اليمن.. بين التعدد ورغبة الاستقرار
عبدالرحمن مراد

مقالة
تبدو تجربة اليمن في التعدد الثقافي وفي المجتمع الديمقراطي الذي آثرت الدخول إليه عام 90م قصيرة بالقياس إلى طبيعة التجارب التي مرت بها المجتمعات الديمقراطية في العالم من حولنا ورغم قصر المدى الزمني للتجربة إلا أن الأحداث التي تتوالى تحاول اختزال ذلك الامتداد الزمني الذي صاحب عملية الانتقال والتحول في المجتمعات المتغايرة ليكون التحول والانتقال اقصر مدى وأقوى أثرا بتضافر العامل السياسي المؤيد لحركة الانتقال ودفع العوامل الخارجية ذات التأثير الكبير في ذلك الاتجاه الباحث عن قيم جديدة في عالم متعدد ثقافيا وغير مستقر حضاريا ومثل تلك العوامل قد تكون من المحامد التي يمكن للقوى الحداثية أن تشتغل عليها وتسعى في ظل مناخها العام لأن تسجل حضورها بعد أن ظل ذلك الحضور شبه غائب في ظل الحضور المكثف والطاغي للقوى التقليدية بشقيها الثقافي/الديني والاجتماعي/العسكري وقد تمكن من فرض هيمنته خلال الأحداث التحولية التي شهدها الوطن وما يزال بدءا من عام 2011م ولا نقول انتهاء بما نحن فيه هذا العام الذي يشارف على الانقضاء بل ما يزال الحال مستمرا ولعل العام الذي سوف يطل علينا بعد أيام قلائل وهو عام 2015م سيشهد تطورا ملحوظا في البناءات المختلفة وثمة مؤشرات دالة على حدوث متغيرات كبيرة في شكل الدولة تتجاوز كل الأطر والتصورات الذهنية التي ترسخت في الأذهان خلال الأعوام المنصرمة بالصراع الذي يتجدد بين الفينة والأخرى يساهم إلى حد كبير وفاعل في صياغة الانحرافات في المسارات التي تم التوافق عليها في مؤتمر الحوار كما أن التسويف والتأجيل والترحيل من العوامل التي تساهم في عملية الانحرافات في السياقات والمسارات بمساندة العامل التاريخي والعامل التاريخي من العناصر الأكثر فاعلية في عملية إحداث الانحرافات وتبدو لحظات الاستجابة الانفعالية والعاطفية على غفلة دائمة في واقعنا عن العوامل التاريخية التي تتهيأ لها المناخات لإعادة إنتاج نفسها في كل مرحلة مماثلة ولا يمكن السيطرة على المستقبل إلا بالقراءة التحليلية والواعية للعوامل التاريخية المنتجة للواقع المماثل وتغذية البنية الثقافية بما يحقق الانحراف في المسار والسياق التاريخي وبالتالي صناعة المستقبل وفق قيم جديدة اكثر تمدنا واستقرارا وتعايشا.
لقد ظلت اليمن تعاني من (العقد اليزنية) ردحا من الزمن وما تزال والخروج من نسيج وتفاعلات هذه العقدة يتطلب وعيا وإيمانا بقدرات الذات وبقيمتها وبطاقتها الحيوية والفاعلة ولن يتحقق ذلك طالما والشعور بالعجز وبفقدان القيمة يخامر الوجدان الخاص والعام وطالما ظل الشعور بالهوية الوطنية مجزأ ومفككا وعامل الانتماء يشهد هذا التشظي الذي هو عليه أو وصل إليه.
لقد أصبح الجيل الجديد مطالبا بتفكيك البناءات القديمة التي عليها المجتمع والقيام بتحديثها وتطويرها مع التأكيد على تنمية الخلق الفني لأنه نوع حيوي من التعبير عن الذات وعن اللحظة الحضارية الجديدة التي هو فيها والتي تستشرف الغد من بين غيوم الحاضر وتلك اللحظة أمر لا غنى لأحد عنه لكي تكون الحياة سعيدة ومستقرة.
والحديث عن تنمية الفنون وتنمية عنصري الإبداع والابتكار لا يمكنه أن يكون منفصلا عن الحرية السياسية والثقافية فإيماننا بالحرية لا بد أن يكون شاملا للحرية الفنية ففي الفن تكمن قوة سحرية في التغيير إذ في وسعه أن يزيد من فهمنا للدوافع الإنسانية سواء منها دوافعنا نحن أو دوافع الآخرين كما أنه يستطيع أن يعمق تعاطفنا مع الناس الآخرين ويستطيع أن يعرض كل القوى المعقدة التي تدخل في الموقف الأخلاقي الواحد ويستطيع أن يبدد الحيرة الأخلاقية ويساعدنا على التغلب عليها والأهم من كل ذلك أن الأعمال الفنية بمختلف تنوعها تستطيع أن تجعلنا نفكر في معتقداتنا الأخلاقية بقدرة فريدة وبما يمكننا من اتخاذ موقف نقدي منها وبالتالي تحديثها وتطويرها – فالكوميديا في الفن ليست ترفا ولكنها كثيرا ما تكشف سخافات الأخلاق والواقع الشائعة في المجتمع وتكشف التناقض فيه والتراجيديا تحضنا على التماس المثل العليا التي تكون أكثر معقولية وأكثر تناغما مع الواقع الحضاري الجديد والفن في عمومه يفتح آفاقا ويطرح أسئلة ثقافية وحضارية وسياسية واجتماعية واقتصادية وبه ومن خلاله تسعى الكثير من الدول إلى الهيمنة والنفوذ كما نرى ذلك عند الدول الكبرى بل ويمكن ملاحظة ذلك في ظاهرة الدراما التركية التي مهدت منذ عام 2006م وحتى اللحظة للدور الاقتصادي والسياسي الذي أضحت تلعبه تركيا في منطقة الشرق الأوسط فلم يكن مسلسل (نور ومهند) إلا المهاد للهيمنة على وجدان المستهلك العربي والتر