أممية مفقودة ووطن بائس
المجتمع الدولي جزء كبير من المشكلة اليمنية هذه الجملة لم أقلها اعتباطا أو إن لي سبقا كشف تلك الحقيقة الدامغة , فهذا يتضح جليا في مواقفه حيال الحالة اليمنية منذ نشوب الأحداث في البلاد إذ إن المجتمع الدولي بممثليه كان وما يزال عاملا يزيد من تعقيد الحل للأزمة اليمنية على مدى الأربعة الأعوام الماضية .
لو قارنا الحالة اليمنية التي تفردت وغايرت حال بعض بلدان ما سمي ” بالربيع العربي” وكانت خلافا للبلدان التي انتهجت حلولا وطنية ذاتية واكتفت بالحل الداخلي لقضاياها “مصر” و”تونس” اللتين تجاوزتا أزماتهما بأبنائهما فيما يبقى حال اليمن وسوريا عصيا على الحل كنموذج يشهد على فشل المجتمع الدولي ومؤسساته في عدم التعامل الإيجابي والصادق مع الوضع في هذه البلدان وتلاعبه وتماديه وتوسيع دائرة الصراع من خلال مساندته لطرف على آخر وبهذا نجزم بأنه لم يكن الوسيط الإنساني الأمين لإنهاء الصراع المحتدم في اليمن .
كثير من الأصوات نادت مبكرا وحذرت من توجهات متخبطة إزاء التعامل الدولي مع الوضع اليمني وحذرت حينها من المواقف الأحادية تجاه بعض الأطراف بما يضمن الخروج بحل يرضي كافة الأطراف جميعها لكن كما يبدو أنه إصرار على رهن قراراته وفق مصالح قوى أجنبية جميعها كانت بعيدا عن تشخيص الحل الذي يصب في صالح اليمن ومساعدته على الخروج من الأزمة وواقعه البائس.
كل القرارات والعقوبات الدولية لم تكن في الأساس بصالح اليمن واليمنيين فقد ساهمت تلك القرارات بشكل أو بآخر في تعقيد الوضع السياسي وكانت إضافة جديدة إلى المشكلات الكثيرة والمتراكمة التي صنعها أيضا المتحاورون على مدى أعوامهم الحوارية وزاد مع ذلك تعكير أجواء الاستقرار في البلد.
بشكل واضح كان الرعاة للحل في اليمن سببا في إفشاله ,فكل المبادرات وبما فيها المبادرة الخليجية ورعاتها اقتضوا دخول أطراف في الحوار وفي المقابل تضعهم في قائمة الجرم والاتهام ولم تتعامل معهم كنوع من إحسان النية تمهيدا لإصلاح ذات البين لكنها تحت نشوة العمل الثوري ومداهنته ساعدت أطرافا على إقصاء أطراف آخرين في ازدواجية فجة دشنتها في البدايات الأولى طريقة الاستحواذ في اختيار المتحاورين وما أعقبها من إقصاء وتهميش لم ينسجم مع روح التحاور والاتفاق.
لم تكن مسؤولية فشل الحل يتحملها الخارج ممثلا بالوسطاء الدوليين والإقليميين والمجتمع الدولي فالداخل أيضا شريك في تحمل مسؤولية ضياع وتشظي بلد فقد دخلت الأحزاب في مسار العملية السياسي والحوار الوطني وفي أجندتها التخلص والانتقام والثأر من خصومها ولم يكن هدفها الحوار البناء الهادف للخروج بالبلاد من معترك الصراع إلى الطريق المنشود الآمن الذي يحقق لليمنيين ما تطلعوا إليه في بناء دولة مدنية حديثة وبهذا تخلو عن مسؤوليتهم تجاه مستقبل البلد .
ما ذكر وأشياء أخرى لم تذكر تؤكد لنا حقيقة أنه لا يستطيع مواطن إبعاد مواطن آخر أو إقصائه أو إلغاء مواطنته ومصادرة حقه في المواطنة أيا كان, وأن بقاء الحلول استيرادا لن يجدي مهما كانت فهي بأيدي اليمنيين أنفسهم و بقائهم كذلك يظل قرار اليمنيين مختطفا تحدده مصالح الخاطف وليس مصالح اليمن وأبنائه .