العراق وجيرانه من الدول الأخرى
أ.د.عمر عثمان العمودي
الأمر الثاني المكمل والمساند لدور المواطن العراقي في المحافظة على وحدة وواحدية العراق وسلامته وسيادته وعزته وازدهاره وهو يتعلق ويرتبط بالدول المجاورة للعراق ماذا تريد منه وماذا تريد به وبشعبه¿
قبل سقوط حكم صدام حسين والنظام السياسي المرتبط به في عام 2003م كان أكثر حكام وقادة الدول المجاورة للعراق كثيرا ما يقولون صرامة أو ضمنا أن مشاكلهم مع العراق هي مع صدام حسين عن الحكم منذ عام 2003م فهل تغيرت سياسات ومواقف حكومات وأنظمة الدول المجاورة تجاه العراق وشعبه¿ ونعني بهذه الدول, الدول المهمة المجاورة للعراق مثل (إيران وتركيا وسوريا والسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي العربية الأخرى).
كان على هذه الدول جميعا بعد ذهاب صدام حسين ونظامه أن تساعد بكل الوسائل السلمية المتاحة شعب العراق بكل طوائفه وأوانه وأحزابه على إعادة بناء العراق المسالم والآمن والمستقر والمزدهر لمصلحة العراق ولمصلحة هذه الدول نفسها فأمن منطقة الشرق الأوسط كلها متداخلة ومتكاملة ولكن الذي حدث كان غير ذلك لأنها كلها تدخلت في الشأن العراقي بسبب اختلاف وتناقض وتباين طموحاتها ومصالحها القومية وما يمكن قوله هنا هو في مجال مختصر المختصر فإيران بعد حكم صدام سعت إلى تطوير وتنمية وجودها ونفوذها السياسي والمذهبي والاقتصادي في العراق ويتهمها أعداؤها بأنها تسعى إلى إقامة هلال شيعي يمتد من قم ومشهد إلى النجف وكربلاء وإلى بلاد الشام وإلى دول الخليج العربية, وإيران دولة إسلامية وإقليمية كبرى) ولا أحد يستطيع أن ينكر مكانتها ودورها وتأثيرها, ولكن مسألة الهلال الشيعي وروافده إن صح ذلك هي مسألة غير قابلة للتحقيق وضررها أكثر من نفعها لأنها قد تؤدي عملا إلى تفجير الصراع الشيعي السني والمستفيد الأول منه هو الغرب الاستعماري ودولة الكيان الصهيوني في فلسطين, وعلى إيران أن تدرك الفرق بين التأثير والنفوذ في الآخرين القابل للتسليم به من قبل الآخرين وبين السيطرة والهيمنة التي سيرفضها الغير لذلك فإن السعودية ودول الخليج العربية المتحالفة معها من حق الجميع الدفاع عن مصالحهم وسياساتهم القومية ولكن في حدود المنطق الدولي المعاصر عليهم التوافق سلميا وسياسيا مع الغير ومن أجل السلام والأمن للجميع وليس من خلال مقابلة المد الشيعي بمد آخر سني سلفي وخاصة إذا تسلح القائمون به بالتعصب والأساليب الجهادية المتعصبة التي عرفت واستخدمت في الماضي البعيد والقريب كذلك فإن تركيا وهي أيضا دولة إسلامية وإقليمية كبرى دولة غنية وقوية صناعيا وزراعيا وعسكريا وهي ترى من حقها وهذا الأمر لا شك فيه أن يكون لها دورها القومي والمصلحي في العراق وبلاد المشرق العربي وهي باستمرار تعد المقابل السياسي والعسكري لإيران ولا نقول الند الرادع لإيران وطموحاتها السياسية المذهبية وعلى تركيا من واقع تجاربها السياسية التاريخية أن تكون بمثابة حامل الميزان في المنطقة الموفق والمرجح والرادع عند الضرورة وهي تسعى إلى تنمية وتطوير علاقاتها ومصالحها القومية في إطار التأثير والنفوذ الذي تستحقه وبعيدا عن منطق ونهج الهيمنة والسيطرة.
إن جميع الدول العربية الإسلامية المجاورة للعراق وسوريا ولبنان مطالبة في هذه الظروف التي تمر بها المنطقة العربية العاصفة بالمشاكل والأزمات والتفجرات الأمنية وبالإرهاب والعنف والحركات والجماعات الدموية المسلحة…الخ, بأن تعرف واجباتها وأن تقوم بمسؤولياتها تجاه إعادة بناء دولة العراق الواحد على أساس ديمقراطي ويدخل مع العراق أيضا دول أخرى مثل سوريا وغيرها فهذه الدول لديها من القوة والإمكانيات والنفوذ ما يساعدها على تحقيق ذلك ولكي ينجح هذا التوجه فعليها إعادة رسم سياساتها وعلاقاتها البينية على أسس عصرية حضارية وعلمية وسلامة منطقة ثورات الربيع العربي تخدم بالقطع سلامة مجتمعاتها السياسية ولا يمكن لأي دولة من هذه الدول أن تدعي أنها بلا مشاكل ومن يسلم اليوم قد لا يسلم غدا ومشاكل اليوم الصغيرة قد تصبح في الغد كبيرة وقد يظهر المستور وما لم يكن في الحسبان.