بعيدا عن المحاصصة..
رياض مطهر الكبسي

مقالة
* أكثر من تسعة أشهر – المدة التي استغرقها مؤتمر الحوار – تحمل فيها الشعب معاناة الفوضى والغاغة والمراشاة والمراضاة لبعض الأطراف تحت مبرر إنجاح الحوار وعدم إتاحة أية فرصة لإفشاله.. تبعتها عشرة أشهر في انتظار انفراجة يشهدها الوطن.
* في الوقت الراهن يفترض أن تبدأ القيادة السياسية بالنظر إلى مطالب الشعب الأساسية التي لا مبالغة فيها والعمل على تحقيقها لا أن تتجاهلها حتى لا ترتكب أخطاء فادحة قد تعصف بالنظام والبلاد ككل..
فالانشغال بصراعات الأحزاب والقوى السياسية المختلفة على المحاصصة والتقاسم ليس إلا مضيعة للوقت وهدر للطاقات وجر الوطن إلى المجهول..
* الرئيس هادي أمام فرصة كبيرة ولا ينبغي أن يضيعها فهو يحظى بتأييد لم يحظ أحد بمثله تأييد محلي وإقليمي ودولي والأهم تأييد الشعب الذي يستمد منه شرعيته وقوته وحصانته..
* حكومة الوفاق تم تشكيلها على أساس مبدأ المحاصصة في ظروف كانت تمر بها البلاد وكان عملها سياسيا أكثر منه تنمويا كما قيل.. بمعنى أن تحافظ على الوضع وتحسينه ما أمكن لكنها أخفقت في مهامها لانشغالها بالخلافات والمكايدات الحزبية سعيا وراء مصالح قوى حزبية وسياسية نافذة على حساب وطن بأكمله.. والتي كانت نتيجة طبيعية للمحاصصة..
* وفي ظل المحاصصة التي تشكلت عليها الحكومة الحالية عانت البلاد أزمات شتى مازلنا نعيشها ونعاني آثارها وشهدت انفلاتا أمنيا وتتعرض الآن لمؤامرة لتقسيمها وتجزيئها وإضعافها ونشر الفوضى والعنصرية والعصبية بين أبناء الوطن..
* يقال الحزبية وسيلة وليست غاية وفي وطني أصبحت الحزبية وسيلة وغاية للوصول للكرسي لا لتحقيق أهداف خدمة للوطن والمواطن بل لتحقيق مصالح شخصية وحزبية..
* وليس المطلوب أن نتكلم أو ننحصر ونحصر أنفسنا في الماضي لكننا لا نريد تكرار الخطأ بإعادة سيناريو المحاصصة لتدمير ما بقي في هذا الوطن الحبيب فقد أضحينا بأمس الحاجة لحكومة كفاءات أو كما يسمونها حكومة تكنوقراط بعيدا عن المحاصصة والمقاسمة الحزبية وقد حان الوقت لذلك..
نريد حكومة من الكفاءات حكومة لكل الوطن وليس للأحزاب حكومة تحافظ على الوطن ووحدته حكومة يعمل أعضاؤها لمصلحة الوطن ويخدمون المواطن البسيط لا الأحزاب أو القوى النافذة..
* الرئيس هادي والحكومة من أولى أولوياتهما التي ينتظرها الشعب ويؤمل تحققها في الفترة المقبلة الحفاظ على الوطن ووحدته وتحقيق الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي.. ونزع فتيل النزعة العصبية والعنصرية التي تسعى بعض الجهات الخارجية والداخلية لإذكاء نارها بين أبناء الوطن وتعويض كل المواطنين الذين تضرروا من تلك الممارسات العنصرية.. ونشر وتجسيد الوعي الوطني وتعزيز الهوية الوطنية لدى المجتمع ونشر ثقافة المحبة والتسامح والتعايش السلمي والتعاون بين أبناء الوطن الواحد..
* وإذا كان الجميع يدعون حب الوطن ويتغنون بأنهم يريدون خدمة الوطن وبناء يمن جديد يمن المحبة والسلام فلماذا يتصارعون على الوزارات وكل حزب يريد فرض نفسه ويدعي أحقيته بالحصول على الوزارات خاصة السيادية.. أليس الأولى التوافق على الأكفأ والأجدر وأليس الأولى أن تستبعد الوزارات السيادية من نظام المحاصصة الذي تجري الأحزاب وراءه لتحقيق أعلى المكاسب الحزبية.. هذا إذا كنا فعلا نريد عهدا جديدا لبناء الوطن المثكول..
* وقبل أن يفكروا بتقسيم البلاد وأقلمتها هل فكروا بغرس الوعي الوطني لدى المواطن.. هل فكروا بمحاربة ودفن العنصرية والعصبية لكي يتعايش أبناء الشعب الواحد والوطن الواحد ويتعاونوا على بناء الوطن وحمايته.. هل فكروا ببناء الدولة بناء حقيقيا قبل أن يشكلوها حسب أهوائهم وأمزجتهم وبما يتوافق مع مصالحهم..¿!.
* فهل آن الأوان لنعمل من أجل الوطن الذي يحلم به الجميع وخدمة المواطن الذي ظل ولا يزال يتحمل أعباء وتبعات المراحل المتعاقبة.. أم أنه كتب على هذا الوطن أن يبقى تحت وصاية خارجية وتحت رحمة قوى نافذة وعلى المواطن اليمني الشقاء الدائم..¿!