يا جملي جملاه

أحمد غراب

 - صورة الجمل الذي رفض أن يغادر من جوار قبر صاحبه صحيحة من مديرية السدة التي أنتمي إليها وليس فقط الجمل أتذكر وأنا طفل صغير أن الجدة العنسية التي كانت تسكن بجوارنا كان لديها
أحمد غراب –
صورة الجمل الذي رفض أن يغادر من جوار قبر صاحبه صحيحة من مديرية السدة التي أنتمي إليها وليس فقط الجمل أتذكر وأنا طفل صغير أن الجدة العنسية التي كانت تسكن بجوارنا كان لديها بقرة وعندما توفيت كانت البقرة تطلق أصواتا أشبه بالعزاء كمن يبكي وينوح ولم تتوقف عن إطلاق تلك الأصوات رغم مرور سنوات طويلة مازلت أتذكر المشهد واندهاش الناس من إحساس البقرة بوفاة صاحبتها
لعل الرسالة التي يمكن أن نتعلمها من هذه المواقف أن الحيوانات صارت أرحم فيما بينها من الآدميين إذ لا يمكن أن تتوقع أن تجد أسدا أو ثعلبا أو نمرا أو حتى حمارا يحمل عبوة ناسفة ويفجرها في بني جنسه.
في كل الأحوال الرحمة خلق نبيل وعظيم لا يمكن أن تطلبه من مجرم وبالتالي ينبغي على الجهات المعنية الرحمة بهذا الشعب لأنها الراعي وتتحمل المسؤولية الرئيسية في حماية الرعية خصوصا وأن الظروف وصلت بهذا الشعب إلى درجة التجمد وصرنا جميعا في حالة أشبه بالتبلد من كثرة الأهوال التي مرت على البلد.
خلال الأيام الأخيرة طفت على السطح العديد من الأزمات إلى جانب الأزمتين الرئيسيتين المتمثلتين بالانهيار الاقتصادي والمعيشي للناس فضلا عن الفلتان الأمني ومن هذه الأزمات الثانوية أزمة الغاز خلال الفترة الأخيرة
وازدياد الانطفاءات الكهربائية وارتفاع أسعار كروت النت وأزمات متفرعة أخرى تظهر عدم الاهتمام واللامبالاة في معالجة أوضاع الناس ومنها أزمة العاملين في صحيفة الثورة ومستحقاتهم المتأخرة وما تترتب عليها من معاناة لعشرات الأسر.
شاهدنا الشعب الفرنسي يخرج عن بكرة أبيه وأمه أيضا غضبا لمقتل اثني عشر شخصا وفي بلادنا الشعب بيكمل وهو جالس مخزن وهذه ليست دعوة للشعب للخروج ولكنها للمسؤولين لتلافي الأمور قبل خروجها عن النطاق
فالشعب وصل إلى درجة لم يعد يستطيع فيها أن يربط الحزام أكثر وتضرره يزداد يوما عن يوم.
عودتنا للجمل الأصيل الذي لم يفارق قبر صاحبه منذ خمسة أيام لا نملك إلا أن نقول اللهم جمل المتوحشين من بني آدم.
اذكروا الله و عطروا قلوبكم بالصلاة على النبي
اللهم ارحم أبي واسكنه فسيح جناتك وجميع أموات المسلمين.

قد يعجبك ايضا