تحت الصفر بآهتين ..
بلقيس الكبسي

في هذا الضيق العربي المهين أتنفس من ثقب إبرة أشهق الحياة فتلج رئتي في سم الخياط ويتدلى صوتي مثقوبا يقطر ما تيسر من شدوö أصابه العطب لحظة خاطفة اخترقت قلبي بنصلها العاري ومازلت أحيك التعازي أستخدم حبر الأمس المكسور وصفحات منتهكة أحبر آهاتها بدم ارتوت به الأرصفة .
وحيدة أحدث عن وجعي خيال هذا الليل المماطل. وما زالت بي رغبة لممارسة هواية البقاء حتى الرمق الأخير من الفاجعة فالخيط ما زال في أوله والحياكة تثقب نفسها بنفسها وتنزف أناتها .
في هذا المساء المتشرد كتشرد الضحايا وهم مجففون تأكلهم الأرصفة تسرقهم أزقة الانتهاك يولدون قرابين فداء من صلب الضياع بلا ترائب يبعثون من رحم الشقاء بلا مشيمة بلا شهادات حسبان تتقاذفهم المسافات اليابسة كمفرداتö يائسة .
وفي غفلة من قلمي سجلت بوحي في الرمق الأخير من الحرف ادعيت الشعر وها هم الشعراء تبعثرهم الطرقات المشبعة بالوجع وانحناءات الخذلان بينما أصبح للعهر الشارد مأوى باذخ الدلال.
لم تعد الأزمنة ولا الأمكنة كما ولدت من ذي قبل فلا الشتاء شتاؤنا .. ولا الصيف صيفنا ومازلنا نتساقط كأوراق الخريف ولم نتقن بعد غواية الفصول بينما خفافيش الربيع وحدها التي سخرت من فرط تقليدنا الأعمى.
نسارع الخطى على عجل لنخفي حاضرا أعرج الخطوات لا تجدي معه الترميمات البائسة تحاصرنا الاتجاهات المعاكسة .. والمنحدرات المباغتة تعاندنا حظوظنا القصوى بلا جدوى.
كل المتهمين أبرياء الفقر بريء من الجياع.. والارتهان بريء من الضياع والعقول الفارغة بريئة من الشطط والخوف بريء من الانتهاك والانتهاك بريء من الدماء والأبرياء أنفسهم ليس لهم سوى الادعاء . وهذا الوطن المكلوم وهو يودع كل يوم أفواجا.. أفواجا من ساكنيه هو أيضا بريء من الانتماء.
فلا داعي لتقليد رقصة الإرباك الأخير .. الأوراق المتساقطة في موسم خريفها تتقن كل الرقصات أكثر منا.. بينما نتقن الخنوع والصمت والضياع.