الشعوب لا تحبط وروح التغيير في شبابها

أحمد الزبيري

 - ضبابية وغموض تكتنف مجريات مسارات أحداث المشهد اليمني على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني عمقت أسباب القلق والخوف من القادم لتزداد حالة الإحباط واليأس ليس لا لدى ا
ضبابية وغموض تكتنف مجريات مسارات أحداث المشهد اليمني على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني عمقت أسباب القلق والخوف من القادم لتزداد حالة الإحباط واليأس ليس لا لدى المواطن العادي البسيط فحسب وإنما تمتد إلى أوساط اجتماعية أعلى ثقافية وفكرية وإعلامية كانت تعتقد حتى وقت قريب أنها لديها امكانية ما لقراءته وتشخيصه أما اليوم فلم يعد ذلك موجودا فالكل متساوون والفارق أن اليمنيين البسطاء يقاومون وضعهم النفسي بالغوص في مشاغل الحياة والتوكل على الله عندما يعجزون عن تفسير واقع الأحداث في حين أن مثقفين أو من يدعون أنهم كذلك يهربون إلى اللامبالاة والأكثر شطارة يسعى ليكون جزءا من هذا المشهد الردي عله يصيب مكاسب مادية آنية أو معنوية وهمية.
هذا الواقع الذي وصلنا إليه هو سياق طبيعي للتفاؤل المفرط تجاه التغيير المأمون من ثورات ما سمي بـ(الربيع العربي) إلى حد الاستغراق الحالم في ألوانه الوردية دون التفكير في حقيقة أن الثورات لايمكن أن تنجح إن لم يكن لها حامل ثوري منظم يملك مشروعا ويتحرك وفق لرؤية استراتيجية تهدف إلى إنتاج البديل الأفضل للوضع السياسي والاقتصادي القائم وبكل تأكيد هذا لن يأتي من القوى السياسية التي أنتجت ذلك الوضع البائس أو تلك التي تشكلت وتخلقت طوال عقود فيه وأصبحت جزءا من المشكلة وليس الحل مما يعني أن أي تغيير يجب أن يطالها وهذا واضح فيما نحن عليه باليمن بعد مرور نصف عقد على ثورة التغيير وينسحب هذا التحليل على كل الدول العربية التي أصابها حراكه ليضيع الطرف الذي أطلق شرارة التغيير وأشعل وهجها – والمقصود هنا الشباب والفئات الأوسع من الشعوب التي لها مصلحة من تجاوز ذلك الواقع الفاسد والأليم – في خضم اعتمالات إعادة إنتاج الماضي ولكن بصورة أكثر سوءا وعلى ذلك النحو الذي تجسد في صراع محوري الإسلام السياسي والنظام القديم وفقا لخصوصية كل بلد ومجتمع وطبيعة تكويناته ومستوى تطوره والأطراف الفاعلة فيه والكيفية التي بها تعاطت القوى الخارجية وطبعا وفقا لمصالحها وفي هذا يكمن الفرق بين اليمن ومصر وتونس.
ويبقى الخاسر الأكبر في ما آلت إليه أمور ثورات التغيير هم الشباب الذين لايحتملون مشهد تكسر أحلامهم وتطلعاتهم بهذه السرعة ومن قوى سياسية اعتقدوا أنها جزءا منهم وهم جزء منها وبالحد الأدنى شريكة لهم في طموحهم ببناء وطن خال من الظلم والاستبداد والفساد.. وطن يقيمونه على أساس عقد اجتماعي جديد تنبثق منه دولة مدنية تحقق لجميع أبنائها العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة الوطنية.. دولة تكافؤ الفرص وفقا لما توجبه المواطنة المتساوية المتجاوزة لكل أشكال الإقصاء والتهميش الذي تعددت أشكاله في الماضي بين دولة وأخرى لكنه من حيث المضمون واحد.
هنا لابد من التذكير بدروس التاريخ -القريب والبعيد- التي تؤكد بشكل قاطع أن الشعوب الحية تتعلم من أخطائها وتواصل سيرها منتصرة لإرادتها مهما كانت الصعوبات والتحديات التي تواجهها حتى تصل إلى غايتها.. إنها مهمة كبيرة تحقيقها سيبقى مرهونا بالأجيال الشابة المتسلحة بحماس وعنفوان وعي يقظ وحنكة سياسية لا تنخدع بمظاهر وألاعيب سياسيين أدمنوا صناعة الأزمات وغرقوا في أوحالها حتى الثمالة فليتركوا في ماضيهم لأن الحاضر والمستقبل هو ما يعنينا.

قد يعجبك ايضا