المدينة النظيفة دليل حضارية سكانها
يكتبها: علي بارجاء
أول ما يلفت نظر الزائر لأي مدينة هو نظافة شوارعها والجدران المطلة على أرصفتها بالإضافة إلى اتساعها ونضارة وتنسيق أشجارها وكفاية إنارتها وسهولة حركة المرور فيها ناهيك عن حسن تخطيط مبانيها وتوفر الخدمات السريعة.
يذكر من أرخ لمدينة القاهرة أنها كانت من أول المدن العربية ومن أول مدن العالم تنظيما وسبقت في خصائصها كمدينة متحضرة حتى مدن أوروبا منذ القرن الخامس عشر الميلادي وظلت تتطور في القرون اللاحقة قبل أن تتفوق عليها عواصم ومدن العالم المتحضر اليوم.
ويعد المظهر العام للعواصم والمدن في العالم مقياسا أوليا للحكم على مدنية وتقدم وحضارية سكانها والتزامهم بالنظام والقانون ومحافظتهم على الذوق العام ومن هذا المظهر العام يؤسس الزائر حكمه على السكان ويبني على ذلك أسلوبه في التعامل معهم.
وتسن المجالس البلدية قوانين التعامل مع البيئة المحلية وأبرز هذه القوانين ما يختص بنظافة الشوارع أين توضع القمامات وأين ترفع الإعلانات التجارية والشعارات السياسية والدعايات الانتخابية والتعبيرات الاحتجاجية¿ فهل ثمة مواضع محددة لكل ذلك¿ أم أن الأمر متروك لمن أراد بحيث يضع ما لديه في أي موضع وكيفما شاء¿
حين نوجه هذا السؤال لكل من زار دول أوروبا أو شرق آسيا أو حتى بعض الدول العربية كعمان مثلا سنجد الإجابة بأن لهذا الأمر قانونا ينظمه وعقوبات فورية أقلها دفع غرامة مجزية للسلطات بينما في بعض الدول يدافع أبناء تلك المدن عن نظافة مدنهم ويمكن أن يتعرض من يستهتر بالنظافة سواء من أبنائها – مع استحالة قدومهم على فعل كهذا – أم من زائريها وغالبا ما يكون هؤلاء من مواطني العالم الثالث بحسب التصنيف الحضاري للشعوب وهؤلاء يجدون الزجر واللوم وقد يتعرضون للضرب حين يتصرفون على طريقتهم في بلدانهم في الاستهتار بنظافة تلك المدن فيرمون مخلفاتهم في الطرقات والشوارع أو يسجلون ذكرياتهم أو مشاعرهم على الجدران أو المقاعد حتى وصل الأمر إلى مقاعد الحافلات والطائرات بل وصل الأمر إلى القاعات العامة في الفنادق كما حدث في قاعة فندق موفمبيك وظهر خلف صورة رئيس الوزراء في أحد الاحتفالات مؤخرا.
لو قسنا تعاملنا في اليمن مع البيئة والمحافظة على نظافتها مع تعامل سكان المدن في الدول المختلفة فما هو الترتيب الذي سنحتله¿
من النظرة الأولى لمدننا سنكون في الترتيب الأخير ليس لأن اليمن يبدأ بحرف الياء آخر حرف في الترتيب الهجائي بل لأننا بحق أسوأ الشعوب اهتماما بالنظافة وحرصا عليها.
نرمي مخلفات ما نأكل ونشرب في كل مكان من غير مراعاة لذوق عام أو لياقة. نرى الكتابات على الجدران في كل مكان ونرى الإعلانات والملصقات والصور على الجدران وفي أعمدة الإنارة بشكل يشوه المظهر العام بل بشكل عشوائي وبخطوط رديئة مليئة بالأخطاء الإملائية والنحوية في ظاهرة تنحر فيها لغتنا العربية نحرا.
النظافة سلوك حضاري يسلكه الإنسان بالتربية حتى يتحول إلى عادة وقيمة من القيم ولن يحافظ عليها ما لم نبدأ بحملة توعية ترافقها عملية ترغيب وترهيب وثواب وعقاب تقوم بها الجهات المعنية في الدولة بحيث لا تتسامح مع من لا يريد أن يتعلم ويتربى عليها. فالنظافة شأن يهم الجميع لأنه يتعلق بصحتهم العامة.
لا ندري هل توجد في البلاد قوانين تنظم هذا الأمر¿ أو أن هذا العبث من الأمور التي نسيتها الدولة ولم تشرع لها!.
أصبحت الجدران والحيطان وسيلة للتعبير عن المواقف المؤيدة أو المناهضة فقد شوهت بكتابات ثورية سواء في الشمال أو الجنوب.
ننتظر أن يصدر قانون ينظم التعامل مع نظافة الشوارع والجدران والحيطان لأن ذلك هو واجهة مدننا التي يراها زائروها ويحكمون على مدنيتنا وتحضرنا من رؤيتهم لذلك.
كم هي المبالغ التي ستحصöلها المجالس البلدية إذا نظمت عملية رفع الإعلانات أو مقابل مخالفات الإضرار بالنظافة أو تشويه المظهر العام للمدينة إذا ما وجد قانون ينظم هذه العملية ووجدت الجهة التي تراقب وتضبط المخالفين¿