من 26 سبتمبر 1962م إلى اليوم.. 2-8
كيف ضاعت الفرص المتتالية لبناء دولة المؤسسات¿!
عندما وصل حال الشعب اليمني إلى مرحلة لا تطاق في منتصف الخمسينات من القرن الماضي وبعد أن استفحل الفقر والجوع والمرض في أوساط الشعب وبعد أن أتيحت لمجموعة بسيطة من أبناء اليمن فرصة الإطلاع على تجارب الآخرين في شتى مجالات الحياة سواء في الغرب أو حتى في بعض البلدان العربية كمصر ولبنان وتونس والمغرب وسوريا والجزائر وغيرها أدرك اليمنيون – أو المستنيرون منهم على الأقل – كم نحن متخلفون عن من سوانا وأين وصل العالم وأين نحن!! حاولت النخب المثقفة والمخلصة تقديم النصح للامام بصورة مباشرة أو غير مباشرة وكانت مجمل النصائح تتركز في نقطة جوهرية هامة وهي أنه لا يمكن أن يظل هذا الشعب متقبلا لحالة الانغلاق والعزلة عن العالم كما لا يمكنه الصبر إلى ما لا نهاية على الظلم وسفك الدماء والأمية التي تكاد تكون شاملة آنذاك لكن الأمام آنذاك كان يصم أذنيه ولا يسمع لشكوى شعبه ونصائح المخلصين حتى من المقربين له.
عندها أدرك الشباب المتعلم أن أساليب النصح غير مجدية وأنه لابد من استخدام طريقة أخرى لتغيير النظام الظالم والمنغلق فكانت ثورة 26 سبتمبر المجيدة والخالدة ضد نظام ظالم ومتخلف وليست ضد أسرة أو سلالة أو طائفة بعينها كما يحلو للبعض أن يروجوا لذلك زيفا وبهتانا والدليل على ذلك أن الفتية الذين قاموا بهذه الثورة هم مزيج واسع ومتنوع من جميع شرائح المجتمع ومكوناته تعاهدوا ونذروا أنفسهم لتغيير واقع مجتمعهم المتخلف واللحاق ركب من سبقونا وكانت أهدافهم الستة في غاية النبل والإنسانية وكانوا يحملون مشروعا نهضويا عظيما غايته نقل اليمنيين من حياة القرون الوسطى إلى حياة القرن العشرين التي يعيش فيها معظم شعوب العالم وقد حققوا نقلة كبيرة جدا في زمن قياسي بالرغم من الإمكانيات المحدودة آنذاك وبالرغم أيضا من التكالب الإقليمي والاستعماري لإجهاض ذلك المشروع وحتى الثأر الداخلي الذي استهدف قيادات تنظيم الضباط الأحرار الهامة تباعا.
وللتأكيد على أن الثورة السبتمبرية كانت من أجل الشعب فقط وضد نظام ظالم وليس لها أي صبغة مناطقية أو طائفية أو سلالية فقد كان قائد الثورة الشهيد علي عبدالمغني وكان الرجل الثاني في الثورة وأقرب المقربين إلى قائد الثورة هو الشهيد/ محمد مطهر زيد (هاشمي) وكذلك شارك الكثير من الهاشميين بفاعلية وقوة في الثورة والتنظيم أمثال الشهيد أحمد الكبسي والشهيد يحيى المتوكل والمرحوم عبدالوهاب الشامي وعلي قاسم المؤيد وغيرهم بمعنى أن الثورة كانت تشمل كل شرائح المجتمع وأيضا كل مناطق اليمن.. فماذا حدث بعد نجاحها¿! للحديث بقية.