الإستقلال وحد الجنوب “فقسمتموه”

عارف الدوش


 - 
في حوار أجرته معه صحيفة الأمناء  في الذكرى الـ 46  لاستقلال جنوب الوطن أكد الرئيس الأسبق علي ناصر محمد أن عدن لم تفرح في حياتها فرحة كتلك التي شهدتها صبيحة الثلاثين

في حوار أجرته معه صحيفة الأمناء في الذكرى الـ 46 لاستقلال جنوب الوطن أكد الرئيس الأسبق علي ناصر محمد أن عدن لم تفرح في حياتها فرحة كتلك التي شهدتها صبيحة الثلاثين من نوفمبر 1967م واورد حقيقة مرة هي أن ” من يعيق وحدة القيادة والصف الجنوبي هم بعض من يسمون أنفسهم بالقيادات التاريخية التي لا تزال تمارس الوصاية حتى اليوم” وشخص الوضع في اليمن شمالا وجنوبا بأنه خطير جدا ما لم تعالج القضايا الشائكة وعلى رأسها القضية الجنوبية وقضية صعدة “
ويعرف القاصي والداني ان الجبهة القومية حققت النصر والإستقلال وكان الهم الأول أمام قيادتها توحيد الجنوب في دولة واحدة وانتصبت حينها تحديات كثيرة وصعبة امام الدولة الوليدة ” جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ” و” الديمقراطية الشعبية” فيما بعد وأول هذه التحديات معاداة الأقليم وبقايا الإستعمار وركائزه ولكن وضوح الهدف وعزيمة لا تلين للقيادة كان وراء مواجهة التحديات.
ويعرف القاصي والداني أن الاستعمار عبث بالتركيبة الاجتماعية للجنوب وأدخله في صراعات قبلية دامية ومزقه إلى أشلاء والى مربعات تتكون بعضها من عدة كيلومترات واسماها إمارات ومشيخات وسلطنات ووقع معها معاهدات وحاول إنشاء كيان أسماه ” اتحاد الجنوب العربي” في 11 فبراير 1959 يتكون من سلطنات وإمارات ومشيخات ما كان يسمى بمحميات عدن الغربية وحاول تشكيل حكومة لهذا الإتحاد لكن مناطق رئيسية في الجنوب ” ما كان يسمى بمحمية عدن الشرقية كانت هناك سلطنة القعيطي وسلطنة الكثيري وسلطنة المهرة” ظلت بعيدة عن هذا الكيان الذي ولد ميتا بفعل مقاومة الثوارواقتحام ما سمي المجلس التشريعي .
ولعل أبرز مكاسب الإستقلال الوطني الناجز أن حقق دولة أزالت الفوارق الطبقية بين الناس وأصبحوا مواطنين في درجة واحدة ومنحت الحقوق المتساوية في الحياة لأبناء الشعب وشاركت مختلف فئات الشعب في هيئة السلطة من الأدنى ” القرى ” الى اعلى سلطة ” هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى”
وتم في دولة الجنوب التجربة التي يجب ان تقيم في وقتها وتاريخها ولازال اغلبها صالحا للتطبيق حتى اليوم وفي المقدمة توحيد ما كانت تسمى بالسلطنات والمشيخات والإمارات وانتهت الحدود المصطنعة التي كان الناس يتقاتلون فيما بينهم دفاعا عنها من خلال دمج المناطق المتجاورة والمتحاربة في إطار مديرية أو محافظة واحدة وأخذت في البداية تسمية بالإرقام لإزالة الحساسيات بين الناس ثم أخذت شكل الأسماء المتعارف عليها ” حضرموت – لحج – ابين – الضالع … الخ
وحققت ثورة أكتوبر والاستقلال الوطني في الـ30 نوفمبر 67 القضاء على الظلم والعبودية بعد أن كانت في عدد من مناطق الجنوب فئات من الشعب يطلق عليها “العبيد” كانوا يسمون “عبيد فلان وعبيد علان” وتم إعادة الاعتبار لهم وأصبحوا مواطنين فاعلين في المجتمع والحياة الاجتماعية والسياسية وشاركوا في كل السلطات التشريعية والتنفيذية وفي أعلى المستويات والمناصب.
كما تم تطبيق مجانية العلاج والسكن والتعليم لكل المواطنين ومنذ ما بعد الاستقلال نجحت الجمهورية الوليدة وفق خطة عملية في محو الامية للكبار من الجنسين حتى صارت “اليمن الديمقراطية” تأتي بعد كوبا من دول العالم الثالث في ترتيب الدول التي تخلصت من الأمية ولأول مرة في تاريخ اليمن تمكنت فئات واسعة من المواطنين المعدمين والمحرومين الذين كانوا أشبه بمستعبدين من المشاركة في الإنتاج والحصول عل التعليم والتأهيل وتبوؤ المواقع القيادة في الدولة والحكومة.
وعالجت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية والديمقراطية الشعبية فيما بعد مسألة الثأر من خلال تجربة ناجحة لازالت صالحة للتطبيق على مستوى اليمن اليوم من خلال عقد المؤتمرات في كل مديرية ومحافظة إلى أن تم إقرار الصلح العام عام 1970 حيث انتهت الحروب القبلية والثأرات وهناك مناطق ” يافع العليا” مثلا فقد تم إقرار الصلح العام وإنهاء الثارات قبيل الاستقلال بأشهر بواسطة جمعية الإصلاح اليافعية أحد مكونات الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل وفقا لما ذكره المناضل الأستاذ محمد غالب أحمد.
كما نجحت تجربة نموذجية بالتعامل مع البدو الرحل بفتح مدارس عديدة لأبنائهم من الابتدائية الى الثانوية وتم ابتعاث المئات منهم للدراسة في الخارج وأصبح عدد منهم قادة تربويين وسياسيين واجتماعيين وعسكريين كما تم إقناع الآباء بالتخلي عن السلاح الثقيل طوعا مقابل تعويضهم عنه بمضخات وجرارات زراعية.
ومن يتمسخر ويهزأ حتى اليوم بشعار ” تخفيض الراتب واجب ” لا يدرك معنى الوطنية والعزيمة والإصرار لبناء دولة حينها فقد

قد يعجبك ايضا