مدينة غريبة
محمد المساح
والإنسان يعبر الطرق ويجتاز الأمكنة تلامس مشاعره أحاسيس شتى تلك الأحاسيس قد يستطيع التعبير عنها لنفسه وللآخرين وبعضها لا يعرف كيف يعبر عنها للغموض الذي ينطوي عليها وربما تداخل الأحاسيس مع بعضها تجعل الفهم والتعبير عصيين.
وللمرور العابر انطباع سريع كما أن للتردد على المكان انطباع آخر وللمكوث انطباع مختلف.
هذه المدينة تنطبق عليها اسم المدينة مجازا.. لا هي بالقرية ولا بالمدينة هي نفسها لا تقدر أن تولد لديك أي الاسم تطلق عليه.
مدينة قديمة ربما حتى التاريخ هنا لم يبد تعاطفا معها.
هل هي غريبة من الغرابة ربما عصية على الفهم ربما أيضا منسية ذلك بعض ما ينطبق عليها.
على شرفة هضبة تقع هذه المدينة الصغيرة والعابر لا يضيع في أزقتها تقوده دائما إلى شرف الهيجاء التي تطل عليها أو تقوده إلى الكدرة الترابية التي تحيط بها من جانب.
غرابة هذه المدينة.. أنك لا تعرف من هو المقيم فيها ومن هو العابر.
قد تنشط فيها الحركة يوما من أيام الأسبوع.. حتى الظهر وتعود إلى حالة الإنكفاء المعهودة فيها الدكاكين وبعض شوارع وكم هو صغير.. تلك الذرة ومجموع “السعسع” وهي تأكل جذع شجرة البسباس الأخضر.
تداعت المرأة الملهوفة على المستغيث المنادي في أطراف الليل والنهار النائي بنفسه بعيدا وقريبا.
الرامي بنفسه في بحار “المكالف المليحات” الداعجات العيون يظل طوال العمر المحسوب في لوح القدر خادما لتلك “اللعنة الأبدية” التي عجنت قلبه بطحين الحب الكاذب والسراب الخادع.
تداعت المرأة.. وتساءلت وارتجف القلب هلعا.
هل هو الطاهش بالحقيقة والوجود الذي أخذ الطفل الحبيب.
أو هو سمك القرش وحوت “اللخام” تلك الملاسة والانسياب العظيم وهو يندفع مطاردا فريسته على إيقاع الدم.
هل هو القدر الغاضب هل هو المصير المحتوم لكل أولئك الذين يعبرون الدرب فترتعش القلوب لمرآهم وينشد بعد ذلك الشعراء الجوالين والفنانين قصة “روميو وجولييت” قصة “هيلين وحرب طروادة” من فم الدهر المغني “الدودحية اليمنية” وأين بندقك يا حسن¿
والرقصة الزبيدية التي تحمل فيها الراقصة في “الشرح” مشقر الريحان وفي يدها اليمنى تحمل “مبخرة” يطير منها دخان البخور ويحترق عود الند في مفرق الشعر.. ويطير القلب هباء أحبت وماتت قبله حينها كان يتشكل وجهه من بين الرماد.