سقوط علاني!!
إبراهيم الحكيم
سقوط علاني جديد وقع فيه المستقيل هادي ومن كان ضده وصار معه بإعلانه غير الشرعي “نقل العاصمة إلى عدن” على نحو أكد مخاوف عامة ظلت تثيرها إجراءات وقرارات رئاسية ما انفكت بنظر متابعين تزيد الأوضاع تعقيدا وتدير البلاد بالأزمات وتذكي النعرات المذهبية والمناطقية وتستدعي النزعات الانفصالية وتشي بإصرار على تمزيق الدولة اليمنية الموحدة والعودة بها إلى حقبة التشطير.
وعلاوة على الموقف الدستوري الذي لا يخول أي رئيس منتخب اتخاذ قرار نقل العاصمة من دون الرجوع للبرلمان واستفتاء شعبي فإن إعلان المستقيل هادي “نقل العاصمة” يجسد شاهدا جديدا على نكثه باليمين الدستورية التي أداها عقب اختياره – وليس انتخابه – رئيسا توافقيا لقيادة مرحلة انتقالية محددة بعامين ينتهيان في فبراير ألفين وأربعة عشر.
نظريا يظهر السقوط الجديد امتدادا لسقوط الارتهان للخارج على حساب الامتهان بالداخل وسقوط تفكيك مؤسسات الدولة وتفخيخ نسيجها المجتمعي ويجسد اعتماد “هادي” الخداع بإعلانه “نقل العاصمة” رغم نفيه قبل خمسة أشهر مخاوف عامة شائعة بهذا الشأن ظلت تثيرها معطيات ميدانية وتوجهات وقرارات رئاسية بدا أنها تريد تمديد أزمات البلاد وإثقالها بالمزيد لا تبديدها وإنهاءها!!.
“هادي” الذي علل إعلانه “نقل العاصمة” بما سماه “خضوع صنعاء لسيطرة مليشيات مسلحة” في إشارة إلى اللجان الشعبية و”أنصار الله” التي سبق أن بارك نشاطها وحيا دخولها محافظة عمران نهاية يوليو وأعلن في زيارة للمحافظة أنها صارت بهم أكثر أمنا واستقرارا وأن ما شهدته “درس لطي صفحة التسلط وفتح صفحة الانتقال لمنظومة حكم تقوم على العدل”.
إعلان هادي “صنعاء عاصمة محتلة” يتناقض أيضا مع مباركته دخول اللجان الشعبية العاصمة صنعاء نهاية سبتمبر الماضي ووصفه بأنه “أحبط مؤامرة تتجاوز حدود الوطن” وتأكيده “أن صنعاء انتصرت ولم تسقط” وتوقيعه معهم “اتفاق السلم والشراكة الوطنية” برعاية أممية ليغدو ثالث مرجعيات تسوية الأزمة في اليمن والانتقال السياسي في قرارات وبيانات مجلس الأمن ذات الصلة.
كما أن دعوى “صنعاء محتلة من الميليشيات” تصطدم بواقع سيطرة ميليشيات تجمع الإصلاح والإخوان في مأرب والجوف والبيضاء وخضوع عدن وأبين ولحج وحضرموت لسيطرة ميليشيات “لجان شعبية” دعم هادي إنشاءها منذ تصعيده للرئاسة في 2012م وتولى شقيقه تشكيلها والإنفاق عليها من الخزينة العامة بزعم “دعم الجيش في حربه ضد تنظيمات القاعدة وأنصاره الإرهابية”!!.
فعليا يظهر جليا أن تزامن إعلان المستقيل هادي “نقل العاصمة” مع إعلان رفضه مسبقا خيارات التسوية المطروحة للمشاورات السياسية ومواصلته تسريح منتسبي الجيش والأمن من محافظات شمال الوطن ولقاءاته مع مشايخ قبائل ينتمون إلى فصيل سياسي ومذهبي بعينه وبدء إشعالهم مواجهات في البيضاء ومأرب يدفع باتجاه تفجير الوضع عسكريا وقبليا بخلاف ما سبق أن تعاهد به ولا يزال يدعيه!!.
إجراءات “هادي” إذن لا تصب باتجاه دعم حل أزمة فراغ السلطة الناجمة عن تقديمه استقالته لمجلس النواب بعد ساعات من تسلمه استقالة حكومة بحاح بل في تأكيد افتعاله الأزمة وتعمد تأجيجها الأزمة وتسير باتجاه ينذر بإشعال حرب أهلية على أساس مناطقي تشطيري وديني مذهبي يتماشى مع مخطط إعادة تقسيم المنطقة إثنيا (طائفيا)!!