لحظة يا زمن.. القطة والحلم
محمد المساح
ظل يحلم …ولم يكن يدري أن ذلك الحلم سيكلفه العمر كله.
بالفعل مضى الحلم …ومضى العمر وأكتفي بالتأمل الحزين.
مرت القطة أمامه ..تموء مواء مطولا وتوقفت بجانبه ..اقتربت منه تمسحت بأطرافه…بعد حين أحس بها ..ونظر الواحد نحو الآخر أول الأمر بغرابة ..ثم انعقدت الألفة سريعا وتصاحبا للتو واللحظة.
قادته نحو صبل متهدم ..وفي زاويته ترقد ثلاثة “أد مم” صغيرة علاها الشعر ..دارت حولهم دورتين ثم اضطجعت في وسطهم …وتركتهم يمتصون حلماتها الوردية ..تعجب لحال تلك القطة وشرد في تأمل عميق .
وحاور نفسه :
– من قال أن الحلم قد مات
– قد يموت الإنسان ..وقد يطويه العمر ..لكن الحلم يظل مستمرا في جريانه يعبر القلوب ويلامس العقول إذا تعثر بن آدم وأصطدم الحلم به وتعثر الاثنان نهض الحلم من كبوته وعاد يشتعل في قلب الإنسان وتظل شجرة الحياة خضراء.
انتبه للقطة وهي تنهض تلاعب أطفالها في زاوية الصبل المتداعي لكن أحد الجدران كان واقفا بصلابة يتحدى التداعي ..والقطة تمط جسدها بليونة ..وتقفز قفزة مفاجئة قفزة طويلة وسريعة استوت بمخالبها على فريسة زاحفة هل كان فأرا ..أم حنش ..ترك القطة لحالها ..ودار حول نفسه ..ورأى الشمس تغيب وراء الجبل وعم ما حوله الظلام.
عاد يسير متأملا ..يهامس نفسه …قد يذهب العمر سدى ..لكن الحلم لا يموت ..يظل مشتعلا في القلب ولو همدت ناره قليلا ..لكنه لا يتحول إلى رماد ..انها النار الأبدية …مصير الإنسان منذ البدء وحتى اللحظة …وهو يتعثر ..لكن التعثر لا يدوم تبزغ زهرة …وتتبرعم وردة ويظل الحلم أبديا لا يموت .