الأدب مع الرسول الأعظم
د. محمد حسين النظاري*
بين مؤيد ومعارض وبين مستنكر ومحتف به وبين من اعتبرها بدعة ومن رآها بهجة وفرحة لا بد من الاحتفال بها.. هكذا مر علينا يوم ميلاد سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وسلم في يمننا الحبيب والحقيقة أننا معشر المحتفلين به سنويا شاهدنا هذا العام صبغة جديدة للاحتفال بمولد سيد الخلق وهي وإن كانت بدعة من وجهة نظر البعض فينبغي أن يحملوها على محمل البدعة الحسنة.
لا اعرف لماذا لا يستسيغ البعض احتفالنا بمولد سيدي أبو الزهراء صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ويدرجها ضمن البدع المنكرة مع أنه يرتكب من البدع ما لا يعد ولا يحصى فهو يحتفل بيوم ميلاده الشخصي هو وأولاده وزوجته على الطريقة الغربية كما أنه يخصص يوما للاحتفال بعيد زواجه وآخر للاحتفال بعيد الحب وعيد المعلم والشجرة والعمال والمرأة.. ومع هذا لا يعد تلك الاحتفالات بدعة إلا إذا أتى الاحتفال بجد الحسنين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
لقد أساء البعض منا الأدب مع رسولنا الأعظم فمن ضمن ما قرأت متزامنا مع المولد الشريف مقالا في صحيفة اليمن اليوم في عددها رقم (906 ) الصادر في يوم الأربعاء2014/12/31م للكاتب سليم عامر عنونه بـ: رسالة إلى النبي .. ما هذا الدين يا محمد وهنا اتفق تماما مع الشيخ عبد الرحمن المكرم إمام وخطيب الجامع الكبير بالحديدة الذي قال في خطبة الجمعة الماضية 2 /1/ 2015م التي خصصها للرد على هذا المقال بأن عنوان المقال بداية فيه سوء أدب في التخاطب مع نبي الرحمة ناهيك عن المحتوى الذي اورد فيه الكاتب مفردات لا تليق أن يخاطب بها صديق صديقه فما بالنا عندما يكون المخاطب من أدبه ربه فأحسن تأديبه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
لم نكد نرد على من يقول ببدعية المولد الشريف حتى ظهر علينا من يهين خاتم المرسلين بكلمات أقل ما يقال عنها إنها لا تستقيم مع قدر المخاطب ومكانته ليس لدينا نحن البشر بل لدى الله عز وجل الذي بعثه مقاما محمودا وأعطاه من المنن والعطايا ما لم يعطها نبيا ولا رسولا قبله حتى قدمه إماما على جميع الأنبياء والمرسلين في المسجد الأقصى ليلة الإسراء والمعراج.
وكما نتفق مع البعض بأن المولد الشريف هو اقتداء بالسنة المطهرة قبل أن يكون أعلاما تعلق ومفرقعات تقرح ولكن أين المعارضون للاحتفال من سنته التي يأمرون الناس بها وينسون أنفسهم.. ألا يعلمون أنه كان يصوم يوم الاثنين من كل أسبوع فلما سأله أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين عن السبب قال: ذلك يوم ولدت فيه فإذا ما قام به المصطفى صلى الله عليه وسلم هو إقرار لما نقوم به اليوم من تعظيم لهذا اليوم الكبير.
على كل من يدعي بدعية الاحتفال أن يبتعد عن كل ما لم يقم به صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فلا يركبون السيارات بل يعودون للحمير والجمال ولا يسافرون بالطائرات بل يقطعون المسافات بين الدول مشيا على الأقدام ولا يستعملون الهاتف والحاسوب والانترنت … الخ فكل تلك الأشياء بدع استحدثناها هل يستطيعون فعل ذلك¿¿ أتحداهم.. ولكنهم عند تعظيم الرسول الخاتم بالاحتفال بيوم مولده سيظلون يقولون عنا المحتفلين بأننا مبتدعون.. ونعم البدعة ما نقوم به إن سلمنا أنها بدعة كما يقولون مع أنها اهتمام بسيد الخلق ومن بسببه وجد الدين الخاتم.
إن الاحتفال بالمولد الشريف يعرفه اليمنيون منذ مئات السنين وليس منذ أن أظهرته فئة بعينها هذا العام فما من بيت في تهامة وسائر اليمن إلا وهي تحتفل به وتقيم المولد ليلا وتقرأ سيرته العطرة ويصام نهاره وتكسي الأبناء الملبس الجديد ويوسع عليهم وتقام الألعاب الابتهاجية بقدوم من خلص البشرية من ظلام الشرك إلى نور الإيمان.. ومن ذلك ما يقوم به دار الخير لتحفيظ القرآن الكريم والدراسات الإسلامية في الحديدة برعاية عميد الدار الحبيب سالم الجنيدي وغير ذلك من المؤسسات الدينية والثقافية في مختلف مدن يمننا الحبيب فرحة بمولد الهادي البشير المنير.
نشيد بالتغطية الكبيرة التي قامت بها صحيفة الثورة احتفاء بمولد الرسول الأعظم فإن كانت الصحيفة تخصص ملحقات للاحتفال بالأعياد الوطنية والمناسبات المختلفة فرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أحق بالاحتفال به كما نشيد بتفاعل مختلف وسائل الإعلام الرسمية بهذه المناسبة العظيمة ولكن حبنا لرسولنا الكريم يجعلنا ننزهه عن المكايدات السياسية فالاحتفال هو ديني صرف ولا ينبغي أن نحشر أنفس السياسة فيه.
• نائب عميد كلية التربية والعلوم بجامعة البيضاء