتتالية نسي الزحف الاستيطاني السرطاني وعشرات المخيمات وملايين اللاجئين المبثوثين على امتداد خريطة دول العالم نسي أو تناسى الحروب الإسرائيلية العدوانية على لبنان وقطاع غزة دع عنك سيناء وبحر البقر وجرائم السويس «العرب أول مرة يستشعرون التهديد ويقررون الرد عليه»!! كأن العدوان السعودي على اليمن ذكر أمين عام الجامعة بالعرب والعروبة وأشعل جذوة العروبة به وبأمثاله.
المضحك فعلا أن الذين يتذكرون العروبة هذه الأيام ويمجدونها شعرا أونثرا هم الذين كانوا في الأمس وقبله ضدها عندما كانت العروبة رابطة قومية تجمع الأمة العربية بأقطارها المختلفة في مشروع تحرري نهضوي يؤجج ثورات التحرر الوطني ومعارك الاستقلال في مرحلة تصفية الاستعمار ويواجه الغزوة الصهيونية المدعومة من قوى الاستعمار بشكليه القديم والجديد آنذاك كانت العروبة معيارا للحكم والاحتكام ولاسيما عندما رفع لواء العروبة البعثيون والناصريون والقوميون العرب واليساريون وحركات تحررية أخرى.
في هذه الأيام تجري أبشع عملية تزييف للوعي في التاريخ العربي إن من يتحدثون عن العروبة والتهديدات اليوم كانوا ضدها على الدوام ولم يمتلكوا في يوم من الأيام مشروعا قوميا أو تنويريا أو تنمويا أو ديمقراطيا أو وطنيا بل إن بعض هذه الدول التي تتكلم عن العروبة الآن كانت على الدوام تنفذ أجندة أجنبية وكانت تابعة للخارج وتحولت منذ سنوات إلى ماكينات تفريخ كبيرة لإنتاج التطرف وإعداد جحافل الإرهابيين ومدها بالمال والسلاح وتاليا استطاعت إدخال المنطقة العربية بأسرها في واحد من أحلك عصور الظلام والرجعية.
اليوم تستيقظ «عروبة» هذه الدول على قرع طبول الحرب ضد إيران وليس ضد « إسرائيل» وهذا شيء معيب وخطير فعلا فالحرب السعودية على اليمن هي أبعد ما تكون عن البعد القومي هي حرب ممالك وإمارات ومذاهب وطوائف وهي في مجملها فصل جديد من كتاب «الفتنة الكبرى».. إن عرب الجامعة يكادون يعلنون «انتفاء» الخطر الصهيوني الاحتلالي الاستيطاني التوسعي وتحويل «إسرائيل» من مشروع عدو كما كانت على الدوام إلى «مشروع صديق» كما يؤمل من قبل السعودية وقطر وغيرهما وليضرب الفلسطينيون رأسهم بألف حجر فالعرب -حسب زعم هؤلاء- منشغلون بأولويات أخرى والعروبة «يجب أن يعاد إنتاجها وتفصيلها»بشكل آخر وعلى مقاس عدو آخر يخترعونه.
إن بعض «الحصفاء» من دعاة «العروبة» الجديدة زاوجوا بينها وبين الديمقراطية لكن مثل هذه المزاوجة إنما هي في جوهرها خداع وتضليل وخلط للأوراق فالداعون «للعروبة» الجديدة يصطفون خلف أبشع أشكال التطرف الجهادي في سورية والعراق ويتحولون إلى رعاة وداعمين لتنظيمات إرهابية امتهنت الذبح والحرق والتدمير والتفجير والتفخيخ.
العروبة الحقيقية تحمل مشروعا مستقبليا مبنيا على مفهوم الأمة والوحدة أي أنها توحيدية أما «العروبة الجديدة» -إن جاز التعبير- فيقوم مشروعها على مفهوم المذهب والطائفة وهي بالتالي تفتيتية وتقسيمية بامتياز.
العروبة الحقيقية أنتجت معاهدة الدفاع العربي المشترك لمواجهة «إسرائيل» ومن يقف وراءها وإن كانت لم تفعل حسب المطلوب لكن من يتحدثون الآن عن «القوة العربية المشتركة» لم يشيروا ولو بسطر واحد أو بكلمة واحدة إلى أن من وظائف وأهداف هذه القوة حماية الشعب الفلسطيني من جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومن تداعيات حصاره الظالم.. لم ولن يفعلوا ذلك ولن يقووا عليه و«إسرائيل» تعرف ذلك حق المعرفة ولهذا رحب بعض محلليها الاستراتيجيين بتشكيل هذه القوة فأي مفار

قد يعجبك ايضا