هيروشيما صنعاء !!

كتبت هذه المقالة العجلي في تمام الساعة الحادية عشرة من مساء الأحد الثلاثين من شهر مارس 2015م.الموافق العاشر من جمادي الآخر 1436ه علي هدير أصوات الانفجارات وأنا لا أدري ما الذي ستحمله للشعب اليمني العظيم والصابر والصامد طائرات الموت الخليجية..من أطنان الدمار !! أو كيف سيكون واقع الحال المأساوي علي الصعيد الإنساني في أرجاء الوطن ¿!.
كان هذا اليوم هو الأطول والأصعب أما الساعات الأولي من مسائه فيمكنني- بدون تردد- وصفها بقمة العدوان والحقد الأعمى في ليلة من الجحيم ..فقد عشت -كما غيري – ثلاث ساعات ..الواحدة منها تساوي مائة وخمسة وثمانين يوما.
لماذا ¿
الإجابة تأتي مسرعة لتقول : ما إن أسدل الليل ستاره علي سماء العاصمة صنعاء حتى طفت علي وجهها أضواؤه المشعشعة بنور القمر فيما بدت النجوم المتلألئة ترسل إشاراتها في الفضاء الأزرق لعلها تمنح سكان المدينة قليلا من الأمل بإمكانية التغلب علي جروحهم النازفة وعلي أزمتهم الطويلة الأمد الناجمة عن عناد ومكابرة .. بل إن شئت القول مقامرة حفنة من أساطين السياسة ومدمني الأزمات ممن يقودون الوطن إلي الجحيم بسبب تمسكهم بشهوة السلطة زاد من أوجاع المحنة عدوان غادر وجبان وهمجي يطحن سكان صنعاء التاريخ مع أبناء الوطن في طول البلاد وعرضها بفعل جنون نحو(185) قاذفة مقاتلة أمريكية الصنع والسلاح تابعة لملوك وأمراء وحكام وتجار الحرب والكرب وهي تمطر رأس العاصمة وصدرها بصواريخ القتل والدمار لتمتد سعير نيرانها إلي صعدة شمالا والحديدة غربا مرورا بشبوة ومارب شرقا ..معرجة علي وسط اليمن وجنوبه من البيضاء فذمار ويريم ثم تندفع بقوة صوب إب فتعز والمخا والضالع ولحج وأبين وصولا إلي عدن وغيرها حيث تسيل دماء الأبرياء بغزارة لا معني لها (!!). فمنذ نحو أربعة أسابيع وتزيد واليمنيون لا يعرفون للهدوء مستقرا ..فقذائف أبنائه العشوائية تشنجه وتغضبه وتورم قلبه بالفواجع … علي ماذا يقتل الأخ أخاه والجار جاره وصديقه !¿ هكذا تسأل من حولك في أي مكان تلقاه في الشارع في السوق ..أو بمن تتحدث معه بوسائل التواصل الاجتماعي..بيد أنك تصدم بالحقيقة المرة عندما لا يستطيع أحد أن يجيب علي فضول السؤال المفتوح حتى إشعار آخر سوي أن تبادر ملامح الحزن لفرض نفسها علي شفتيه..نو موووووور! والحديث الآن علي الحرب الآثمة علي اليمن من قبل التحالف العشرة غير البررة التي جاءت لتزيد الأوضاع السياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية والإنسانية أكثر اشتعالا في البيت اليمني !¿ ومنذ ليلة الأربعاء- الخميس لم يعرف اليمني طريقه إلي النوم ..يمسي حائرا علي وقع الغارات العدوانية ومضادات الطيران للتصدي لها ..ليصبح من جديد متسائلا : إلي أين هم ذاهبون بنا..¿! ويتفرع من السؤال السالف ثاني وثالث وتاسع ..متى ستنتهي الحرب ¿ وكيف¿..وماذا بعد أن تحط هذه الحروب أوزارها ¿ وما يكاد ينتهي اليمني من حوار ذاته حتى تتراقص علامات الاستفهام وتتضخم مع دوي انفجار جديد.
وأنا أقف عند هذه النقطة إذ بي أسمع دوي انفجار عاشر وعشرين ..بيد أن ما رأيته بين السابعة والعاشرة من مساء يوم (الأثنين) شيء مرعب…فعند الساعة السابعة تشتغل المضادات بكثافة من كل مكان ..ثم يدوي انفجار يهز جنوب صنعاء..بعد لحظات خاطفة ترتفع أعمدة الدخان المنبعثة من فج عطان ..ومع مرور الدقائق تزداد كثافة المضادات للتصدي للطائرات المعادية..وعند الساعة الثامنة مرة أخري ترتج المنطقة ومحيطها بأعنف انفجار ..هز من شدته العاصمة من جبل عيبان وحتى جبل نقم .. يارب استر وجنب وطني وشعبي وأهلي المزيد من الخسائر …هكذا أدعو الله .وأنا واقفا علي سطح المنزل لأسمع دوي انفجارات متتالية..بووووم ..طااااخ طيخ دودووووم ..شيئا فشيئا تهتز المباني والأشجار والشبابيك وأبواب المنازل بفعل قوة انفجار هائل لترتفع ألسنة اللهب بشكل مخيف ومرعب وغير مسبوق .فتتطاير شظايا المتفجرات إلي الجهات الأربع ..ثم يعقبه انفجار تلو الآخر ..أعد هكذا.. واحد ..إثنين.. أربعة خمسة عشرة.. عشرون .. يا الهي ما هذا .¿! أسأل نفسي….! فوق موقع عطان ترتفع سحابة سوداء ..وفي أسفلها كتلة ضخمة من اللهب شديد الإحمرار..وتذكرت تذكرت هواجسي فلقد أثار مارأيته ليلة (الاثنين) في قلب صنعاء العاصمة من مشاهد قاسية علي النفس والجسد أن استدعي صورا من التاريخ وجال في الخاطر ما رأيته بأم عيني في متحف هيروشيما للسلام من صور تحكي – كنت زائرا صحافيا في ديسمبر 1985- تفاصيل محرقة أول قنبلة نووية مثلت قمة الفاجعة اليابانية في نهاية الحرب العالمية الثانية..ففي مساء الخامس من أغسطس من عام 1945 أعطى الرئيس الأمريكي هاري ترومان أوامره الدموية لقصف هيروشيما بالقنبلة الذرية ثم ذهب ببرود لينام ليصحو في اليوم التالي مزهوا بانتصاره الوحشي علي بلاد الشمس المشرقة . واليوم نري من الأشقاء العرب من بات يستخدم نفس ال

قد يعجبك ايضا